من الجيد أن تمتلك حرية اختيار الوطن الذى تسكن فيه رغم امكانية سفرك لبلد آخر بكل حرية. هذا ما جسده الفيلم الوثائقى «وطن بالاختيار» الذى عرض فى الأسبوع قبل الماضى بمركز الإبداع ضمن فاعلية «من النيل للمتوسط»، وهو نتاج ورشة لصناعة الأفلام التابعة للاتحاد «الأوروبى» والهيئة الوطنية للإعلام، وسبقت مشاركته فى مهرجان الإسكندرية السينمائى فى دورته الماضية. يستعرض الفيلم قصصا حقيقية لمجموعة من الشباب ذوى الأصول الأجنبية ممن اختاروا أن يعيشوا فى مصر وبالتحديد فى الإسكندرية التى رأيناها بعين أخرى من خلال كاميرا شديدة الدقة بقيادة مخرجة متمكنة من أدواتها الأمر الذى يبشرنا بمستقبل كبير للسينما التسجيلية خاصة فى وجود مخرجين متميزين أمثال حنان راضى مخرجة الفيلم التى استطاعت أن تأخذنا إلى الإسكندرية وتجعلنا نراها بعيون مصريين من أصول أجنبية، حيث جاءت الصورة بتناول متناسق عمل على إيضاح الفكرة من خلال تدفق الأحداث التى أظهرت الأماكن الأثرية الكثيرة فى الإسكندرية فجاء الفيلم بشكل سلس ومميز. فكرة تناول شخصيات من أصول أجنبية ليست جديدة ولكن جاء التناول بشكل مختلف إذ أظهر الفيلم جمال مصر، وخاصة الإسكندرية، وجاء اختيار الأبطال بشكل اضاف كثيرا للفيلم لأنها شخصيات طبيعية محبة للإسكندرية فكل شخصية تتمتع بجانب إنسانى تلمس فيها الهوية المصرية المتجذرة. فهم مجموعة من الشباب ذوى أصول أجنبية مقيمون فى الإسكندرية ويمثلون الجيل الحالي، ورغم امتلاكهم جنسيات أخرى إلا أنهم يتمسكون بالحياة فى مصر، فمنهم الإيطالى والأرمن واليونانى وجميعهم ناجحون فى أعمالهم. قصص هؤلاء الشباب تبعث برسالة مهمة بأن مصر تتوافر فيها فرص كثيرة للعمل وأن من يريد العمل سوف يجده وينجح فيه كأنها رسالة ترد على كل من يفكر فى الهجرة والسفر إلى خارج مصر فهؤلاء الشباب رغم أنهم يمتلكون جنسيات أجنبية إلا أنهم يصرون على البقاء بمصر التى هى بالنسبة لهم وطن باختيارهم لم يرغموا على البقاء فيه .