ارتفاع القيمة السوقية للبورصة إلى 2.3 تريليون جنيه في مايو    المجلس التصديري للأثاث يبحث خطط المعارض الدولية لزيادة صادرات القطاع    عراقجي يؤكد المكانة المهمة للسعودية لإيران: لن نسمح بأي خلل    نتنياهو يعلن قبول مقترح ويتكوف لوقف النار في غزة    باير ليفركوزن يضع شرطًا خاصًا لرحيل فلوريان فيرتز إلى ليفربول    كامل أبو علي يتراجع عن استقالته من رئاسة المصري البورسعيدي    إصابة شخصين في حادث تصادم سيارة ملاكي بعمود إنارة بالفيوم    مصرع طالب سقط في بئر أسانسير ب طوخ    فور ظهورها.. رابط الاستعلام عن نتيجة الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 في البحر الأحمر    قصور الثقافة تختتم عروض مسرح إقليم شرق الدلتا ب«موسم الدم»    رامى عياش يعلن طرحه ألبوم جديد في صيف 2025    وزير الثقافة يلتقي المايسترو سليم سحاب لمناقشة التعاون الفني    تعليقًا على بناء 20 مستوطنة بالضفة.. بريطانيا: عقبة متعمدة أمام قيام دولة فلسطينية    أجمل ما يقال للحاج عند عودته من مكة بعد أداء المناسك.. عبارات ملهمة    الإفتاء: توضح شروط صحة الأضحية وحكمها    مجلس جامعة القاهرة يثمن قرار إعادة مكتب التنسيق المركزي إلى مقره التاريخي    الوزير محمد عبد اللطيف يلتقي عددا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج.. ويؤكد: نماذج مشرفة للدولة المصرية بالخارج    رواتب مجزية ومزايا.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    كلمات تهنئة معبرة للحجاج في يوم التروية ويوم عرفة    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم عقب تعافيه    بالصور- حريق مفاجئ بمدرسة في سوهاج يوقف الامتحانات ويستدعي إخلاء الطلاب    مجلس حكماء المسلمين يدين انتهاكات الاحتلال بالقدس: استفزاز لمشاعر ملياري مسلم وتحريض خطير على الكراهية    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة في شبرا.. صور    بين التحضير والتصوير.. 3 مسلسلات جديدة في طريقها للعرض    دموع معلول وأكرم واحتفال الدون وهدية القدوة.. لحظات مؤثرة في تتويج الأهلي بالدوري.. فيديو    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    إنريكي في باريس.. سر 15 ألف يورو غيرت وجه سان جيرمان    مدبولى يستعرض نماذج استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات الإنسانية    أردوغان: "قسد" تماطل في تنفيذ اتفاق الاندماج مع دمشق وعليها التوقف فورًا    الكرملين: أوكرانيا لم توافق بعد على عقد مفاوضات الاثنين المقبل    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    حملات تفتيشية على محلات اللحوم والأسواق بمركز أخميم فى سوهاج    رئيس جهاز حماية المستهلك: المقر الجديد بمثابة منصة حديثة لحماية الحقوق    كأس العالم للأندية.. إقالة مدرب باتشوكا المكسيكي قبل مواجهة الأهلي وديًا    تمكين المرأة اقتصاديًا.. شروط وإجراءات الحصول على قروض مشروعات صغيرة    مصنع حفاضات أطفال يسرق كهرباء ب 19 مليون جنيه في أكتوبر -تفاصيل    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    رئيس قطاع المتاحف: معرض "كنوز الفراعنة" سيشكل حدثا ثقافيا استثنائيا في روما    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    ندب الدكتورة مروى ياسين مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    ياسر إبراهيم: بطولة الدوري جاءت فى توقيت مثالي    الإسماعيلى ينتظر استلام القرض لتسديد الغرامات الدولية وفتح القيد    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    بنسبة حوادث 0.06%.. قناة السويس تؤكد كفاءتها الملاحية في لقاء مع الاتحاد الدولي للتأمين البحري    الدوخة المفاجئة بعد الاستيقاظ.. ما أسبابها ومتي تكون خطيرة؟    الإحصاء: انخفاض نسبة المدخنين إلى 14.2% خلال 2023 - 2024    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    ياسر ريان: بيراميدز ساعد الأهلي على التتويج بالدوري.. ولاعبو الأحمر تحرروا بعد رحيل كولر    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    حبس شخص ادعي قيام ضابطى شرطة بمساومته للنصب على أشقائه بالموسكي    91.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهرام والثورة
نشر في بوابة الأهرام يوم 27 - 01 - 2021


د. عبد المنعم سعيد
عشر سنوات مضت على ثورة 25 يناير 2011، وأيا ما كان الرأى فيها فإنها باتت واحدة من أيامنا العظمى التى لا يمكن لمؤرخ أن يتجاهلها فى تشكيل ذاكرتنا عن مصر المعاصرة؛ ولا لقانونى أن يغفل عنها فهى واقعة فى مقدمة دستورين يحكمان واقعنا الحالى على المستوى العام أو الشخصي.
لخص صديق أمريكى الموقف عندما سألنى عما إذا كنت فى ميدان التحرير خلال الثورة، وحينما أجبته أننى لم أكن هناك أخذته المفاجأة لأن كل المصريين الذين قابلهم أخبروه بأنهم عاشوا فى الميدان خلال الثورة كلها. تذكرت ساعة رد فعله، أنه فى الذاكرة السياسية الأمريكية فإن هؤلاء الذين لم يحضروا وود ستوك لم يعرفوا الستينيات وما كان فيها من ثورات الطلاب والشباب.
قلت لصديقى فى النهاية إذا كان الوجود فى ميدان التحرير قد أصبح واحدا من مواصفات المصري، فربما يكفى أننى كنت هناك بين عامى 1968 و1973. .فى ذلك الوقت، ربما مثل كل أبناء جيلى ممن انزعجوا بشدة مما جرى فى حرب يونيو 1967، وعقب الهزيمة أصبحت نشطا فى السياسة الثورية محتفظا دائما بهدف أساسى هو تحرير الأراضى التى احتلتها إسرائيل ومحاسبة هؤلاء المسئولين عن الهزيمة عبد الناصر ونظامه. وفى 21 فبراير 1968، ظهرت هذه المشاعر التى شارك فيها غالبية من كانوا فى جيلى عندما انطلقت أولى مظاهرات ضد نظام عبد الناصر. وبينما شاركت فى المظاهرات، والكتابة فى صحف الحائط (لم تكن المدونات ولا الفيس بوك أو التويتر قد ظهرت بعد) وارتبطت بعدد من الجماعات الثورية اليسارية، لم يتغير إيمانى بأن الهدف هو تحرير الأراضى المحتلة. وحتى عندما التحقت مجندا بالقوات المسلحة فى سبتمبر 1970 فقد بقيت مشاركتى فى العمل السياسى الذى أكد ضرورة الانتقام لهزيمة يونيو 1967 وتحرير سيناء. وفى يوم السادس من أكتوبر 1973 عبرت وحدتى قناة السويس فى الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم، وأصبحت على الجانب الآخر داخل الأراضى التى تحتلها إسرائيل فى فجر اليوم التالي. هذا العبور للقناة وضع علامة النهاية على ثورتى الشخصية، والبداية لمستقبلى العملي.
ولكن الحقيقة كانت أننى كنت على أى حال فى ميدان التحرير، أو بالقرب منه طوال أيام الثورة الثمانية عشر. وللدقة، فقد كنت فى مبنى الأهرام الذى يقع فى شارع الجلاء على بعد 500 متر من الميدان أو أقل من 300 متر من ميدان عبد المنعم رياض الذى يعتبر امتدادا لميدان التحرير وعاش فيه من الثوار من لم يجد لنفسه مكانا داخل الميدان الكبير. وخلال مدة الثورة كلها عشت فى مكتبى فى الدور العاشر من مبنى الأهرام حيث كان ميدان التحرير على مرمى حجر، ومن تحتى كان شارع الجلاء وكوبرى السادس من أكتوبر حيث يجرى أهم شرايين المدينة حاملا بشكل مستمر موجات متعاقبة من الثوار. فى ذلك الوقت كنت منزعجا بشدة لأننى فوجئت، ربما مثل كثيرين، بالثورة، ولكننى الآن بعد مضى هذه المدة، وربما بأثر رجعي، ما كان على أن أصاب لا بالمفاجأة ولا بالدهشة. فبحكم منصبى فى إدارة الأهرام حيث كانت تقوم بطباعة 85٪ و90٪ من التوزيع للصحافة المصرية كانت هناك الكثير من المعلومات المنذرة التى يمكن استخلاصها بمقارنة أعداد الصحف الموزعة على 3000 نقطة توزيع بين الصحف القومية وصحف المعارضة. وبمعاونة زملاء متخصصين فى تحليل المعلومات أعطينا الأولى لونا أخضر، والثانية اللون الأحمر؛ وكانت النتيجة التى كنا نحللها بصفة يومية هى أنه حتى شهر سبتمبر 2010 كان اللون الأخضر متفوقا وباكتساح. وخلال الفترة التى قادت حتى الانتخابات النيابية أخذت الخريطة فى الاحمرار تدريجيا؛ وما أن هل شهر يناير كانت الخريطة قد باتت حمراء.
وبحكم منصبى كرئيس لمجلس الإدارة حضرت عددا من المناسبات المهمة التى حضرها الرئيس مبارك ومعه قدر غير قليل من النخبة السياسية القائدة للبلاد، كان منها رحلة إلى دول الخليج – الإمارات وقطر والبحرين – وكما هى العادة جاء الرئيس فى نهاية الرحلة لكى يتحدث مع الصحفيين ويتلقى منهم الأسئلة. وكنت آخر من سأل وكان السؤال عما إذا كان الرئيس سوف يقوم بعمل درامى قبل الانتخابات الرئاسية التى كان مقررا لها فى شهر سبتمبر المقبل؟ قال الرئيس مثل ماذا د. سعيد، فأجبت مثل تغيير وزارى نظرا للخلافات بين الوزراء ولأن المسيرة الإصلاحية تفقد قوة الدفع فيها؛ وتشكيل لجنة قومية لمراجعة المواد 76و77و88 من الدستور. وجاءت إجابة الرئيس لا، سوف انتهى من الانتخابات أولا، وبعدها سوف انظر فى هذه الأمور. كان الرد مؤكدا أن الرئيس سوف يترشح، وقبل أسبوع من الثورة جرت مناسبة للاحتفال بالدكتور مجدى يعقوب ومنحه قلادة النيل نظرا لخدماته من أجل الإنسانية؛ وقبل يومين منها الاحتفال بعيد الشرطة؛ ولم يكن فى أى منها ما يشير إلى أن هناك حالة من القلق داخل النظام أو ما يشير إلى أنه بقيت أيام حتى يطاح به كلية.
كان الهم الأول طوال أيام الثورة هو حماية مؤسسة الأهرام ومبناها، فكما الحال فى المؤسسات الصحفية كان هناك أطنان من الورق، والكيماويات السريعة الاشتعال؛ وكان هناك الخوف من الانقسام بين من ظهروا مؤيدين للثورة ومن عارضوها. والحقيقة أن بعضا سجلوا تأييد النظام فى بيان فى البداية، ثم طالبوا فى بيان آخر برحيله فى النهاية، وهو ما رفضت تعليقهما. وفى مبنى مجمع المحاكم الملاصق للأهرام جرت ثلاثة حرائق ونهب، وفى واحدة منها جرى إطلاق الرصاص الذى أدى إلى وفاة أهرامى تطوع لحماية المؤسسة (توفى آخر فى ميدان التحرير)؛ وبينما كانت الجموع تأتى وتذهب صاخبة ومائجة كان الخوف دائما على مدخل الأهرام الزجاجى من التخريب؛ ولم يوقفها إلا جماعة شجاعة نجحت فى إقناع المتظاهرين بالسلامة.
وبعد أن بات الأهرام ممنوعا من دخول ميدان التحرير، فإن إصدار ملحق الميدان فتح الباب على مصراعيه. وبعدها بدأت مرحلة أخرى من تاريخ الأهرام ومصر كلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.