احيا مئات المسيحيين العراقيين صباح الجمعة الذكرى الاربعين لمقتل 46 شخصا في مجرزة كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد وسط دعوة بطريرك الطائفة لتكون دماء "الشهداء تطهيرا لخطيئة العالم الكبرى". وقال بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان الذي حضر من لبنان خصيصا للمشاركة بالجناز "نريد ان تكون صلاتنا احتفالا بعرس سماوي لان دماء الشهداء ستطهر خطيئة العالم الكبرى". وتابع "كنا دائما نبث فيكم الامل ان الله لن يتخلى عن هذا الوطن الجريح وسيصبح ابناؤه في لحمة المحبة والمودة ولم يخطر ببالنا ان نأتي اليوم لكي نقاسمكم الامكم بهذه الفاجعة المريعة التي حدثت بهذه الكنيسة الجريحة". واضاف ان "المجزرة اودت بحياة كاهنين شابين وعشرات المؤمنين من اطفال وعرائس وامهات واباء كانوا يصلون لكي يعود هذا البلد الى سابق مجده (...) لا نستطيع ان نتجاهل حقيقة ان الايدي المنفذة للجريمة وجهتها عقول مدربة اعمتها الكراهية." وكان عدد من المسلحين اقتحموا الكنيسة الواقعة في حي الكرادة، وسط بغداد، وقتلوا 44 من المصلين بالاضافة الى كاهنين. وقضى في الاعتداء الذي اعلنت شبكة القاعدة مسؤوليتها عنه سبعة من عناصر الاجهزة الامنية فضلا عن المهاجمين وعددهم خمسة، بحسب مصادر في الشرطة. وتجمع المصلون وغيرهم من المشاركين وسط اجراءات امنية مشددة واغلاق الطرق المؤدية الى الكنيسة الواقعة في حي الكرادة في وسط بغداد. وشارك في الجناز عدد كبير من الشخصيات السياسية والدينية ابرزها رئيس المجلس الاسلامي الاعلى عمار الحكيم، ونائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي وسفراء اجانب. ورفع بعض الشبان امام مدخل الكنيسة لافتات تطالب ب"التوقف عن قتل المسيحيين" ومعرفة "نتائج التحقيقات". ووضعت صور القتلى امام المذبح في الكنيسة التي لا تزال جدرانها ونوافذها وسقفها وابوابها تحمل اثار الرصاص والقنابل الناجمة عن الهجوم في 31 تشرين الاول/اكتوبر، وكان الاشرس الذي يتعرض له المسيحيون منذ سقوط النظام السابق العام 2003. كما تم تعليق ثوبي الكاهنين على اطراف المذبح. من جهته، قال الاب الدومينيكاني امير جاجي لفرانس برس ان "الاوضاع صعبة جدا لان المسيحيين يعيشون ازمة عميقة". واضاف ردا على سؤال "لا نعتقد ان الاطمئنان موجود فالاعتداءات ما تزال مستمرة". بدورها، قالت هنادي هيثم من جوقة الكنيسة انه "امر محزن للغاية". واضافت الفتاة التي عملت مع الاب وسيم، احد الكاهنين اللذين قضيا في الاعتداء "افقتده كثيرا، لكنني اشعر بوجوده الى جانبي دائما. كان يعتني بالجميع كبارا وصغارا وبالمرضى ايضا". من جانبه، قال سالم ابلحد بطرس ( 46 عاما) عم الاب ثائر الذ قضى في الاعتداء ايضا "ثائر اصبح قديسا اليوم، ووصلت شهادته الى العالم اجمع". واضاف "سنبقى في العراق، لاننا ملتزمون بوطننا وبديننا". بدوره، قال الاب نبيل ياكو "احاول تعزيز معنويات الناس (...) انها ليست مسالة وقت، لكنها مسألة فقدان شخص عزيز. هذه المراسيم ستجعلهم اقوى". اما ندى وديع داوود الموظفة في البرلمان، فقالت "اعتقد ان المسيحيين افاقوا من هول الصدمة اليوم، كانت جريمة ضدهم وضد جميع المسيحيين في العالم، مراسم الجنازة تجعلنا اقوى لانها ستدفع بكثيرين الى البقاء في العراق اخلاصا للكنيسة." واضافت "جميع المسيحيين على اقتناع بان مصيرنا القتل بسبب ديننا كلنا ننتظر هذا اليوم، كلمات يسوع المسيح تحققت حين قال +سوف تضطهدون بسببي+ و هذا ما يحدث لنا". ويتعرض المسيحيون العراقيون منذ اسابيع لاعمال عنف دامية تدفع بالعديد منهم الى مغادرة بلدهم، حيث يعيشون منذ بدء المسيحية قبل الفي عام تقريبا. واخر الاعتداءات مقتل عجوز وزوجته في بغداد قبل اربعة ايام. كما لقي ستة من المسيحيين مصرعهم واصيب 33 اخرون بجروح في سلسلة اعتداءات في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر. كما قتل ما لايقل عن خمسة اشخاص في منطقة الموصل خلال الاسابيع الماضية. ومنذ العام 2004، تعرضت حوالى 52 كنيسة وديرا لهجمات بالمتفجرات كما لقي حوالى 900 مسيحي مصرعهم فضلا عن اعمال خطف طالت المئات منهم لطلب فدية. وكان عدد المسيحيين في موئلهم التاريخي يتراوح بين 800 الف ومليون ومئتي الف قبل الاجتياح الاميركي ربيع العام 2003، وفقا لمصادر كنسية ومراكز ابحاث متعددة. ولم يبق منهم سوى اقل من نصف مليون نسمة اثر مغادرة مئات الالاف منهم، كما انتقل بضعة الاف الى مناطق آمنة في شمال البلاد مثل سهل نينوى واقليم كردستان.