توقع خبراء اقتصاد أن تؤثر الأحداث السياسية والأمنية، التي شهدتها مصر خلال اليومين الماضيين، على مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ال 4.8 مليار دولار، مرجحين أن تشهد مصر تخفيضًا جديدًا بتصنيفها الائتماني حال استمرت حالة عدم الاستقرار. وشهدت مصر خلال اليومين الماضيين اشتباكات دامية في القاهرة وعدة محافظات في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، وعلى خلفية صدور حكم قضائي بإحالة 21 شخصًا إلى المفتي في قضية مجزرة استاد بورسعيد، اسفرت عن مقتل وإصابة المئات. وقال طارق حلمي، الخبير المصرفي والعضو المنتدب لأحد البنوك المصرية الكبرى سابقًا: إن حالة عدم الاستقرار ستحمل تاثيرًا سلبيا على مفاوضات مصر مع قرض صندوق النقد الدولي الذي يركز على عنصر الاستقرار، لضمان استغلال الأموال التي يقدمها بشكل صحيح، وأن يبدأ البرنامج الإصلاحي للحكومة ذاته والذي لايتوقع أن يبدأ في ظل هذه الظروف. وأعدت وزراة المالية المصرية برنامجًا إصلاحيًا، تسعى لتحقيقه خلال العام المالي الحالي، تستهدف فيه ترشيد الدعم خصوصًا المخصص للمواد البترولية وزيادة حصيلة الإيرادات الضريبية وتقليل عجز الموازنة العامة للدولة. وتوقع حلمي تخفيضًا جديدًا بتصنيف مصر الائتماني حال استمرت الأحداث السايسية، التي تشهدها مصر حاليًا لمدة أطول، مشيرًا إلى أن العديد من الدول العربية قرنت تقديمها مساعدات إلى مصر بحصول الأخيرة على قرض صندوق النقد الدولي. كان الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، قد أعرب في تصريحات على هامش منتدى دافوس الاقتصادي قبل يوم واحد من ذكرى ثورة يناير، عن اعتقاده بأن المفاوضات الجارية بشأن قرض صندوق النقد الدولي لمصر على وشك الانتهاء، مضيفا أن الأمر قد لا يستغرق أكثر من أسبوعين حتى يتم الاتفاق على موعد وصول بعثة صندوق النقد الدولي لمصر. وأكد الدكتور يحيي أبو طالب، أستاذ المالية العامة بجامعة القاهرة، أن الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والأمنية ستؤثر على مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي، وقد تدفع بالصندوق للتعنت وفرض شروط قاسية، مشيرًا إلى أنها ستضعط أيضًا على سعر صرف الجنيه الذي ينتظر القرض بفارغ الصبر لكي يبدأ في استعادة توازنه. وشهدت الجنيه تراجعًا حادًا أمام الدولار ليسجل أدنى مستوياته فيما يزيد على 10 سنوات، منذ أن استحدث البنك المركزي في نهاية ديسمبر الماضي آلية طرح عطاءات بالعملة الصعبة بهدف إلى إبطاء نزيف احتياطيات النقد الأجنبي التي وصلت لمستويات حرجة. كما رجح أبو طالب إمكانية حدوث تخفيض للتصنيف الائتماني لمصر مما يزيد من أعباء سداد مصر لديونيها الخارجية، موضحًا أن تراجع سعر صرف الجنيه سيؤدي لارتفاع الاسعار ويدخل البلاد في دائرة جهنمية، مشيرًا إلى أن برنامج الحكومة الإصلاحي "بين نارين" لأن أي شروط جديدة ستؤثر على الأوضاع المجتمعية. ووضعت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، في 17 يناير الحالي، تصنيف سندات الحكومة المصرية "B2" قيد المراجعة لخفض محتمل في التصنيف بسبب حالة عدم التيقن بشأن الأوضاع السياسية في البلاد ومدى قدرة مصر في الحصول على تمويل دولي، بينما تقيم وكالة "ستاندرد آند بورز" مصر حاليا عند "-B" مع نظرة مستقبلية سلبية، كما تقيمها فيتش عند "+B" مع نظرة مستقبلية سلبية أيضًا. وأيد فؤاد شاكر، رئيس اتحاد المصارف العربية السابق، الآراء السابقة، مشددًا على أهمية عنصر الاستقرار بالنسبة لصندوق النقد الدولي، محذرًا من آثار حالة العنف التي تشهدها البلاد وغياب هيبة الدولة والقانون وانهيار منظومة القيم، لافتًا إلى أن تاثيرها على الأوضاع الاقتصادية بشكل عام يتعلق بمداها الزمني. وخفض وزير الاستثمار أسامة صالح، في تصريحات صحفية بعد الأحداث التي شهدتها مصر خلال الساعات الماضية، توقعاته بشأن معدل النمو الاقتصادي للعام المالي الحالي 2012-2013 ليبلغ 3% مقابل 3.5% في البرنامج الاقتصادي للحكومة الذي تستهدف تحقيقه.