الصدمة والإحباط عاملا مشتركان فى تفاعل بعض القوى السياسية مع خطاب الرئيس مرسي الذى ألقاه مساء أمس، حيث بدا أن سقف توقعات الجميع وطموحاتهم صدم بما اعتبروه نسخة مكررة من خطابات مبارك الأخيرة فى تجاهله لمطالب الشارع. غريب وصادم وغير متوقع..هكذا وصف محمد القصاص، عضو الهيئة العليا لحزب التيار المصرى وعضو ائتلاف شباب الثورة خطاب الرئيس، مضيفا "شعرت كأننا نستمع إلى خطاب رئيس حزب الحرية والعدالة وهو ينعى شهداء جماعة الإخوان المسلمين، للأسف الخطاب يقلب المواطنين على المتظاهرين ويستعدى غير المنتمين للإخوان، ويهدد المعارضة ويزرع الفتنة..الخلاصة الخطاب كله موجه للإخوان وليس للشعب المصرى". تابع القصاص مستنكرا"لقد كنت فى موقع الأحداث وشاهدت من يطلق عليهم الإخوان"بلطجية" هناك الكثيرون منهم رفقاء ثورة وميدان ف رامى صبرى، ويحيي زكريا، ليسوا بلطجية، وكيف يحل أعضاء الجماعة محل الأمن ويمنحون أنفسهم الحق كى يعتدوا على المئات من هؤلاء الشباب ويعتقلوا العشرات منهم ويمارسون ضدهم أساليب التعذيب ويستجوبوهم دون وجه حق ولا يتم تسليمهم للشرطة إلا بعد ساعات مصابين بإصابات بالغة، ويتجاهل الرئيس هذا؟". أشار عضو الهيئة العليا للتيار المصرى إلي أنهم طالبوا الرئيس بتأجيل الاستفتاء حتى منتصف يناير المقبل إلا أنه لم يستجب، مستنكرا تعهده شفاهية بعدم استخدام المادة السادسة إلا فى أعمال السيادة المحصنة أصلا بالقانون دون حاجة لإعلان دستورى، متسائلا " لماذا لم يصدر بهذا قرار أو إعلان دستوري مكمل إذن؟". وأكد أن المناخ الحالى لا يسمح بتهيئة وضع ديمقراطى وحوار مجتمعى حتى يتمكن الناخب من اتخاذ موقف سياسي واضح من مشروع الدستور، مستنكرا دعوة الرئيس للحوار فى ظل تحديده لسقف هذا الحوار مسبقا برفضه مطالب الشارع واستمرار العمل بالإعلان الدستورى المرفوض والاستفتاء على الدستور، معتبرا أنها ليست دعوة جادة، لافتا إلى أن الحزب لم يحسم أمره بعد من مقاطعة الاستفتاء أو الحشد للتصويت ب "لا". لم يبتعد كثيرا شهير جورج، عضو المكتب السياسي لحزب "مصر الحرية" ومتحدثه الرسمى حيث وصف الخطاب ب "كارثى بلا رؤية يعمق من الأزمة"، معتبرا أنه لم يقدم حلولا بقدر ما برهن على أن الرئيس ليس رئيساً لكل المصريين وأنه رئيس لجماعته فقط، مشيرا إلى أن الخطاب كان موجها للإخوان وتجاهل تماما اعتداءاتهم وتجاوزاتهم ضد المتظاهرين والمعتصمين السلميين. أضاف جورج مستنكرا "لقد استبعد الرئيس قوات الأمن من المشهد وأطلق العنان لأنصاره لحمايته وحماية قصره من مؤامرة مجهولة لا يعرف عنها أحد شيئا إلا هو وجماعته ويرفضون الكشف عن المتورطين فيها، ولم يعصم دماء شعبه فسقطت شرعيته وخرج يخطب فينا ويتوعد كمسئول أمام جماعته وحزبه وليس مسئولا أمام الشعب بكل فئاته وانتماءاته". وأعرب المتحدث الرسمى للحزب عن رفضه للاعتبار دعوة الرئيس للحوار دعوة جدية لكونها محددة السقف مسبقا على عكس رغبات الشارع من جهة ، ومن جهة آخرى لأن موعدها يتزامن مع بدء الاستفتاء على الدستور المرفوض فى الخارج، مما اعتبره اختزالا مهينا للديمقراطية فى التصويت. أكد جورج أن الديمقراطية ليست مجرد أصوات فى صندوق بل توفير مساحة ملائمة لكل التيارات المختلفة لتعبر عن نفسها وتعمل وهو ما لا يسمح به المناخ الحالى الغير ملائم لإجراء أى عملية انتخابية خاصة بعد سقوط ضحايا وازدياد الاحتقان السياسي، و إصرار القضاة والدبلوماسيين على رفض الإشراف عليه، واشتعال حدة الاستقطاب، مما يجعله مناخا غير آمن لإجراء الاستفتاء. ولفت إلى ن موقف الحزب من الاستفتاء سيتحدد بعد اجتماع مرتقب لمكتبه السياسي لإعلان الموقف رسميا. اتفق معهم مدحت الزاهد، المتحدث باسم التحالف الشعبي، مضيفا:الرئيس يدعو لحوار طرشان ويطبق مبدأ أنا لا أكذب ولكنى أتجمل"، معتبرا الدعوة للحوار مجرد" ديكور بروتوكولى زائف" لالتقاط الصور مع المعارضين ، " مضيفا لقد استخدم نفس مفردات مبارك فى خطاباته الأخيرة حول المؤامرة والطابور الخامس دون أدلة، لذا أعتقد أن الهجوم على المعارضة وتوجيه تلك الاتهامات الزائفة مجرد سحابة سوداء لتمرير القرارات الاستبدادية التى أصدرها أخيرا والدستور المشوه لذى لا يعبر إلا عن تيار واحد فقط". واعتبر المتحدث الرسمى للحزب أن الخطاب يكرس للفرقة والإنقسام ولا يشير إلى أن الرئيس استوعب درس سابقيه، وأنه لا يقرأ المشهد وما يحدث فى مصر مؤخرا، محذرا من استمرار حدة الاشتباك فى المجتمع ومن طاقة الغضب التى تزداد يوما بعد يوم لدى شباب الثورة الذين شاهدوا رفقائهم يموتون أمامهم من أجل دولة ميدان التحرير، ولم يجدوا أمامهم سوى مستقبل مرعب لدولة الهيمنة والإقصاء باسم الدين. ولفت الزاهد إلى أن هذا الشباب إذا ما شعر بأن النخب والقيادات تقف فى طريقه فسيطيح بها جميعا ويستكمل ثورته، محذرا الرئيس من اللحاق بمصير مبارك. من جانبه اعتبر عمرو عيسى، الأمين العام لحزب العدل أن الخطاب حوى بعض الإيجابيات مثل إلغاء الإعلان الدستورى أيا كانت نتيجة الاستفتاء، وتعهد الرئيس بعدم استخدام المادة السادسة إلا فى قرارات السيادة، مبديا تحفظه على دعوة الحوار بسبب تزامنها مع الاستفتاء على الدستور فى الخارج، مشيرا إلى أن الحزب لم يقرر بعد موقفه منها. وأشار إلى أن الحزب لم يحسم موقفه بعد من الاستفتاء خاصةأن الأسبوع المتبقى لا يكفى للحشد، مرجحا أن يكون الاتجاه للمقاطعة، لافتا إلى عقد اجتماع مقترب للمكتب السياسي واللجنة العليا لحسم الموقف.