الأربعاء المقبل.. إطلاق خدمات الجيل الخامس من منطقة الأهرامات    وزارة النقل: مركز تحكم للرقابة على الأتوبيسات الترددية    رسميا.. انطلاق الدوري الجديد 15 أغسطس وينتهي مايو 2026    محمد مصيلحي يستقيل من رئاسة الاتحاد السكندري.. وأعضاء المجلس يتضامنون معه    حبس المتهمين بخطف طفل فى المقطم    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمنيا تستعد لاستقبال عيد الأضحى.. تفاصيل    مهرجان روتردام للفيلم العربي يختتم دورته ال 25 بتكريم ليلي علوي    كشف أسرار جديدة بواقعة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر.. فيديو    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    وزير التعليم يكشف تعديلات المناهج في العام الدراسي الجديد    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    ريوس يبرر خسارة وايتكابس الثقيلة أمام كروز أزول    التفاصيل المالية لصفقة انتقال جارسيا إلى برشلونة    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    رئيس مجلس الشيوخ: التغيرات البيئية أصبحت ملحة ومازلنا مغيبين ونتناول هذا الملف برفاهية    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    افتتاح معرض إعادة التدوير لمؤسسة لمسات للفن التشكيلي بحضور وزيرة البيئة    السيسي يستقبل وزير الخارجية الإيراني ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. صور    وزير الخارجية: مصر أكثر طرف إقليمي ودولي تضرر من التصعيد العسكري في البحر الأحمر    دنيا سامي: مصطفى غريب بيقول عليا إني أوحش بنت شافها في حياته    «واكلين الجو».. 3 أبراج هي الأكثر هيمنة وقوة    دعاء يوم عرفة 2025 مستجاب كما ورد عن النبي.. اغتنم وقت الغفران والعتق من النار    وزير الصحة يشهد احتفال إعلان مصر أول دولة في شرق المتوسط تحقق هدف السيطرة على التهاب الكبد B    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    برواتب تصل ل350 دينارا أردنيا.. فرص عمل جديدة بالأردن للشباب    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    وزير الصحة يتسلم شهادة الصحة العالمية بالسيطرة على فيروس B    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    إيران تدرس الرد على المقترح الأمريكي بشأن برنامجها النووي    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة وضبط 333 كيلو مخدرات| صور    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عين على أمريكا.. من «الترامبية» إلى بايدن!
نشر في بوابة الأهرام يوم 18 - 01 - 2021

فى زيارة لنيويورك فى مطلع الثمانينيات، وإبان رحيل الرئيس السادات، رحمه الله، بادرنى سائق تاكسى أمريكى- إفريقى قائلا: أنت من مصر بلد الحضارات القديمة، تَذكر أنكم بدأتم عصرا جديدا يربط بين بدايات الحضارة فى بلادكم وحاضركم الراهن، ثم مستقبلكم المرتقب عندما قادكم السادات، الذى يُذكرنى بمانديلا، فقد وضع الأول أسس السلام العالمى، ووضع الثانى المساواة بين الأجناس، وعدم التفرقة بين البشر، إننى فخور بأننى من إفريقيا، التى أنجبت السادات ومانديلا، وتلك رسالة منى إلى بلادكم.
لقد ظل هذا الحوار فى ذهنى، لم أنسه مع مرور الزمن، وتذكرته وأنا أشاهد بزوغ عصر جديد فى أمريكا، اُنتخب فيه إفريقى للرئاسة، فقلت إنه بدايات القوة لعالمنا، لكن أوباما، الرئيس الأمريكى المولد، الإفريقى الأب لم يرتقِ إلى ما كان يتطلع إليه عالمنا، الأمر الذى أدى إلى رد فعل معاكس عقب انتخاب دونالد ترامب (الرئيس الخامس والأربعين)، فور انتهاء ولايته، والذى تجسدت فيه كل القيم القديمة حتى أصبح زعيما ل «الشعبويين» فى أنحاء أمريكا، بل إنه نقل الراديكالية من اليسار إلى اليمين، متناسيا أن العنصرية بدأت بيضاء، ثم قاومها اليسار والأقليات كرد فعل، وها هى تعود إلى سيرتها الأولى من جديد.
توالت الأحداث فى ذهنى وأنا أرى الرئيس المنتهية ولايته (ترامب) ينظر من البيت الأبيض إلى الكابيتول نظرة سطحية، متناسيا أن الرؤساء فى رؤية أمريكا وسياستها عابرون، أما ما يبقى فهو أعمالهم، وأدوارهم فى التاريخ.. وهكذا من مبنى البيت الأبيض والكابيتول، بل من مبنى واشنطن دى سى، عاصمة الأمريكيين والولايات المتحدة الأمريكية- وضُع النواب والشيوخ فى المكانة الأعلى، والبيت –التنفيذى- الأبيض فى المكانة الأدنى، حتى لا ينسى ترامب نفسه، ويخرج عن أدواره المرسومة داخل مؤسسة الحكم، وحتى تتحكم المؤسسات فى تاريخ أمريكا، ولا يتحكم فيها الأفراد مهما ترتفع قيمتهم السياسية.
لم يحدد الرئيس الأمريكى مكانه بالضبط فى عجلة الدولة الأمريكية، وظل يهاجم المؤسسات، ويحط من مكانتها، ووصل به الأمر الى أنه أصبح عدوا للإعلام (المؤسسة الكبرى المسئولة عن حرية الرأى وتداول المعلومات فى هذا المجتمع الأمريكى العريق)، ثم تحول عداؤه إلى كل المؤسسات الأمريكية، كما أصبح لا يرى وضعه الحقيقى فى سُلم بلاده، عاكسا حالة جهل مُطبق بالتاريخ السياسى للولايات المتحدة، وضُبط وهو يتحول من رفض المؤسسات، إلى رفض الانتخابات، إلى مُحرّض عليها، وعلى إسقاط النظام ككل، وتوالت سلسلة جرائمه حتى أضحت كبيرة، لا يستطيع أحد فى أمريكا أن يتجاهلها، حتى سمعنا أصواتا فى أوروبا، وفى العالم، تتحدث عن أن هذه ليست أمريكا، التى نعرفها، وهكذا رأينا ترامب وهو يسقط كاملا، حتى أصبح حزبه يراه عبئا عليه يجب أن يتخلص منه، فقد أراد أن يحول نقمته على المؤسسات، التى ظهرت خلال رئاسته (مدة حكمه كاملة)، إلى هدمه فى لحظة، وكانت صورة أمريكا بعد هذا الحادث غير قبله تماما، إنه الكونجرس أيها الرئيس.. وكفى.
لقد شدتنا أمريكا كلنا إليها بأحداثها السياسية، التى تدور فيها، وكانت انتخاباتها فى 2020 حدثا للتاريخ ككل، فلم تكن انتخابات عادية على الإطلاق، ثم كان تصديق الكونجرس على انتخاب جو بايدن حدثا متكررا، فهو الرئيس السادس والأربعون، لكن هذه المرة كان اختبارا قويا، وكان يجب أن يكون عاديا، فهو بالرغم من أنه اختبار قوى لقدرة المؤسسات الأمريكية على تجاوز كارثة كبرى مفزعة ألمت بمجتمعها، لكنها لم تتصور أن يكون الرجل الأول المسئول عن سلامة وحماية أمريكا، وقوة ديمقراطيتها، هو نفسه المُحرض على المظاهرات، والناطق بلسان سقوط المؤسسات، فما حدث صورة غير متكررة فى التاريخ، لكنه حدث وكان ناطقا.
إن الرئيس الأمريكى قام باعتداء خطير وصارخ على الدستور والقانون، الذى أقسم على حمايته، فقد صور له عقله أن وجوده فى المكتب البيضاوى أقوى من الكابيتول، وأنه، فى حماية المناصرين البيض، (أصل أمريكا)، سَيُحدث انقلابا دستوريا مرتقبا، وأن القادمين من الولايات الخمسين فى أمريكا للعاصمة من الممكن أن يُعيدوا الانتخابات، بل تغيير الدستور، الذى جاء به، لكى يُعلنوا ترامب ملكا على واشنطن، ويعود للعاصمة على أكتاف البيض.
كان موقفا مثيرا حبست فيه أمريكا أنفاسها حتى الدقائق الأخيرة، لكن المناظر، بألوانها وأشكالها، وتسلق المتظاهرين مبنى الكابيتول صعبة على الديمقراطيين، ومؤذية للجمهوريين،وقد تُعرّض واشنطن لهِزة كبرى، فقد صورتها كل الكاميرات الشخصية والعامة، ولأول مرة نرى الأمريكيين، الذين يفتخرون بعلمهم المميز، وألوانه ونجومه، يحملون أعلاما ألوانها صفراء وحمراء، حتى أعلام العنصريين حُملت، وكذلك أعلام الحرب الأهلية، وعادت من جديد صورة مخيفة لأمريكا، لم تكن فى أحلامهم، جعلت نائب الرئيس الأمريكى ينأى بنفسه، ويهرب منها بعيدا، ويذهب ليعلن فوز بايدن، ومعه الكثير من الجمهوريين العقلاء، وأصبح الملك، أو القيصر المتوهم، قزما وحيدا، ومُعرضا للمحاكمة، أو العزل، بل تجرأ عليه كل من تويتر والسوشيال ميديا، وانضما إلى وسائل الإعلام الأخرى، التى وقفت كلها ضد الديكتاتورية المحتملة، التى أعلنت عن نفسها، وحتى التغريدات مُنعت عنه،لأن الانتخابات انتهت، والرئيس المنتهية ولايته مصمم على أنها مستمرة، ولم يصدق ما يحدث حوله، بل قرر الدخول مباشرة فى انتخابات 2024، متجاوزا 4 سنوات حكما للديمقراطيين مازالت لم تبدأ بعد، وبايدن مازال لم يدخل البيت الأبيض، ووقف الكثيرون غير مصدقين ومذهولين أمام الحدث.
لقد كان الكل يتصور أن الترامبية ظهرت لتسود، فإذا بترامب يهزم نفسه، ولم يُهزم فى الانتخابات فقط أمام بايدن، بل وضع حدا لكل طموحاته المستقبلية. سياسية كانت، أو حتى حزبية.
وأخيرا، فإن الكل يُجمع على أن الديمقراطية انتصرت فى أمريكا فى بداية عام 2021، لكن هناك شرخا يجب أن يُرمم، وذلك مسئولية الرجل، الذى انتخبوه رئيسا فهل سيكون الرئيس الجديد قادرا على ذلك؟!..
إن دخول بايدن البيت الأبيض وهو حاصل، لأول مرة، على الأغلبية فى مجلسى النواب والشيوخ، يعنى أنه سيكون قادرا على ترميم وتوحيد أمريكا، وتحجيم الترامبية، أو الشعبوية الجديدة، وأمريكا والعالم كله ينتظرون ذلك الهدف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.