فى ظل ارتفاع أسعار زيوت الطعام على المستوى العالمى، تظهر الحاجة لأهمية العمل على زيادة الإنتاج المحلي من الزيوت، خصوصًا أن مصر تقوم باستيراد أكثر من 90% من احتياجاتها، التى تتراوح بين 1300– 1500 طن سنويًا. فبعد هدنة دامت قرابة عامين.. عادت أسعار زيوت الطعام للارتفاع، حيث وصل سعر لتر الزيت إلى 10 جنيهات للخليط ومن 11 إلى 12 جنيهًا للتر زيت عباد الشمس، بينما يزيد سعر زيت الذرة ب 3 جنيهات للتر الدكتور سامي رضا، عميد معهد دراسات وبحوث المحاصيل الزيتية بالمركز القومي للبحوث الزراعية، يرى أن هناك حقيقة يُندي لها الجبين، وهي ضآلة إنتاجنا من الزيوت المحلية، رغم أن المناخ في مصر أنسب ما يكون لزراعة المحاصيل الزيتية، فعباد الشمس يزرع 3 عروات، والكانيولا في الشتاء والفول السوداني في الصيف والصويا أيضًا، ونسبة الزيوت المستخرجة من هذه المحاصيل مرتفعة للغاية ويؤكد الدكتور رضا أن هناك مجموعة من المشكلات، التى تواجه إنتاج الزيوت فى مصر، منها أن الفلاح قبل أن يزرع هذه المحاصيل لابد أن يُبرم اتفاقًا مع أحد المصانع، التي تعصر هذه المحاصيل لاستخراج الزيوت منها ، وأيضا مع انخفاض المساحات المنزرعة بالقطن من 2 مليون فدان إلى 150 ألفًا، تلاشت أهمية هذه البذرة كمصدر للزيوت، مشيرًا إلى أن هناك محاصيل غنية بالزيوت مثل عباد الشمس، الذي يعطي نسبة تتراوح مابين 38 إلى 40 % من الزيوت، وكذا الكانولا التي تعطي نسبة تصل إلى 50% من حجم المحصول، مؤكدًا أن المصانع في مصر بدأت تتجه إلى الزيوت التصنيعية، مثل السمسم والفول السوداني. ويضيف رضا أن المَعاصر، التي كانت تستخرج الزيوت من المحاصيل، تمَّ إغلاقها نتيجة الإجراءات المطولة والمعقدة لتسلم هذه المحاصيل من الفلاح، مما جعله يحجم عن زراعتها. ومما زاد من تفاقم المشكلة، كما يقول الدكتور عز العرب أبو ستيت، عميد زراعة القاهرة، أن معدلات الاستهلاك للزيوت زادت بين المصريين بسبب الزيادة السكانية والعادات الغذائية، مما خلق هذه الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك، ويجري سدها من خلال الاستيراد. ويشرح أبو ستيت أن الكانيولا يعد من المحاصيل الزيتية التي تنتج كميات كبيرة من الزيوت، ويزرع في فصل الشتاء، ورغم ذلك زراعته لم تنتشر في مصر، بسبب صعوبة تسويقه، بل وأثبتت الأبحاث إمكانية زراعته في الأراضي الجديدة، لكن بعض المعتقدات الخاطئة، كانت وراء عدم إقبال المصريين علي شراء هذا النوع من الزيت، بدعوى أنه يسبب أمراضًا خطيرة وهي أفكار خاطئة، لأنه الأكثر استخدامًا في عدد من الدول المتقدمة، التي تحرص علي زراعته . وأوضح أبو ستيت أن محصول الذرة أقل أنواع المحاصيل إنتاجية للزيوت، حيث يحتوي على نسبة كبيرة من النشا والكربوهيدرات، علاوة على أنه يستخدم كخليط مع القمح، لإنتاج الخبز، كما أنه مستخدم للعلف للحيوانات والطيور. الدكتور سعيد الباجوري، أستاذ زراعة أشجار الزيتون بزراعة القاهرة والمشرف علي تنفيذ مشروع كاليفورنيا لزراعة أشجار زيتون زيتية علي مستوى محافظات مصر، فيقول: "إنه يوجد مساحة تقدر ب 140 ألف فدان تزرع بأشجار الزيتون، معظمها يستخدم لتصنيع المخللات، ونسبة ضئيلة للغاية لإنتاج زيت الزيتون لا تتعدى ال 4 آلاف طن سنويًا، معظمها يصدر للخارج بأسعار مرتفعة قد يصل سعر الكيلو إلى 60 جنيهًا، والغرض من مشروع كاليفورنيا استيراد شتلات من أشجار الزيتون الزيتية، التي تزرع على مياه الصرف، حيث إن نسب التلوث الموجودة في مياه الصرف لا تصل إلى الزيوت المستخلصة من هذه الشتلات، لكنه أوضح أن ضخامة الاستثمارات، التي تتطلبها شتلات الأشجار الزيتية المتمثلة في المعاصر وخطوط الإنتاج ستجعل المزارعين يميلون إلى زراعة أشجار الزيتون المستخدم كمخللات، حيث أجريت عدة أبحاث في 5 مزارع علي مستوى مصر من بينها سيناء، وقد ثبتت صلاحية زراعتها هناك. ويرجع المهندس أيمن قرة، رئيس شعبة الزيوت النباتية بغرفة الصناعات الغذائية ذلك إلى عوامل الطقس السيئة كالثلوج والسيول الشديدة والنادرة على الدول المنتجة لهذه الزيوت، مثل البرازيل والأرجنتين أكبر دولتين مصدرتين للزيوت. وكانت أسعار الزيوت عالميًا في سبتمبر الماضي قفزت من 850 دولارا للطن إلى حوالى 1240 دولارًا، ويؤكد قرة أن المتغيرات الدولية السياسية والمناخية تؤثر على أسعار الزيوت، لأن هناك بورصة في شيكاغو وماليزيا تقومان بتسعير الزيوت، علاوة على وجود مضاربات علي أسعار الزيوت، نتيجة انخفاض أسعار الفائدة علي اليورو والدولار، حتى أن المضاربين يقرأون الأحداث العالمية ويُسعِّرون هذه السلعة وفقًا لتقديراتهم، والأدهى من ذلك أن الزيوت تستخدم كوقود حيوي، لذا فهي ترتبط بأسعار البترول ارتفاعًا وانخفاضًا.