يبدو أن ولاية الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن ستكون مليئة بالتحديات والمعوقات خاصة تجاه قضايا وملفات الشرق الأوسط، فعلى حد وصف صحيفة «واشنطن بوست» فقد كانت سياسة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب طوال السنوات الماضية اندفاعية ومتهورة إلى حد كبير، إلا أن «بايدن» سينتهج سياسات مختلفة تمامًا عن ترامب، مؤكدة أن فترة رئاسته لن تكون سهلة على الدول التى لها عداءات مع اشنطن. ومن المتوقع أن يشهد الشرق الأوسط تحولات جذرية فى عهد بايدن وستكون العلاقات مع إيران معقدة للغاية خاصة بعد اغتيال العالم النووى محسن فخرى زادة، ومن قبله قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى قاسم سليمانى الذى اغتيل فى العراق، وسبق أن أكد بايدن أنه سيجر طهران إلى طاولة المفاوضات من جديد، وسيبرم اتفاقًا جديدًا يقلل من حجم المخاطر التى تحدق بالمنطقة، خاصة أن إيران باتت على أعتاب امتلاك سلاح نووى، إلا أن بايدن أكد أن ذلك لن يحدث إلا فى حال التزامها ببنود الاتفاق كما أنه لن يتم رفع العقوبات فى الوقت الحالى. أما بخصوص تركيا فستكون علاقة واشنطن معها حادة للغاية على حد وصف الخبراء خاصة بعد فرض عقوبات عليها بسبب صفقة الصواريخ الروسية «إس 400»، كما أن أمريكا برئاسة بايدن ستسعى لتحجيم الدور التركى فى المنطقة، ومن غير المستبعد أيضًا أن يعدل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من سياساته خاصة بعد العقوبات الأمريكية الأوروبية التى فرضت على بلاده، والتى من المؤكد أن تؤثر سلبًا على الاقتصاد الذى دخل نفق الركود وأوشك على الإفلاس. وطوال السنوات الماضية نجح أردوغان فى افتعال الكثير من الأزمات مع جيرانه، وحلفائه من خلال دعم الإرهاب فى ليبيا وسوريا أو التنقيب عن الغاز فى المياه الإقليمية لليونان وقبرص فى البحر المتوسط، وهو ما أثر على علاقات بلاده مع أمريكا ودول أوروبا، محاولًا التقارب مع موسكو التى تتعارض مصالحه معها فى سوريا. كما جاء قرار الولاياتالمتحدة بتقليص عدد قواتها فى أفغانستانوالعراق ليثير كثير من الانتقادات، سواء من المسئولين الأمريكيين السابقين أو الخبراء السياسيين، الذين وصفوا القرار بأنه انتكاسة لجهود إحلال السلام، وينهى الآمال فى التوصل إلى تسوية للحرب الأفغانية التى دامت 19 عامًا. ومن جانبه، أكد المستشار المدنى الأمريكى السابق فى العراقوأفغانستان، كارتر ملكاسيان، فى مقال له بصحيفة «واشنطن بوست» أنه كمشارك سابق فى محادثات السلام مع طالبان، فإنه يدرك الضرر الذى ألحقته الحرب على شعب أفغانستان، وأن الاتفاق الناجح يتطلب أن تتوقف طالبان عن إرهابها، وأن تسحب واشنطن وجودها العسكرى من أفغانستان بالكامل فى حال التوصل إلى تسوية سياسية بين الحكومة الأفغانية وطالبان. وأكد أنه مع تعثر العملية السياسية وسحب واشنطن لجميع قواتها العسكرية بحلول مايو 2021، مع القليل من الالتزامات من جانب طالبان سيكون الأمر كارثيًا، وسيتيح لطالبان الفرصة للسيطرة على جزء كبير من البلاد بالقوة، فيما طالب المسئولون الأمريكيون بايدن بإعادة النظر فى القرار الأمريكى وضرورة إعادة عدد القوات إلى 8600، إلا أن بايدن كان دائمًا ما يعارض الوجود العسكرى الأمريكى واسع النطاق عندما كان نائبًا للرئيس. ويواجه بايدن وفريقه خيارًا صعبًا فى أفغانستان، إما الانسحاب الكامل بحلول مايو أو الإبقاء على 2500 جندى فى مكانهم إلى أجل غير مسمى فى إطار عمليات مكافحة الإرهاب ومحاولة منع انهيار الحكومة الأفغانية، وليس هناك شك فى أن الانسحاب ربما يعنى إضعاف الحكومة الأفغانية التى دعمتها الولاياتالمتحدة لمدة 19 عامًا. كما أن واشنطن تسعى إلى الانسحاب من العراق، وهو ما يخشاه بايدن خاصة أنه بعدما سحبت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما جميع القوات الأمريكية من العراق فى 2011، تمكن تنظيم داعش الإرهابى من الاستيلاء على جزء كبير من البلاد، واضطر أوباما إلى إرسال آلاف الجنود إلى هناك مجددًا، ومن المؤكد أن فريق بايدن لن يكرر نفس الخطأ.