بالنسبة لأوروبا، يعتبر الاتفاق النووي الإيراني قصة طويلة ذات حبكات درامية كثيرة بدأت بالفخر وتحولت إلى مرارة ثم إلى أمل متجدد وصولا إلى الإحباط. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، حاولت القوى الأوروبية الكبرى دعم الاتفاق المبرم في 2015، إلا أن جهودها كللت بالفشل خاصة بعد الانسحاب الأمريكي منه عام 2018. لكن طلب إيران مؤخرا من الدول الأوروبية الوساطة لعودة الولاياتالمتحدة إلى طاولة المفاوضات واستجابة واشنطن لنداءات الكتلة، يؤكد أنه يجب على الأوروبيين التخلي عن موقفهم السلبي من الأزمة خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. بين عامي 2003 و2015 ، لعبت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة دورًا مهمًا في تسهيل الدبلوماسية النووية بين الولاياتالمتحدةوإيران واستثمرت رأس مال سياسي ودبلوماسي كبير للتأكد من أن إيران أعطت ضمانات يمكن التحقق منها بشأن الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. عندما تم التوقيع على الاتفاق في 2015، كان بإمكان الأوروبيين أن يزعموا بشكل عملي أنهم أعطوا دفعة لطموح الاتحاد الأوروبي في أن يكون لاعبا أمنيا ذا مصداقية. لكن السهولة النسبية، التي أهدرت بها إدارة ترامب سنوات من الجهود الدبلوماسية، جاءت بمثابة تذكير مؤلم بقدرة أوروبا المحدودة على تشكيل الأحداث. لكن مساعي القوى الأوروبية لتطبيع العلاقات الاقتصادية مع طهران وفر لإيران حافزًا لعدم السعي للحصول على أسلحة نووية. وبالتالي، فإن تراجع جهود أوروبا باعتبار أنها أصبحت غير فعالة هو أمر غير دقيق. لأن الأوروبيين، في دفاعهم عن الاتفاق النووي، احتفظوا بجسر دبلوماسي لإعادة الارتباط بين الولاياتالمتحدةوإيران. اليوم، يحتاج الأوروبيون إلى تحديد مسار مشترك مع إدارة بايدن وبسرعة، فينبغي عليهم توجيه إحباطهم، إزاء التهرب الإيراني وبحث أمريكا عن دورها القيادي، إلى مطالب أو ضغوط وجداول زمنية ملموسة للعودة المتسلسلة إلى الامتثال الكامل من قبل جميع الموقعين. علاوة على ذلك، لا يكفي أن تعمل أوروبا خلف الكواليس، إذ يجب عليها أن تفوز في الخطاب العام، خاصة في ظل احتدام الجدل اللا نهائي بين طهرانوواشنطن.