ولد الشاب حمادة إسماعيل، ابن قرية أبو صير الملق بمركز الواسطى بمحافظة بني سويف، كفيف البصر، ولكن شاء الله تعالى أن يرزقه ببصيرة قوية جعلته يتحدى الظلام، فقد أدرك مبكرا أن النور مكانه القلوب، ورغم كف بصره إلا أنه تمسك بشعاع الأمل القادم من الأعماق، ليُصبح معجزة حقيقة تحتاج لتفسير في تصليح أعطال "السوفت وير" بأجهزة الكمبيوتر واللاب توب.. في السطور التالية التقيناه لنتعرف على تجربته عن قرب، فكان هذا الحوار: في البداية، يقول حمادة، أنا خريج كلية الآداب قسم الاجتماع، جامعة بني سويف، ولم أترك الجامعة، حيث أعمل بها وأذهب إليها يوميا بمفردي، وشغلى فى الجامعة عبارة عن تقديم كورسات للمكفوفين في مجال إصلاح وصيانة أجهزة الكمبيوتر التى يوجد بها عطل، حيث أعلم الشباب كيفية التعامل مع الكمبيوتر، وكيف نقوم بتفكيكه وتحديد طبيعة الأعطال الموجودة به. وهذا يعتمد بصورة أكبر على حاسة اللمس واختبار ظروف تشغيل الجهاز، لتحديد مكان أو سبب العطل، كما أنني أقدم كورسات متخصصة أيضا في تعليم المكفوفين طريقة الكتابة على ال word وكيفية عمل الجداول وكيف يحفظ المكفوفين لوحة المفاتيح ويتعاملون مع أى عطل مع الجهاز فى المنزل. والحقيقة أن الفضل يعود للسيد الدكتور منصورحسن، رئيس جامعة بنى سويف، والذي أتاح لي فرصة العمل فى الجامعة وأشاد بي في مجال إصلاح الأجهزة. ولا يقوم حمادة بهذا العمل على طريقة الهواة، وإنما ينص عقده مع الجامعة على أنه يعمل "فنى صيانة حاسب آلى"، وفي هذا الإطار يواصل سرد حكايته قائلا: الأعطال المادية التي تحتاج إلى تسخين أو مكوى لا أعمل فيها بطبيعة الحال لأنها تحتاج للإبصار والتركيز ويمكن أن يتسبب الخطأ فيها في حدوث كارثة، ولذلك أنا أشتغل فى مجال السوفت وير والبرمجة وممكن أقطع صوت وأركب صورة على صوت وأكتب على ال word بسرعة عالية جدا، كما أستطيع أن أقوم بتثبيت نسخة ويندوز و"أسطب" أى برنامج للمكفوفين، أيضا أتمتع بحاسة خاصة في استشعار مكونات الكمبيوتر ولذلك أستطيع أن أقوم بتفكيكه قطعة قطعة وأعيد تركيبه مرة أخرى، أيضا أعمل في أحد مراكز المكفوفين والتي نستعين فيها بطريقة برايل حيث نقوم بتجهيز الملفات والأوراق الخاصة التي تساعد المكفوفين على القراءة. الأكثر طرافة في قصة حمادة أنه دخل مجال صيانة الكمبيوتر بالصدفة البحتة، حيث يقول: جاءتني الفكرة عندما تعطل جهاز الكمبيوتر الخاص بي وكنت أريد إصلاحه فقلت لنفسي: لماذا لا أتعلم؟!.. ومن هنا بدأت أكتسب المهارات المطلوبة بالممارسة الذاتية من خلال اليوتيوب وبمساعدة بعض الأصدقاء، كما قمت أيضا بتجميع المعلومات المختلفة من المصادر، وكانت البداية صعبة جدا لدرجة أنني أتلفت أجهزة عديدة حتى نجحت في النهاية في إتقان الصنعة، حيث إنني أقوم بممارسة هذا العمل في قريتي. ولا تتوقف معجزة حمادة إسماعيل عند هذا الحد فقط، وإنما يتمتع بمواهب عديدة، قائلا: بفضل الله أحفظ القرآن الكريم وأقوم بالإنشاد وممارسة بعض الرياضات الفردية، وفى عام 2018 شاركت بمسابقة "الحلم المصرى" تحت رعاية الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، وحصلت على المركز الثانى، كما حصلت أيضا على المركز الأول فى مسابقة الجرى مسافة 100م والتي تم تنظيمها لذوي الهمم.