فى كل يوم أصبحت وسائل الإعلام تفاجئنا بفضائح وجرائم عصية على فطرة الإنسان، لكن كشفت هذه الوقائع للأسف عن حقيقة أرواح مهترئة، وعقول باطنة تمرست على القبح، ونسيت أو تناست أن تربى جيلًا على الأخلاق الحميدة والعادات المصرية الأصيلة، بدعوى مشاغل الدنيا وصراعاتها التى سلبت موهبة الحب وشنقت أحلام الغد بواقع صادم، فجعلتنا نلتحف بالحزن والقلق. ومن ثم صارت الحاجة مُلحة لبرمجة عقلنا الباطن على الإيجابية والنفع حتى نُلجم مثل تلك الممارسات، والعقل الباطن هو الجزء الذى يُخزن المعلومات ويُعيدها إلى العقل الواعى عند الحاجة إليها، ومن ثم فهو المحرك الحقيقى للأحداث، والموجِّه لسلوكاتنا، بحسب التجارب السابقة التى يُخزنها، حيث يقيس عليها ثم يُحدد، فى كثير من الأوقات، ردة الفعل دون أن يستشير الوعى. من أجل ذلك كانت برمجته غاية مهمة فى طريق إعادة الإنسان إلى رشده، غير أن تلك الغاية تحكمها قوانين يعمل العقل الباطن فى إطارها، فكل ما تفكر فيه يتسع وينتشر من نفس نوعه ويُضيف إليه كل ما هو مثله، فلو فكرت فى الحقد سيتسع الحقد ويُضيف عليه الكره، فيتولاك التوتر، وتركيزك فى شيء يجعل عقلك يلغى ما دونه ليفسح المجال لتعطيه حقه فى التركيز، فإذا ركزت على السعادة فسوف تغمرك الإيجابية، وسيلغى عقلك كل ما يدعو إلى التعاسة. إن نظرتك للعالم الخارجى هى انعكاس لما بداخلك، لأن الحياة انعكاس لأفكارنا ومعتقداتنا، فإذا أردت عالمًا جميلًا فاجعل ما بداخلك إيجابيًا، وتأكد أن كل ما تفكر فيه ينجذب إليك، وكل ما تعتقد فيه سيتحقق، مَهْما تأخرت النتيجة، فالاعتقاد هو القوة الراسخة التى تدعم الأفكار التى تختارها وتحقق النتائج وتجعل حياتك مرآة لفكرك، وتذكر أن النتيجة من جنس الفعل، فلو أردت أن تكون ناجحًا فافعل كل ما يقربك من النجاح، ثق بنفسك واجعل الأمل مدادًا لجهدك، حينها ستبلغ وتنتصر. إننا فى حاجة إلى التمرس على الإيجابية، وذلك لن يتحقق إلا بالتكرار، تلك الطريقة القادرة على برمجة العقل الباطن نحو الأفضل، فتعلُّم الشيء وإتقانه يولد من رحم التكرار، حيث تتراكم المهارات فى الملفات الذهنية الخاصة بها وتساعد الإنسان على التقدم والتطور، وتلك قاعدة نفسية معتبرة "أن ما تمارسه يوميًا سوف تتقنه بكفاءة عالية"، فعندما تمارس الكُره ستكره كل شيء، تعانى نزيفًا داخليًا، وتصبح عاجزًا عن التواصل مع الآخر. وعندما تمارس الغضب ستثور لأتفه الأسباب، ومن ثم فأرواحنا فى حاجة لممارسة الطمأنينة لتنعم بالسكينة، وقلوبنا فى حاجة لممارسة الحب لتفيض سعادة، وأمنياتنا فى حاجة لممارسة الأمل لتُحقق الإنجاز، وجهودنا فى حاجة للثقة بأنفسنا لتبلُغ النجاح. لذلك نحن فى حاجة لأن نسمح لمشاعرنا أن تنمو تجاه كل ما هو إيجابي، وأن تبتعد عن الرؤى السلبية التى تتلاعب فى خيالنا وتمزق حبال أعصابنا، وذلك لن يتحقق إلا إذا استمررنا فى تخيل أحلامنا وتصورها حتى تصبح شاخصة على أرض الواقع، وفكرنا فى كل جميل لينطبع أثره بداخلنا فنرى ما حولنا يفيض جمالًا. نحتاج فيض حب من نبع رائق، حتى لا نتضاءل كقطرة ماء فى متاهة بحر، أو نصبح دمى خشبية تحركها خيوط القبح من وراء ستار المسخ، فالحب قرار، والسعادة قرار والكُره قرار، والتعاسة قرار، فاصنع قرارًا يعبر عما بداخلك، حينها سترى الدنيا بعين قرارك، وراقب عاداتك لأنها مرآة شخصيتك التى ستحدد مصيرك، وتذكر أنه لا قيمة لوجه جميل بروح خبيثة.