انطلاق ثاني أيام المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب في 14 محافظة    فتح اللجان الانتخابية في اليوم الثاني والأخير للتصويت بانتخابات مجلس النواب    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 11نوفمبر 2025    السفير الأمريكي السابق: إدارة ترامب تتوقع سيطرة الحكومة السورية الكاملة    أخبار مصر: زلزال ضرب كريت وبيان من البحوث الفلكية للمصريين، نجاة والدة رونالدو من الموت، تفاصيل أمركنة الشرع بالبيت الأبيض    ننشر كواليس لقاء وفد روسي رفيع المستوى بالرئيس السيسي    كدتُ أموت، نجاة والدة كريستيانو رونالدو من حادث طائرة (فيديو)    عادل عبدالرحمن: الزمالك أنفق في الميركاتو الصيفي "أضعاف" الأهلي    وزير العمل يتابع حادث انهيار سقف خرساني بالمحلة الكبرى    هتندع.. عاجل من الأرصاد بشأن طقس اليوم الثلاثاء    اليوم.. محاكمة 9 متهمين ب«رشوة الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية»    اليوم.. نظر محاكمة المتهمين بقضية خلية النزهة الإرهابية    مصطفى كامل ناعيًا إسماعيل الليثي: «والله يا ابني قلبي زعلان عليك»    موعد عرض مسلسل كارثة طبيعية الحلقة 6    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    بعد تداول فيديو.. «الداخلية» تضبط سائق «ربع نقل» سار عكس الاتجاه في الجيزة    أوقاف الإسماعيلية تعيد أتوبيسا دعويا للعمل بعد إهمال 16 عاما    زلزال يضرب كريت باليونان| هل شعرت مصر بالهزة؟.. البحوث الفلكية توضح    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    وزير العمل يتابع حادث انهيار سقف خرساني بالمحلة الكبرى.. ويوجه بإعداد تقرير عاجل    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز والسلع الغذائية ب أسواق الشرقية اليوم الثلاثاء 11-11-2025    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    بينها حالات اغتصاب.. نزوح جماعي وانتهاكات بحق النساء في الفاشر (تفاصيل)    بسمة بوسيل تقف إلى جانب آن الرفاعي بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز    بتوقيع عزيز الشافعي...بهاء سلطان يشعل التحضيرات لألبومه الجديد بتعاون فني من الطراز الرفيع    بعد إجراء الكنيست ضد الأسرى الفلسطينيين.. بن غفير يوزع البقلاوة (فيديو)    طبقًا لإرشادات الطب الصيني.. إليكِ بعض النصائح لنوم هادئ لطفلك    مقتل شخصين إثر تحطم طائرة إغاثة صغيرة في فلوريدا بعد دقائق من إقلاعها    «متحف تل بسطا» يحتضن الهوية الوطنية و«الحضارة المصرية القديمة»    انتخابات «النواب» بمحافظات الصعيد: إقبال متوسط في أول أيام التصويت    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    سلطنة عمان تشارك في منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2025 وخطوات استخراجها مستعجل من المنزل    أسامة الباز.. ثعلب الدبلوماسية المصرية    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    ريم سامي: الحمد لله ابني سيف بخير وشكرا على دعواتكم    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    أهمهما المشي وشرب الماء.. 5 عادات بسيطة تحسن صحتك النفسية يوميًا    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    تجنب المشتريات الإلكترونية.. حظ برج القوس اليوم 11 نوفمبر    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى نقولها بفخر «صُنع فى مصر»؟


د. سليمان عبدالمنعم
حفلت صفحات الأهرام منذ فترة بمقالات مهمة عن التصنيع فى مصر فضلا عن كتابات وأطروحات تحتشد بها المكتبة المصرية. فى الموضوع جوانب اقتصادية وسياسية وتكنولوجية شتى لكنى أتناوله هنا من منظور ثقافي/اجتماعي. فحين نطالع التقرير السنوى للبنك المركزى 2018/2019 وغيره من التقارير المعنية بالصادرات والواردات نكتشف أننا استوردنا ما قيمته 66.5 مليار دولار بينما لم نصدّر من صنع أيدينا وسواعدنا سوى ما قيمته 17 مليار دولار فقط بخلاف 11.6 مليار دولار لصادرات بترولية تعتبر فى الواقع هبة من الطبيعة لا نتاجاً لجهدنا.
ثم يحار المرء حين يكتشف أن بيانات السلع المستوردة من الخارج تتضمن ما قيمته 10 مليارات جنيه للملابس والمنسوجات لبلد مازالت بعض المحال الأوربية تكتب فى واجهة عرضها بزهو أن ملابسها المعروضة من قطن مصري، واستوردنا أيضاً ما قيمته 63 مليار جنيه لمواسير وأنابيب وأدوات مطبخ ومائدة، فهل نعجز عن إنتاج مثل هذه المواد غير المعقّدة تكنولوجياً بينما لا نكف منذ عقود عن اجترار الحديث عن نقل وتوطين التكنولوجيا. واستوردنا ما قيمته 5 مليارات جنيه للأثاث ولدينا مدينة مثل دمياط كان قد تدهوّر حالها حتى بدأت مشاريع تحديثها تظهر أخيرا بعد طول نسيان. وهل يصعب علينا أن ننتج أحذية وأغطية رأس لنوفّر بها 1.3 مليار جنيه لاستيرادها؟ أو استيراد أقلام بسيطة للكتابة وأعواد قطن لتنظيف الأذن بملايين الجنيهات؟! وغيره كثير ومستفز لبلد فقير.
لا تمنع هذه البيانات الغرائبية فى فاتورة وارداتنا أن هناك جهودا قد بُذلت فى السنوات الأخيرة لفرملة هذه الفاتورة وانخفاضها بعدة مليارات دولار، وأن حصيلة صادراتنا السلعية قد زادت بنسبة 8%، وهناك نجاحات تحققت فى صناعة منتجات مصرية متميّزة يتم تصديرها حالياً إلى الخارج. والمؤكد أن ما أُنجز على صعيد البنية الأساسية والطاقة وشبكة الطرق والجسور سينعكس إيجاباً على المدى البعيد على حركة التصنيع والتجارة. لكن مازال مطلوباً أن نتساءل بحيرة وغيرة فى بلد المائة مليون نسمة التى لا يصدّر من إنتاج عقوله وسواعده سوى واحد على تسعة مما يصدره بلد مثل ماليزيا ذى ال 31 مليون نسمة «27 مليار دولار صادرات مصر مقابل 246 مليارا صادرات ماليزيا». بخلاف الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية هناك تفسيرات اجتماعية وثقافية جديرة بالنقاش.
وابتداء فإن جزءاً من وارداتنا الصناعية والتكنولوجية يظل خارج النقاش لأن احتياجنا ضرورى لمثل هذه الواردات التى لا نملك بديلاً لها مثل الآلات والمعدات والأدوية ومستلزمات الانتاج والأجهزة عالية التقنية ومواد أساسية أخري، لكن التساؤل كله ينصب على تلك البنود فى فاتورة وارداتنا التى يمكن الاعتماد فيها على أنفسنا بقدر من العمل والإتقان. فهل نعجز عن صناعة الأدوات المكتبية البسيطة وأعواد تنظيف الأذن وشاش القطن والأجهزة الكهربائية المنزلية والملابس والأثاث والأحذية، وهى سلع لا تتطلب تكنولوجيا فائقة تتجاوز قدراتنا؟
من هنا يبدو النقاش واجبا حول مسألتين أولاهما تتعلق بثقافة الإقبال على المستورد، والثانية تتصل بأسباب التوسع فى الاستيراد فيما يوجد له بديل فى مصر. المسألة الأولى ذات تفسير اجتماعى ثقافى بامتياز، هناك شريحة اجتماعية لديها عقدة الإقبال على السلعة المستوردة والتباهى بها ولو كان لها بديل مصرى بالجودة، نفسها لكن هناك شريحة أوسع أخرى يتحدّد سلوكها بأزمة الثقة فى السلعة المحلية لأن معظم المنتجين المصريين يفتقدون ثقافة ومتطلبات الإتقان ويتسمون بالكسل لاقتناعهم بأن فى مصر سوقاً استهلاكية واسعة ترضى عن قلة حيلة بأدنى المواصفات.
يحدث أن نجد أحياناً منتجات مصرية لا بأس من جودتها خصوصا فى صناعة الملابس والمنسوجات ثم لا نلبث أن نكتشف فيها عيوباً صغيرة كان يمكن تداركها بقليل من الاتقان. والملاحظ أن الأشقاء السوريين الذين دخلوا أخيرا فى مجال صناعة وتجارة الملبوسات والمنسوجات فى مصر قد ارتقوا بهذه الصناعة ومستوى جودتها، فلعلنا نستفيد منهم ونحاكيهم. نسمع عن صناعة ناجحة ومتميزة فى مصر لكنها مخصّصة لأسواق خارجية، هنا يطل سؤال محيّر ومزعج هل صحيح أن بعض الصنّاع فى مصر يفرقون فيما ينتجونه بين السلع الموجهة للسوق المحلى وتلك المخصّصة للتصدير بحيث يكون للثانية معايير جودة أعلى من الأولي؟ إذا صحّ هذا فإننا نسيء لأنفسنا وإلى معايير عملنا، والمضحك أننا حين نتجوّل فى الأسواق نجد السلعة الواحدة أحياناً بسعرين للمحلى والتصدير ويقدّم البائعون السلعة المزعوم أنها للتصدير بسعر أعلى فى تباه غريب لأنهم يدركون «عقدة» الأجنبى فى نفوس بعض المستهلكين. والحقيقة أن المسئولية مشتركة لأن الناس لن تثق بمنتجاتها الوطنية إلا حينما ننتج ونصنع بمعايير البلدان المتقدمة.
لعلّنا بحاجة لمبادرة ما لتشجيع الإقبال على الصناعة المصرية، ولنبدأ مثلاً بصناعة الملابس والمنسوجات، وربما يكون لنجوم المجتمع فى الإعلام والفن والرياضة الذين يتأثر بهم الناس دور كبير لو أنهم روّجوا «بالقول والفعل» لصناعة الملابس المصرية. فلنرتدى ملابس من صنع أيد مصرية ولنعلن هذا ونزهو به لربما أسهم هذا فى تحفيز وازدهار صناعة الملابس الوطنية ليكون بوسعنا لاحقاً غزو أسواق الآخرين مثلما فعلت دول لسنا أقل منها بحال من الأحوال.
المسألة الثانية تتعلق بأسباب التوسع فى استيراد ما يوجد لدينا منه بديل مصري، فاكتفاؤنا الذاتى فى العديد من السلع الغذائية وغير الغذائية أمر ممكن وفقاً لما يؤكده الخبراء والمتخصصون، لكن يبدو أن قوى وتوكيلات الاستيراد تهيمن بدرجة كبيرة على السوق المحلية، ومن الطبيعى أن تتعارض مصالحها مع وجود منتجات مصرية تشبع السوق. لا شك أننى وغيرى نتذكر فى طفولتنا كيف كانت أكثرية المصريين ترتدى بدلة صيفية بسيطة من قماش الكتّان، جاكت أشبه بالقميص وبنطلون من اللون، نفسه، ولم تكن توجد محلات للسوبر ماركت تعرض ما لا حصر له من الأجبان المستورّدة التى يصل ثمن الكيلو جرام الواحد منها إلى نصف الحد الأدنى لمرتب شريحة واسعة من المصريين.
صحيحٌ أننا جزء من عالم تسوده اليوم حرية التجارة ولا مكان فيه للانغلاق وأننا مرتبطون باتفاقيات تجارية دولية لكن ما أقصده هو أن نحقّق التوازن المطلوب وأن نفكر ونتصرف بذكاء فى مثل هذه الأمور حتى لا تكون المغانم الخاصة للبعض أكبر وأهم من مصلحة البلاد والعباد. أسارع فأقول إننى لا أدعو مطلقاً للعودة إلى الماضي، ولا أمارس أى إسقاطات اشتراكية فنحن أبناء عصرنا بضروراته ومتغيراته.
أدعو فقط لأن نأخذ الدروس والعبر مما تفعله البلدان الأخرى التى تضع مصلحة إنتاجها الوطنى قبل أى اعتبار آخر، ولنتأمل المنافسة المحتدمة على الأسواق بين بريطانيا والاتحاد الأوربى بعد البريكست أو ما يحدث بين أمريكا والصين. فى نهاية المطاف ثمة مصلحة عليا للوطن يجب أن تكون ناظمة وموجهة لقوى السوق فقد أسقطت جائحة كورونا تابوهات اقتصادية كثيرة ونحن لا ندري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.