الكورونا لم تنته وربما لن تختفي من حياتنا في مصر والعالم كله، هذه هي الحقيقة الأولى التي نعيشها على أرض الواقع هذه الأيام، والحقيقة الثانية تؤكد أن ما ينشر عن التوصل إلى لقاح وقائي أو علاجي للفيروس اللعين الذي لا يزال يحير كل علماء العالم هي في الواقع مجرد أبحاث نظرية أو معملية، لم يتم اعتمادها علميًا لكي تصل إلى مرحلة الإنتاج، وأن كل ما يتعلق بأساليب مجابهة فيروس كورونا لا يزال في إطار البحث والتجريب، وهو يؤكد أنه لم يتم السيطرة حتى الآن على فيروس الكورونا، ولم يتم اكتشاف أساليب أو طرق علمية فعلية لعلاجها ومجابهتها أو حتى التعامل معها باللقاحات أو الأمصال. وأزعم أن العالم كله - وكذلك مصر كجزء من المنظومة العالمية الكبيرة - قد سقط في خطأ جسيم وهو الاعتقاد بأن المدعو كوفيد "19" قد تمت السيطرة عليه أو تم القضاء عليه جزئيًا، أو حتى محاصرته علي الأقل، حتى عاد هذا الفيروس ليطل على العالم بوجه مغاير وجديد أكثر خطورة وأكثر فتكًا. وما يؤكد كلامي تهاون بعض الدول في تخفيف الإجراءات الاحترازية ، وفتح المجالات الحياتية والتهاون إلى حد كبير في أساليب الوقاية حتى اعتدنا على أن نشاهد في معظم بلدان العالم فتح الأسواق والمقاهي والكافيهات والنوادي والمدارس والجامعات بدون التحفظ بالأخذ بأبسط وأهم التدابير الاحترازية، وتناسى الجميع بروتوكول التباعد الاجتماعي أمام هيمنة العادات البالية بتبادل الزيارات المفتوحة، ولا يزال البعض يتهاون بل ويسخر من أهمية استخدام " الكمامة "، وعدم الاهتمام بمسألة تطهير اليدين بالماء والصابون والكحول، في ظل التعاملات اليومية الورقية وغيرها، فلا نزال نرصد التكدس في معظم وسائل المواصلات والنقل الجماعي، وكلها سلوكيات لا تبشر أبدًا بأي جديد. فهل ننتظر أو نتوقع الأسوأ، ويعود العالم إلى نقطة الصفر من جديد، فكم من مشاهير السياسة ونجوم الرياضة والفن محليًا وعالميًا تأتي إلينا الأخبار بإصابتهم بالفيروس ويخضعون أنفسهم للعزل، الأرقام تتزايد داخليًا وخارجيًا، حتى أعتاد كل منا على السماع عن جار أو زميل أو قريب، وقد تُفاجأ بإيجابية تحاليله بعدما بدت عليه الأعراض التقليدية للإنفلونزا، فما هو الحل إذن؟ أعتقد أنه ليس أمامنا من بديل سوى الأخذ بكل السبل الاحترازية بدون تهاون أو استهتار. ورغم كل المشاهد المثيرة للقلق؛ والتي تصل إلى حد الرعب الحقيقي عطفًا على الأرقام التي يتم إعلانها عالميًا للمصابين، والتي تتزايد، ورغم كل ذلك حسنًا فعلت الحكومة المصرية باتخاذ كل الاحتياطات والتدابير اللازمة من أجل تجنب الدخول في دائرة الخطر من جديد، ووضع خطط بديلة للإغلاق الجزئي أو الكلي من جديد في حال تم ذلك في البلدان القريبة من مصر؛ سواء في أوروبا أو في منطقة شرق المتوسط، وعندها سيتم فرض الإغلاق علينا إجباريًا بعد 45 يومًا فقط تجنبًا للسيناريو الأسوأ. ويكفي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد سجلت مليون إصابة خلال أسبوع واحد في منتصف شهر نوفمبر الفائت، وأن أعداد المصابين المسجلة في جميع ولايات أمريكا قد تخطت ال11 مليون حالة، وفي إيطاليا التي كانت بؤرة الوباء الرئيسي في أوروبا خلال الموجة الأولى من الفيروس، أكدت دراسة حكومية لديهم أن فيروس كوفيد 19 قد انتشر عندهم منذ سبتمبر 2019. وتؤكد الدراسة المنشورة في إحدى المجلات العلمية أن هذا الكشف يعيد تاريخ الجائحة التي انطلقت من مقاطعة ووهان في الصين قبل عدة أشهر، كما كان معتقدًا في السابق، وفي ألمانيا أكد وزير الاقتصاد هناك أنه قد يتم تمديد القيود في كل مقاطعات ألمانيا لأربعة أو خمسة أشهر على الأقل، وكذلك فرنسا التي تفرض الإغلاق منذ 30 أكتوبر الماضي قد اقتربت منذ أسبوعين من حاجز المليوني إصابة، وقال وزير الصحة الفرنسي إنه من المبكر للغاية تحقيق النصر في مكافحة تفشي الجائحة. يا سادة فيروس كورونا لم ينته ولا أحد يعرف متى سيتم القضاء على هذه الجائحة في العالم ككل، وكل ما يتردد عن قرب الإعلان عن اللقاح أو الأمصال هي مجرد مزايدات من أجل تحقيق المكاسب السياسية. ولذلك يجب علينا جميعًا أن نأخذ بالأسباب ونتمسك بكل الإجراءات الاحترازية ؛ لأن ما نشاهده على أرض الواقع يوحي بأن البعض قد أصابه الملل من ارتداء الكمامة ، وأن مسألة التساهل في المصافحة والأحضان وحضور المناسبات الاجتماعية وإقامة الأفراح دون مراعاة للتباعد، وأن إلغاء الحظر قد يغري البعض من البسطاء أن الفيروس قد انتهى، وعلينا أن نبقي على التزامنا بكافة الإجراءات الاحترازية انتظارًا لإنتاج اللقاح، وانتظارًا للتوزيع العادل لأكثر من 2 مليار جرعة على مستوى العالم، كما أشارت بذلك منظمة الصحة العالمية، وكما طالب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف الشركات المنتجة بإقرار سياسة عادلة لتوزيع اللقاح؛ تضع الفقراء والأكثر احتياجًا على قائمة الأولويات. * نقلًا عن "مجلة الشباب"