تستمر رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس كافة إلى ما بعد البعث، إلى يوم القيامة، ومن صور رحمة النبى يوم القيامة موقف الشفاعة لعموم الخلائق كى يحاسبو، وقد صور لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حال الناس فى ذلك الموقف أبلغ تفسير فقال: «يجمع الله الناس الأولين والآخرين فى صعيدٍ واحدٍ، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم، فيقول بعض الناس لبعضٍ: عليكم بآدم فيأتون آدم فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك، فيقول آدم: إن ربى قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهانى عن الشجرة فعصيته، نفسى نفسى نفسي، اذهبوا إلى غيري، فيأتون نوحًا فيقول: نفسى نفسى نفسي، اذهبوا إلى غيري، فيأتون إبراهيم، فيقول: نفسى نفسى نفسي، اذهبوا إلى غيري، فيأتون موسى فيقول: إن ربى قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنى قد قتلت نفسًا لم أؤمر بقتله، نفسى نفسى نفسي، فيأتون عيسي، فيقول عيسي: نفسى نفسى نفسي، فيأتون رسول الله، فيقولون: يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، فأنطلق فآتى تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي ، ثم يفتح الله على من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحدٍ قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطي، واشفع تشفع، فأرفع رأسى فأقول: أمتى يا رب، أمتى يا رب، أمتى يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب.