التاريخ يعيد نفسه.. والوجوه تتقابل ثانية.. وسيناريو الأحداث يسير بخطة ثابتة نحو تكرار ما حدث قبل عام في هذا المكان.. إذا كنت ممن عايشوا أحداث شارع محمد محمود فى بدايتها 19 نوفمبر العام الماضي.. فلا داعي لأن تذهب ثانية إليه هذه الأيام لتتعرف على ما يجرى هناك. أرجع فقط بذاكرتك للوراء عام مضى.. وتذكر التفاصيل .. سوف تجد نفسك تختبئ من تراشق الحجارة والغاز المسيل للدموع.. لأن هذا ما يشهده المكان نفسه الآن. "التاريخ يعيد نفسه" بشكل يرعب ويخيف كل من يمر من هناك، باستثناء من شاركوا فى الأحداث العام الماضي ولم يستطيعوا المشاركة هذه المرة.. لا شيء سوى أنهم استشهدوا في مشاركتهم الأولى.. ربما ستقابل هناك الأشخاص نفسها. مشاهد الكر والفر بين المتظاهرين هذه المرة هي نفسها، مع اختلاف بسيط، وهو تخلى الشرطة عن استخدام أسلحتها، وفضلت عليها استخدام سلاح المتظاهرين وهو الحجارة والمولوتوف وسلاحها الخاص (القنابل المُسّيلة للدموع).. لكن المحصلة النهائية واحدة.. ضحايا من الجانبين.. ودماء تسيل للمرة الثانية على أرض ارتوت وشبعت من قبل بدماء مئات الضحايا والشهداء فى هذا الشارع. ما بين قنابل غاز مسيلة للدموع، وأصوات تراشق الحجارة، وأعمدة دخان تتصاعد بسبب اشتعال زجاجات المولوتوف وإطارات السيارات، يعيش المتظاهرون في شارعي محمد محمود، ويوسف الجندي من وهما من أهم الشوارع التي ارتبطت بثورة 25 يناير، أحداث أعادت للذاكرة أجواء عاشتها مصر فى 19 نوفمبر الماضي. ولكن بعد أن خيم الحزن والأسى على قلوب المصريين بسبب حادث قطار منفلوط بأسيوط، تصاعدت حدة وتيرة أحداث شارع محمد محمود والتي تحولت من فعاليات لإحياء الذكرى الأولى للاشتباكات التي شهدها شارع محمد محمود بين قوات الشرطة والجيش والمتظاهرين في العام الماضي والتي أودت بحياة عشرات المتظاهرين وإصابة المئات، إلى ما يشهده الشارع الآن. في البداية، قام عدد من المتظاهرين المشاركين في الفعاليات بوضع الكمامات والأقنعة على الأفواه والوجوه في إشارة إلى الغاز الذي استخدم ضد المتظاهرين، وكذلك وضع عُصابات على أعينهم كتبوا عليها: "جدع يا باشا"، وهي المقولة التي قالها أحد الجنود لضابط بعدما أصاب أحد المتظاهرين في عينه خلال الأحداث العام الماضي. وتحول المشهد إلى سابق عهده ولكن يبدو أنه لم يدرك أي من الجناة بعد، أن في مصر قضايا أخرى تحتاج أن نسلط الضوء عليها ويستمر نزيف الدماء على أسفل الوطن.