د. إسلام عوض ما الهدف والحكمة من الصيام، وما الذي يعود على الصائمين من الجوع والعطش؟ وللإجابة على هذا السؤال علينا أن نراجع قول الله سبحانه وتعالى في سورة الزمر: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). فقد أجابنا الله سبحانه وتعالى أن الحكمة والهدف من الصيام هي "التقوى"؛ فالصيام يعلم الإنسان ويدربه على التقوى التي تحميه من ارتكاب المعاصي والذنوب. ولكي يحقق الصائم التقوى الحقيقية؛ ليحصل على ثمرة الصيام؛ فيجب عليه إذا صام أن تصوم كل جوارحه وحواسه؛ فيصوم سمعه عن التجسس على خلق الله، ويصوم بصره عن رؤية ما حرم الله، ويصوم لسانه عن الغيبة والنميمة والكذب وقول الزور، وتصوم يداه عن البطش؛ وقال "صلى الله عليه وسلم": (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده)، قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أيضًا: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه). وإذا صام المسلم فيجب أن تصوم قدماه عن المشي في أي طريق يغضب الله، وألا يمشي بهما إلا لقضاء حوائج الناس، أو للسعي على رزقه بالحلال. والصوم يقي المسلم ويعينه على غض بصره وحفظ فرجه، ولذا قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ - وفي رواية أخرى - فإنه له وقاء). والصوم الحقيقي هو الذي يقترن بالآداب والفضائل ومكارم الأخلاق، التي قصر سيدنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بعثته عليها حينما قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وإذا صام المسلم فليكن عليه وقارٌ وسكينةُ وراحة واطمئنان، فهو يؤدي أسمى فريضة وهي فريضة الصوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به.. إلى آخر الحديث) رواه البخاري ومسلم. إن تقوى الله هي المخرج الحقيقي للمسلم من كل ما يحيط به من متاعب وصعوبات، ويقول الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ). اللهم اجعلنا من المتقين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.