"أنا صائم"، كلمة أصبحت تعني الخمول والكسل، فبعض الصائمين يحولون شهر رمضان من شهر الصوم والعبادة، إلى شهر الكسل والخمول والهروب من واجباتهم الوظيفية بالتكاسل عن العمل، حيث يتخذون الصيام ذريعة لتعطيل أعمالهم ومصالح الناس، وهو ما يتعارض مع فريضة الصوم، فالعبادة والعمل في الإسلام قيمتان متلازمتان، فالعمل عبادة يسعى بها المسلم إلى إرضاء ربه. وشرع الله سبحانه وتعالى الصيام لتقوية إرادة وعزيمة المسلم، وترويض نفسه وتعويدها على الصبر ولتحمل ولأداء ما عليه من عبادات دينية والتزامات دنيوية، على أكمل وجه وفي أشد الظروف وأصعبها، وقد فطن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، وأدركوا جوهر الصيام، فارتبط رمضان لديهم بأشق ألوان العمل، وهو الجهاد، وكان شهر رمضان موسما للانتصارات الإسلامية الكبرى، منذ غزوة بدر، وفتح مكة، حتى انتصار أكتوبر المجيد. "بوابة الأهرام" تستعرض فيما يلي خطوات التغلب على الكسل والخمول في شهر رمضان المبارك، كما نوضح حكم الشرع في من يتكاسل عن العمل متخذا الصيام ذريعة. انتصارات شهر رمضان يؤكد الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، أن شهر رمضان يرتبط منذ القدم بالعمل والإنتاج وتحقيق الانتصارات، منذ غزوة بدر الكبرى ومرورا بانتصار أكتوبر المجيد، إلى ما نراه الآن من شق الترع وحفر القنوات وبناء الكباري والطرق والمدن الجديدة بكافة ربوع مصر. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نرى البعض يتكاسل عن العمل والإنتاج في نهار الشهر الكريم، متخذا من الصيام وحرارة الجو مبررا لذلك، وهو ما نتحفظ عليه، حيث يؤكد استشاري الصحة النفسية ل "بوابة الأهرام"، أن هذا سلوك غير مرغوب فيه ولا يتماشى مع أحكام الصيام في هذا الشهر الفضيل، فالإنسان الذي يتكاسل في الصيام هو في الأصل إنسان اعتمادي كسول لا يعطي إنتاجا، ولا يسعى إلى التفوق أو النبوغ، وضعيف في المشاركات الاجتماعية. نصائح نفسية ويوضح أن هؤلاء يتخذون شهر رمضان لإلقاء سلوكهم التكاسلي والاعتمادي عليه، لذا فإنه ينصح من الناحية النفسية، حينما ينوي الإنسان الصيام أثناء تناول وجبة السحور فعليه أن يستنفر طاقته السلبية ويستثير دوافعه الداخلية في أن يكون صيامه مجاهدا للنفس، وحسها على العمل والإنتاج، وليس صيام النوم والامتناع عن الأكل والشرب فقط. وينصح الدكتور وليد هندي، بشرب الماء بغزارة في الفترة ما بين الفطور والسحور لإعطاء الطاقة اللازمة لجسم الإنسان وعدم شعوره بالعطش، مع تناول المشروبات ذات السعرات الحرارية العالية، كقمر الدين، والخروب، والدوم، لتغذية الجسم بالمواد الكربوهدرائية والتي تساعد على إعطاء الطاقة وبذل الجهد، كما لا ينصح بتناول الطعام بكثرة سواء على الإفطار والسحور حتى لا يصاب الإنسان بالتخمة، فيتكاسل ويعجز عن القيام بمهامه الاجتماعية والعملية والوظيفية. تنظيم اليوم وقبل القيام بكل هذا، يؤكد أنه على الإنسان أن يقوم بتنظيم ساعات يومه في رمضان لعدم الإخلال بإيقاع الساعة البيولوجية في الجسم، فليس من المعقول أن يصبح نهار الإنسان ليلا وليله نهارا، فالإسلام دين يجمع العمل والعبادة معا، بل إن العمل هو جزء أصيل من العبادة والتعبد إلى الله. روشتة لعلاج الكسل ومن الناحية الدينية، يؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، أن رمضان هو شهر الطاعات والعبادات، وخاب وخسر من لم يتقرب إلى الله في تلك الأيام المعدودات. ووضع عدد من النصائح التي يجب اتباعها للتغلب على هذا الكسل في العبادة والعمل، فيما يلي: 1- الابتعاد عن الذنوب كلما ابتعد الشخص الذي يشعر بالكسل عن أداء العبادات والتي منها العمل، عن الذنوب والتقصير في حق الله كلما يسر الله له النشاط والقرب من الله، استدلالا بقول الله تعالى: " وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا".
2- عدم التسويف لابد من عدم التسويف والتأخير أو انتظار الغد لفعل ما نريد من خير وأعمال، فالتسويف من عمل الشيطان، ولهذا إذا أراد الإنسان الذي يعاني من الكسل إصلاح هذا الأمر فلتكن البداية من يومك هذا دون تأخير. 3- الدعاء على الشخص الذي يعاني من الكسل في أداء العبادات بهذا الدعاء، فعن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ».