أحمد عبدالتواب المؤكد أن انخراط أساتذة الجامعة في العمل السياسي إضافة مهمة للعمل العام، خاصة لقدرتهم على الارتقاء بالحوار الدائر، وعلى الأخصّ لترويجهم للمنهج العلمي، ولتأصيل التحرز قبل اتخاذ القرار..إلخ، وقد أفادوا مصر كثيراً طوال القرن الماضي ولا يزالون.
ولكن هذه القاعدة العامة مشروطة بأن يكون الأستاذ من المدارس التي تطورت عبر التاريخ التعليمي وتجاوزت أشياء عفى عليها الزمان كانت تفترض أن التعليم في اتجاه واحد من الأستاذ إلى تلاميذه، بعد أن أثبتت التجارب أنه من الوارد أحياناً أن يستفيد الأستاذ من تلاميذه النابهين الذين يطرحون أفكارًا لامعة، أو يسألون أسئلة ذكية تفتح للأستاذ مجالات مبتكرة جديرة بالبحث.
أضِف أيضاً أن خروج الأستاذ إلى العمل العام، ليفيد بعلمه، يتطلب منه أن ينمي مهارات الساسة، وأن يتذكر أن الواقع السياسي لن يقبل منه أن يُبدِى أنه يحتكر الصواب، أي أن عليه أن يتواضع بإبداء أنه، على كل أفضاله في القدرة على تحديد الصواب، أو قل ترجيحاته، يتطلب منه أن يطوِّر مهارة اختيار التوقيت الأفضل للقرار، حيث التعجل يجهضه، والتباطؤ ينسفه، وفى كل الأحوال، عليه أن ينمي مهارة أن يتمثل الآخر ومواقفه وردود أفعاله المحتملة..إلخ.
وخُذْ عندك العاصمة الإدارية التي يعترض عليها بعض الأساتذة ويقولون إن هذا ليس توقيتها، دون اعتبار للاتفاق العام في الحياة السياسية والفكرية منذ أكثر من نصف قرن، الذي لم يخرج عليه صوت مُعتَبَر، على وجوب الإسراع بالخروج من الوادي الضيق وإنشاء تجمعات سكنية في الصحراء لحل مشاكل الاكتظاظ السكاني، ولم يكن التأجيل إلا بسبب افتقاد التمويل. الأستاذ المعترض هنا خبير نظريًا بمشاكل الاكتظاظ وتبعاتها، ولكنه يفتقد ما يراه السياسي من علامات على انفجار وشيك.
أساتذة آخرون يرون أنه، ما دام أنهم لم يشاركوا بأشخاصهم، فهذا يعني انعدام الخبراء، وأن القرار خضع لشخص واحد! فإذا كانوا يتحسسون من مشاركة الجيش بخبراته لاعتبارات تخصهم، فهم ينفون الخبرة والفهم عن حشود المتخصصين من الوزارات المختلفة ومن الشركات الأجنبية وشركات القطاعين العام والخاص وأساتذة زملاء لهم..إلخ!