لن يكون بوسع المسيحيين العراقيين في مدينة الموصل إحياء مراسم أعياد الميلاد مثل أقرانهم في دول العالم داخل الكنائس والأديرة، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في المدينة، وخشية تعرض المسيحيين لأعمال عنف من قبل الجماعات المسلحة، التي تنشط في مدينة الموصل. وقال المطران لوقا الثاني من دير متى شمالي مدينة الموصل لوكالة الأنباء الألمانية: "ستقتصر مراسم الاحتفال هذا العام على قرع الأجراس فجر يوم 25 من الشهر الجاري وهذا الشيء الوحيد الذي لا نستطيع الاستغناء عنه تضامنا مع جميع الكنائس في العراق والعالم أجمع لنعلم الناس أنه اليوم الأول من أعياد المسيحيين والمسيح والتي تعودت عليها جميع شرائح المجتمع". وأضاف أن "المراسم الأخرى غيبت في مدينة الموصل بسبب العمليات الإجرامية التي تطال المسيحين قبل كل عيد لهم ومع استقبال عشية أعياد الميلاد وأننا اليوم وحرصا على أبناء طائفتنا المسيحية سنكتفي فقط بدق أجراس الكنائس فجر يوم غدا الثلاثاء". واختفت طقوس أعياد المسيحيين في مدينة الموصل، التي اعتادت عليها شوارع المدينة بالأعوام الماضية بتزيين الأشجار والنشرات الضوئية بالقرب من الكنائس وأديرة العبادة الموزعة في مدينة الموصل ابتهاجا بأعياد مولد المسيح وتستمر حتى فجر اليوم الأول من بداية أعياد رأس السنة الميلادية الجديدة. وقال القس أبلحد أدور من كنيسة الطاهرة وسط الموصل: إن "المدينة تشهد اليوم الاثنين إجراءات أمنية مشددة مع تكثيف حركة الدوريات العسكرية في محيط الكنائس والأديرة و الأحياء التي يقطنها المسيحيون في الموصل ". وأضاف أن "الإجراءات الأمنية اضطرت الكثير من العوائل المسيحية إلى ترك منازلهم والذهاب إلى منطقة سهل الموصل ذات الغالبية المسيحية، من أجل إقامة مراسم أعياد الميلاد بهدوء وأمن". وحسب مصادر أمنية فإن مدينة الموصل شهدت أوسع عمليات لاستهداف المسيحيين من قبل الجماعات المسلحة وعلى التوالي خلال الأعوام من 2006- 2011، حيث قتل 13 قسا و64 شابا و14 شابة وثلاثة أطفال وأثارت الرعب بين العوائل، ما اضطر أكثر من سبعة آلاف منهم إلى مغادرة المدينة إلى مناطق أكثر أمنا في منطقة سهل الموصل وكردستان وبغداد وإلى خارج البلاد. وقال الفريق الركن باسم الطائي، قائد العمليات الأمنية في الموصل، في تصريح صحفي إن قيادة عمليات الموصل قامت بنشر قوات أمنية إضافية بالأحياء التي يقطنها المسيحيون في مدينة الموصل تزامنا مع أعياد الميلاد وزجت العناصر الأمنية من جيش وشرطة في الأحياء، التي تقطنها العوائل المسيحية الباقية في مدينة الموصل، التي لم تغادر إلى سهل نينوى خشية وقوع عمليات مسلحة تطال المسيحيين والكنائس في المدينة. وأضاف أن "قوات أمنية وصلت إلى الكنائس خشية وقوع انفجارات تطال بيوت العبادة تزامنا مع أعياد المسيحيين في المدينة فجر يوم غد الثلاثاء". واعتاد العراقيون من الأديان والمذاهب الأخرى إلى مشاركة المسيحيين في احتفالاتهم بأعياد الميلاد والسنة الجديدة من خلال تقديم الهدايا وشراء الزينة وشجرة الميلاد ودمى بابا نويل لكن أعمال العنف اضطرتهم إلى أخفاء جزء من هذه المراسم والاقتصار على أحيائها في المنازل من دون الظهور في الأماكن العامة والحدائق والمطاعم. وتضم مدينة الموصل أقدم الكنائس والأديرة في العراق منها كنيسة اللاتين ،التي بناها الرهبان الدومنيكان عام 1893، وكنيسة الطاهرة التحتانية، التي شيدت عام 1743 ودير مار كوركيس ودير مار ايليا ودير مار متى، الذي يعود إلى القرن الرابع الميلادي ودير الحب الذي يعود إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر للميلاد.