حاصرنا خطاب التطرف والكراهية وأعلينا من قيمة الاعتدال والوسطية والحريات الدينية لا نفرق بين الدين والسياسة لكن بين الذين يؤسلمون السياسة نعمل على تأسيس مناهج دراسية جديدة تواكب المرحلة وترسخ للتعايش والسلام رحب وزير الشئون الدينية والأوقاف السودانى، الدكتور نصر الدين مفرح، بإنشاء مركز عالمى لحوار الأديان مقره القاهرة، واعتبره بداية للمشروع الكبير الذى يحلم به كل المسلمين فى العالم، فهو يرى أن الأمة العربية والإسلامية عانت كثيرًا من خطاب الكراهية والتشدد، ولابد من وجود حائط صد لمثل هذه الجماعات التكفيرية. تولى د. مفرح وزارة الأوقاف منذ فترة وجيزة وواجهته العديد من التحديات أهمها سيطرة الجماعات التكفيرية على مساجد الأوقاف وفساد كبير فى قطاع الحج والعمرة، سعى لعلاج أدلجة الخطاب الإسلامى بثلاثة طرق نوضحها فى الحوار التالي، كان أول من دعا اليهود الذين هاجروا إلى السودان للعودة إلى وطنهم، وهذا التصريح أثار جدلا واسع النطاق.. التقيناه فى القاهرة وجاء هذا الحوار: • بداية كيف ترى توصيات حوار الأديان والثقافات الذى نظمته "الأوقاف المصرية" أخيرًا والإعلان عن مركز إنشاء عالمى لحوار الأديان مقره القاهرة؟ التوصيات كانت محل احترام وتقدير، هى توصيات عميقة تواكب متطلبات المرحلة وهى من صميم ما ناقشناه فى الأوراق البحثية فى المؤتمر، وقد أفلح الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف المصرى، فى الإعلان عن المركز العالمى لحوار الأديان، كضربة بداية للمشروع الكبير الذى يحلم به كل المسلمين فى الوطن العربى وفى إفريقيا، فى أن يكون هناك ملتقى أو مركز كبير يجمع كل الحضارات الإنسانية، وهى واحدة من التوصيات العميقة التى ندعمها ونقف معها . • لماذا شددت فى كلمتك خلال المؤتمر على أهمية وجود حائط صد لمواجهة خطاب الكراهية والإرهاب ونبذ العنف؟ نعم، لأننا تأذينا كثيرا من الخطاب المتشدد التكفيرى، خطاب الكراهية الذى يفرق ولا يجمع، وأعتقد أن وجودنا كعلماء ووعاظ ومؤسسات دينية ترعى مصالح العباد والأمة، أنه لابد من إيجاد آلية تكون حائط الصد بيننا وبين هؤلاء المتشددين، الذين يبثون الكراهية بين المجموعات الإسلامية والأديان والمكونات الأخرى، نحن عانينا من خطاب الكراهية أكثر مما تأثر به العالم، كذلك كان محل التشديد على هذا الأمر، وهذا واحد من المطالب القوية التى ينبغى أن ننتبه لها. • إلى أى مدى أثر الحوار (إيجابا) فى الجدل الدائر فى بين المكونات الدينية كالصوفية والجماعات السلفية وأنصار السنة والختمية لديكم ؟ فيما بين المكونات الدينية مثل الصوفية والجماعات السلفية، وأنصار السنة والختمية، كان هناك علو للخطاب المتشدد، لكن مع اندلاع الأحداث التى شهدها السودان، تم الإعلان عن مبدأ الوسطية والاعتدال وأدب الاختلاف وإدارة التنوع وإعلاء قيمة الحوار بين الناس بأدب واحترام لكل مكونات المجتمع السودانى، لأنه مجتمع متنوع. من هذا المنطلق ومنذ عام ونصف العام على اندلاع هذه الأحداث لم يكن هناك خطاب تكفيرى، ولم يعد هناك خطاب تطرف أو تشدد إلا قليل جدا، أعتقد أنه ما بين الجماعات الصوفية والسنية الآن هناك احترام كبير أطلقنا عليه ملتقى الفئة والطوائف، ومؤتمر تجديد الخطاب الإسلامى، وكله يتحدث عن أدب الحوار والاعتدال والوسطية الدينية ومحاربة التطرف ومناهضة الإرهاب. • كيف عالجت "أدلجة الخطاب الإسلامى" الذى اخترقه النظام السابق؟ عالجنا أدلجة خطاب الإخوان بثلاث أسس؛ الأول حاصرنا خطاب الغلو والتطرف والكراهية، الثانى فككنا خطاب الحركة الإسلامية، والثالث أعلينا من قيمة الاعتدال والوسطية والحريات الدينية. • طيلة الوقت تتحدث عن جدلية العلاقة ما بين الدين والسياسة؟ لا نستطيع أن نفرق بين الدين والسياسة، لأن السياسة التى تبنى على الأخلاق مكون أساسى للدين الإسلامى، عندما نتحدث عن السياسة نتحدث عن العدل والشورى وسيادة حكم القانون، كذلك عندما نتحدث عن السياسة الشرعية للإسلام نتحدث عن العدل والمساواة والتعايش، أعتقد أن العلاقة منسجمة جدا ما بين السياسة والدين، حينما تكون السياسة مبنية على الأخلاق والقيم، فهذا هو الدين، وعندما تتحدث عن الدين القيم تتحدث عن السياسة الشرعية التى تسوق الناس للقيم والمحبة والمساواة والعدل، لذلك لا نفرق بين الدين والسياسة، لكن نفرق فقط بين الذين يؤسلمون السياسة. • لك تصريح أثار الجدل وهو دعوة اليهود للتعايش فى السودان؟ نحن فى السودان عندنا طوائف متعددة فيها الأقباط والأغاريق والمسلمون والمسيحيون وغيرهم، وقد تمت ممارسة خطاب التشدد والغلو وخطاب العنف السياسى عليهم، وهناك فئات هربوا بأموالهم وأنفسهم وتركوا بيوتهم وديارهم، من هنا دعيت كل السودانيين بمن فيهم اليهود للعودة إلى السودان.. كما دعونا كل المجموعات الأخرى التى تحمل الجنسية السودانية بالعودة إلى وطنهم، وهذا ما نحلم به. • توليت الوزارة منذ فترة قريبة واجهتك العديد من التحديات منها العقار الوقفى والفساد فى قطاع الحج والعمرة.. كيف تعاملت مع كل هذه التحديات؟ من التحديات التى واجهتنا بعد خطاب الغلو والتطرف، ملف الحج والأوقاف التى تم التعدى عليها من أفراد ومن جماعات الحركة الإسلامية، عندما أعطوا أعيان الحركة الوقفية لأفراد، أو سلموها إلى منظمات الحركة الإسلامية، وهذه الملفات كلها معقدة، لكن استطعنا بقوة الإرادة وبشجاعة استخراج الصكوك التاريخية، وشكلنا لجنة إزالة التمكين عبر لجنة الفحص بالوزارة، واسترددنا 48 عقارا وقفيا، والآن لدينا 25 قضية فى 25 عقارا وقفياً جديدة لاستعادتها من براثن الحركة الإسلامية التى كانت تحكم السودان. • ماذا عن لجنة إزالة التمكين، وما دورها؟ هى لجنة مكونة بقانون عبر مجلسى السيادة والوزارة، أنشئت لتستعيد كل الأموال المنهوبة والأصول المتحركة، هذه اللجنة عملت بجد واجتهاد واستعادت ما يعادل 370 مليون دولار لصالح الأوقاف كأراض وأصول وقفية. • ما دور مركز أبحاث الرعاية والتحصين الفكرى فى مواجهة الجماعات الإرهابية؟ هذا المركز أنشئ خصيصا للحوار مع الجماعات الإرهابية، لأنه مع القبضة الأمنية يجب أن يكون هناك حوار جاد ومراجعات فقهية وفكرية لمن يحملون هذه الفكرة الشائنة التى لا تمت إلى الدين بصلة، هذا المركز أنشئ خصيصا لأمر يتعلق بمحاربة الإرهاب ومناهضة الفكر العنيف. • بالنسبة للمناهج الدراسية وتجديد الخطاب الدينى، ما جهودكم تجاه تعديلها؟ من آليات التغيير وتجديد المناهج الدراسية، وأغلبها كان مؤدلجا لصالح تنظيم الحركة الإسلامية والإخوان، أعتقد أن هذه الفترة استطاعت وزارة التربية والتعليم أن تعمل اختراقا لتأسيس منهج جديد، يواكب متطلبات المرحلة ويؤسس للتعايش والسلام بين المجموعات ويحترم السلام بين المجموعات فى السودان ويواكب متطلبات العصر والعولمة، صحيح كانت هناك لخبطة فى المنهج، لكن رئيس الوزراء أصدر قرارا بمراجعة كل المناهج التى كتبت حديثا، والحمد لله اللجنة خرجت بتوصيات كبيرة، وبعض الدروس والمناهج تسير كما أسس لها وبعضها يراجع فى العام المقبل. • ماذا عن دور وزارة الأوقاف فى التصدى للجماعات التى تتشكل تحت مسميات جديدة؟ نعم هناك جماعات تتشكل، جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة، وجماعات التيار الإسلامى كل مرة تأخذ اسما جديدا، وهى جماعات لم تعد تعمل على السطح، لأن أغلب الناس المنتمين إليها من جماعات الحركة الإسلامية، وقد تم حصار أغلب هذه المؤسسات، كما تم تفكيك مجالسها، وقد ألغينا أكثر من عشر مؤسسات كلها كانت تتبع النظام البائد. • ما خطتكم بعد رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟ عندنا خطة إستراتيجية مبنية على الاعتدال والوسطية ومناهضة التطرف وإدارة التنوع والتعايش السلمى بين الناس، وكل هذا فى إطار المبدأ العام للحريات الدينية، من هذه البوابة يمكن أن نكون قد أفلحنا فى كثير من خطتنا الإستراتيجية التى وضعناها. • شددت على ضرورة الاهتمام بدور المرأة.. هل تطبق تجربة مصر فى السودان، التى تتمثل فى وجود المرأة الواعظ؟ نحن نقدر دور المرأة وجهودها فى الدعوة فى السودان، وأن تصبح داعية ولها دور فى الدعوة، آن الأوان بعد هذه التجربة المصرية الواضحة أن نعيدها مره أخرى فى السودان، عندنا آلاف النساء مهتمات بالدين، لكن النظام البائد هضم حقهن فى التدريب للوصول إلى مشتركات الدعوة مع الرجال.