أكد الدكتور أحمد النور محمد، مفتي تشاد، أن مواجهة التطرف والتشدد، تعد أهم التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في الوقت الحالي. وقال في حوار مع «الأهرام» إن مصر هي الأقدر والأجدر علي حمل قضايا الأمة الإسلامية، وشدد علي ضرورة التواصل مع الغرب، وبيان أن الإسلام هو دين التسامح والتعايش السلمي، وأن التصرفات التي تقوم بها الجماعات المتطرفة، تتعارض مع تعاليم الشريعة الإسلامية، كما أوضح أن المساجد هي خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف، وأن المؤتمرات التي تعقدها المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي تلعب دورا في إلقاء الضوء علي قضايا الأمة الإسلامية، وتقدم الكثير من الحلول للمشكلات والأزمات التي نعانيها منها، وأهمها قضية التطرف .. وإلي نص الحوار . ماذا عن أوجه التعاون بين تشاد والمؤسسات الدينية فى مصر؟ مصر الأزهر هى الأجدر على حمل قضايا الأمة الإسلامية، ولها دور كبير فى نشر الوسطية والاعتدال، من خلال الكتب المترجمة التى تبين سماحة وعظمة الإسلام، وهناك تواصل مع المؤسسات الدينية فى مصر، للاستفادة من كبار العلماء والدعاة، ولدينا تواصل مع وزارة الأوقاف المصرية، وقد شاركت فى مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والذى عقد بالقاهرة فى شهر فبراير الماضي، وكانت هذه المشاركة بناء على دعوة كريمة من وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وهذا دليل على مدى التواصل والاستفادة من جهود الأوقاف المصرية، فى مواجهة الفكر المتشدد، ونتابع دائما المطبوعات التى تصدرها الأوقاف، وخصوصا فى مجال تصحيح المفاهيم. الحديث لا يتوقف عن تجديد الخطاب الديني، كيف ترى هذه القضية؟ هى قضية مهمة للغاية للأمة الإسلامية، ونؤكد أن التجديد واقع بالفعل، فهناك الكثير من المؤتمرات العالمية، التى تعقدها المؤسسات الدينية فى العالم الإسلامي، وهذه المؤتمرات ناقشت قضايا تجديد الخطاب الديني، وقام العلماء والدعاة من مختلف الدول العربية والإسلامية، بتقديم الأبحاث المتميزة فى القضايا المختلفة، كما أن قضية التجديد نفسها، كانت محورا أساسيا للنقاش فى العديد من المؤتمرات، ووزارة الأوقاف المصرية عقدت المؤتمرات حول تجديد الخطاب الديني، وهذا يعنى أن علماء الأمة يدركون حجم التحديات والمسئوليات، لكن الأمر الأهم هنا عند الحديث عن تجديد الخطاب الديني، أن نركز على مواجهة التطرف والتشدد، لأن كل الأزمات التى نتعرض لها، هى نتيجة للتطرف والتشدد والانحراف الفكري، فالتجديد يعنى مراعاة الواقع وعلاج المشكلات التى تحدث فى الوقت الحالي. ما أهم الموضوعات التى يجب أن يركز عليها الخطاب الديني؟ الخطاب الدينى يجب أن يركز على القضايا التى تبين سماحة وعظمة الإسلام، وأنه دين التسامح والتعايش السلمي، وأن يعمل الخطاب الدينى على نشر الوسطية والاعتدال والثقافة الإسلامية الصحيحة، والرد على الأكاذيب التى تطلقها الجماعات المتطرفة، وبيان أن تصرفات هذه الجماعات تتناقض مع تعاليم الإسلام، وأرى أن عرض سماحة الإسلام والتواصل مع الأقليات الإسلامية فى الخارج من أهم الواجبات حاليا، وذلك حتى لا نترك الساحة لأعداء الإسلام، الذين يسعون دائما للربط بين الإسلام والإرهاب . وكيف ترى أفضل سبل مواجهة التطرف والإرهاب؟ أرى أن المؤسسات الدينية الرسمية فى العالم الإسلامى تتحمل مسئولية تصحيح المفاهيم، والتواصل مع الشباب، وبيان أن الإٍسلام هو دين السلام والتسامح والتعايش السلمي، كما أن مسئولية مواجهة التطرف، ليست مقصورة على المؤسسات الدينية فقط، والمؤتمر الدولى للمجلس الأعلى للشئون الإٍسلامية، والذى عقد فى القاهرة أخيرا، أكد دور القادة وصانعى السلام فى مواجهة الإرهاب، وهذا يؤكد أن مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف تحتاج إلى تنسيق وتعاون بين المؤسسات الدينية والشبابية والثقافية والإعلامية، وذلك حتى نحصن الشباب المسلم ضد الأفكار المتطرفة، التى تتنافى مع تعاليم الشريعة الإسلامية. وماذا عن دور المؤتمرات الدينية فى توعية الشباب المسلم؟ هذه المؤتمرات لها دور كبير فى مناقشة قضايا الأمة الإسلامية، وعندما تعقد مثل هذه المؤتمرات فى مصر بلد الأزهر، فإن الفائدة تكون أوسع وأشمل، لأن مصر هى الأجدر على الدفاع عن الإسلام والمسلمين، وعلماء مصر لهم مكانة كبيرة لدى أبناء العالم الإسلامي، كما أن مؤتمر وزارة الأوقاف المصرية الأخير، شهد حضورا متميزا من العلماء والوزراء والمفتين من مختلف الدول العربية والإسلامية، وقد صدرت عن المؤتمر توصيات، هى خلاصة الأبحاث المتميزة التى قدمها العلماء، وتمثل بالنسبة لنا خطة لمواجهة التطرف والإرهاب، ونحن فى تشاد نستفيد من مثل هذه المؤتمرات التى تعقد بمصر، وننفذ هذه التوصيات وننقلها إلى المسلمين فى بلادنا. الجماعات الإرهابية تسعى للسيطرة على فكر الشباب، من خلال التفسيرات الخاطئة للنصوص، كيف يمكن المواجهة؟ الإٍسلام هو دين التسامح والتعايش السلمي، وتصرفات الجماعات الإرهابية المتطرفة لا تعبر عن الإٍسلام، ورغم أن هذه الجماعات ترفع شعارات دينية فإن تصرفاتها تخالف تعاليم الشريعة، فالإسلام يأمر بالبر والإحسان والعدل، والحق سبحانه وتعالى يقول فى القرآن الكريم «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» الآية (8) سورة الممتحنة، وأفضل رد على هذه الجماعات يتمثل فى بيان سماحة الإسلام، وأن نحذر الشباب من السير وراء هذه الأفكار المتشددة، التى لا تعبر عن منهج الإسلام الوسطي، لأن الإسلام دين الرحمة، والحق سبحانه وتعالى يقول فى القرآن الكريم «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» الآية (107) سورة الأنبياء، لكن هذه الجماعات تفسر النصوص بشكل خاطئ، وتستغل عاطفة الشباب وتسعى للتأثير عليهم. البعض فى الغرب يستغل تصرفات هذه الجماعات المتطرفة ويربط بين الإسلام والإرهاب؟ الإسلام هو دين السلام والرحمة والتعايش السلمي، ولا علاقة له بالإرهاب أو العنف أو التشدد، والغرب يعلم تماما أن الإسلام بريء من هذه التصرفات، وأن هذه الجماعات المتطرفة لا تعبر عن الإسلام، وهى تتاجر بالدين، وترفع شعارات دينية، لكن أفعالها تخالف تعاليم الشريعة الإسلامية، فالإسلام لا يأمر بالقتل، ولا يأمر بالتخريب، لأنه دين البناء والتعمير، وينبغى أن يكون ذلك واضحا أمام الشباب، كذلك لابد أن تقوم المؤسسات والمنظمات الإسلامية الرسمية بالتواصل مع الغرب، وتصحيح المفاهيم وبيان هذه الحقائق، وأن نقدم لهم مواقف من التاريخ الإسلامي، تبين عظمة الإسلام، وأنه دين التسامح والتعايش السلمى وقبول الآخر.