توسع مجال استخدام الخط العربي ليكون فناً خاصاً بذاته وليس وسيلة للتواصل فقط، وساعدت جمالية وانسيابية حروفه على إبداع فنانيه الذين طوعوه من خلال أقلام مختلفة حتى وصل إلى 14 نوعا منها سبعة رئيسية ، ولكل منها صفاته وقلمه الخاص. جذب هذا الفن الفريد محمود إبراهيم سلامة منذ نعومة أظافره حتى لُقب "شيخ الخطاطين المعاصرين"، وُلد سلامة في 1 مايو 1919 بقرية المسلمية في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، التحق بكتاب القرية بعمر الأربع سنوات تلقى تعليمه الأولي، حيث بدأ ينمق الخط ويجوده باستخدام أدواته: اللوح الصفيح، القلم، المحبرة، التحق بعده بمدرسة التحضيرية للمعلمين بالزقازيق، ثم مدرسة المعلمين الأولية بالزقازيق لمدة عام لإغلاقها، انتقل مع بعض الطلبة إلى القاهرة في عام 1935م لاستكمال دراسته، حيث اكتشفه مدرس اللغة العربية والخط، ووجهه إلى الالتحاق بمدرسة تحسين الخطوط الملكية 1936م، فتتلمذ على يد الخطاط مصطفى غزلان، والأستاذ سيد ابراهيم الذى عرفه على أسرار الخط، وتخرج منها الأول على دفعته في 1939م ، ثم حصل على دبلوم التخصص والتهذيب 1941م، انضم لفريق الجمباز ليساعده في الالتحاق بالجامعة وتعرف فيه على الإخوة رضا اللذين ساعداه على تعلم اللغة الإنجليزية خلال شهرين، ثم تقدم لامتحان الابتدائية وحصل عليها في 1942م وكان ترتيبه الأول، ثم حصل على الثقافة في 1948م، ليلتحق بكلية التجارة ويتخرج فيها عام 1952م. عمل بعد تخرجه مدرساً بمدرسة بوزارة التربية والتعليم بسرايا القبة، ثم لفترة كاتب بمكتب النائب العام بباب الخلق، ثم التحق بالعمل الصحفى مسئولاً عن القسم الفني وكتابة عناوين المانشيت في عدة صحف بدأها بجريدة الكتلة ثم الزمان، الأساس، فمجلة التحرير وأخيراً بجريدة الجمهورية 1954م، حيث شارك فى إعداد العدد التمهيدى لها واستمر فيها حتى سن المعاش 1979م، وكتب بها أهم منشتاته الصحفية أيام العدوان الثلاثى (سنقاتل، سنقاتل، سنقاتل) باللون الأحمر، وقابل الرئيس جمال عبد الناصر فى مكتب رئيس تحرير جريدة الجمهورية آنذاك المرحوم حسين فهمى لإطلاعه على مانشيت الجريدة، فقال جمال عبد الناصر لرئيس التحرير: (هذا هو الخط الذى أريده). أُعير إلى ليبيا للعمل في جريدة الفجر الجديد ثم انتقل إلى مجلة الأطفال الأمل وظل بها 11 عاما، وبناء على تكليف أمانة العدل بليبيا كتب مصحفه الأول برواية قالون عام 1983م، وآخر برواية ورش 1985م في مصر، ثم خط مصحف ثالث برواية ورش للجزائر 1988م، ورابع برواية قالون لليبيا 1992م وكلها بخط النسخ، وأخيراً مصحفين بخط الثلث برواية حفص عن عاصم أحدهما بحجم خاص 100سم *70سم الورقة كامله ثُلث ملون والذي عكف عليه بعد أن بلغ 95 عاماً، وهو الخطاط المصري الوحيد الذى كتب المصحف الشريف بهذا الخط، وبذلك أصبح شيخاً للخطاطين على مستوى العالم أجمع. شارك في معارض وملتقيات الخط داخل مصر و خارجها من اللوحات الخطية، واعتبر إن الخط العربي فن تشكيلي من الدرجة الأولى، كما كتب لوحات فيلمى الرسالة وعمر المختار، أعد 7 كتب تعليمية بسبع أنواع من الخطوط (النسخ، الرقعة، الثلث، الديواني، الكوفي، الجلي الديواني). حصل على العديد من الجوائز والتكريمات منها 4 جوائز من الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية "أرسيكا"، وكُرم في الملتقى الأول لكتابة المصحف الشريف بالمدينة المنورة بوصفه أكبر خطاط في العالم الإسلامي، وكرمه معهد المخطوطات العربية فى 17 ابريل 2016، كما حصل على الإجازة فى كتابة الخط العربى من كبير الخطاطين الأتراك، توفى فى 6 أكتوبر2017م، ونعاه وزير الثقافة المصرى حلمى النمنم.