التنمية المحلية تعتذر للزميلة هبة صبيح    المشير طنطاوي قال "أزمة وهتعدي".. نبيل نعيم يُفجر مفاجأة بشأن تهديدات أمريكا لمصر في 2012    بلومبرج: تركيا تعتزم رفع الضرائب بشكل طفيف لدعم جهود مكافحة التضخم    غدًا.. انقطاع مياه الشرب عن قرى شبين القناطر لأعمال إصلاح عاجلة    وزارة «العمل» تنظم الحد الأقصى لتواجد العاملين يوميًا بمنشآت القطاع الخاص    وزير الداخلية السوري: يد العدالة ستطال منفذي هجوم حمص    علي ناصر محمد: مشروع الوحدة في مؤتمر القاهرة 2011 نموذج لاستقرار اليمن والرخاء    صحيفة إسبانية تكشف آخر تطورات انتقال حمزة عبد الكريم إلى برشلونة    حسام حسن: أشكر الجماهير ودائمًا نلعب على أن كل مباراة نهائي كأس    "ولعوا في القهوة".. سقوط أطراف مشاجرة أشعلت الرعب في طوخ بالقليوبية    المتحف القومي للحضارة يطلق فعاليات «روح ومحبة»    علي ناصر محمد: اتفاق السعودية والإمارات وإيران مفتاح حل الأزمة اليمنية    مواعيد عرض برنامج دولة التلاوة على قنوات الحياة وCBC والناس    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    وكيل الطب العلاجي يتابع أعمال التطوير بالسنبلاوين العام ويؤكد على سرعة الاستجابة للمرضى    خلال 3 أيام.. التفتيش على 1135 منشأة يعمل بها أكثر من 11 ألف عامل    ما هي حساسية الشتاء؟ وطرق علاجها والوقاية منها بالمنزل    مزاد علني لبيع محال تجارية ووحدات إدارية بحدائق أكتوبر    الدولار يحافظ على استقراره أمام الجنيه في البنوك المصرية خلال تعاملات اليوم الجمعة    غرامة كبيرة| مخالفة القيادة بدون رخصة.. إحذر قانون المرور الجديد    تصعيد جوي إسرائيلي متواصل.. غارات تمتد من جنوب لبنان إلى الهرمل    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    اللجنة الطبية العليا والاستغاثات تؤمّن ماراثون زايد الخيري بمنظومة متكاملة واستجابة فورية للطوارئ    بالصور.. كواليس مسلسل «تحت الحصار» بطولة منة شلبي | رمضان 2026    مؤتمر جوارديولا: انتصرنا في 7 مباريات متتالية لكننا لسنا في وضع جيد    انطلاق الامتحانات العملية لطلاب برنامج الصيدلة الاكلينيكية بجامعة القاهرة الأهلية    الحكم على رمضان صبحي ومها الصغير والمتهمين بسرقة أسورة أثرية.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    وزارة العدل الأمريكية تكشف عن أكثر من مليون وثيقة مرتبطة بقضية جيفري إبستين وتأجيل الإفراج الكامل يثير جدلاً    ياسر ثابت: تحييد أوكرانيا والعلاقة مع الناتو أبرز عقد التسوية المحتملة للحرب    ضبط مناديَي سيارات لارتكابهما أعمال بلطجة بساحة انتظار بالجيزة    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    رسميا.. أحمد سامي مديرا فنيا لمودرن سبورت    وزارة الداخلية: ضبط عنصر جنائي بالجيزة تخصص في تزوير الشهادات الجامعية وترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي    محافظ الجيزة: انطلاق 36 قافلة طبية علاجية بالمراكز والمدن بدءًا من 2 يناير    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    الصورة الأولى للفنان محمود حميدة بعد مغادرته المستشفى    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    الداخلية تضبط أكثر من 21 طن دقيق مدعم في حملات مكثفة على المخابز    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    النقل تناشد المواطنين المشاركة لمنع ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    باكستر: جنوب إفريقيا فرصتها أكبر في الفوز على مصر.. ونجحت في إيقاف صلاح بهذه الطريقة    موعد مباراة المغرب ومالي في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    الكومي: صلاح أنقذ مصر أمام زيمبابوي.. وهدفنا صدارة المجموعة    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخليج .. مصالحة شاملة أم تهدئة جزئية
نشر في بوابة الأهرام يوم 07 - 12 - 2020


د. حسن أبوطالب
لاشك أن تضامن بلدان الخليج الستة يمثل إضافة كبرى للأمن العربى ودوره الاقتصادى عربيا وعالميا شريطة أن يكون ملتزما بالأسس التى تقوم عليها مواثيق الامم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجى نفسه، وأهم ما فيها تلك المبادئ الرصينة التى تحقق للجميع الأمان والمكاسب المشتركة والمتوازنة، من قبيل عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، أو مناصرة حركات عدائية تجاهها، والالتزام الاخلاقى والقانونى بعدم الإضرار المتعمد بمصالح الأعضاء الآخرين. وهذه كلها مبادئ تعرف بحق السيادة والدفاع الشرعى عن النفس.
وخروج إحدى الدول عن الطريق التضامنى القويم فى مجموعة إقليمية معينة يفسد المسألة من كل جوانبها، ويجعل هدف التضامن والعمل من اجل إعلاء المصالح الخليجية نفسها و المصالح العربية الاكثر رحابة مسألة شائكة وغير مقبولة جملة وتفصيلا. وهنا على الدول الأعضاء الأكثر حكمة والأكثر التزاما بالقيم العروبية والتضامنية سواء فى الإطار الخليجى الخاص أو الإطار العربى العام، واجب التدخل لتقويم السلوك المعوج وإعادة الأمور إلى نصابها السليم. هذا ما فعلته الدول الأربع منذ يونيو 2017 وهى مصر والسعودية والامارات والبحرين، من أجل استعادة قطر إلى طريق التضامن الخليجى والعربى، والتخلى عن سياسات ومواقف تدمير البلدان العربية، ودعم الحركات الإرهابية والتجاوز بالقول والسلوك تجاه القادة والشعوب معا. وامتدادا لهذا السياق الذى يحكم نقطة البدء، فإن عودة المياه إلى مجاريها كما يقال يظل مرهونا بأن تصحح قطر مواقفها وأن تتخلى عن سياساتها التخريبية والتدميرية فى العالم العربى عامة، والدول الأربع المقاطعة لها خاصة. هذه المقدمة هدفها التذكير بالمبادئ الأساسية التى تحكم أى مصالحة مع الطرف العاق، ودون ذلك تبدو الأمور لا علاقة لها بمصالحة موضوعية تحل الأمور من جذورها، وفى أكثر الأحوال طموحا وفق السياقات السائدة بعد هزيمة الرئيس ترامب هو أن تحدث تهدئة مؤقتة على الصعيد الإعلامى وبعض إشارات لا تقدم ولا تؤخر، خاصة فى ضوء تفسير الدوحة الخاص والذى أكده و زير الخارجية القطرى بأنهم على أتم الاستعداد للحوار مع احترام مواقفهم السيادية، مع دعم تركى لهذه الصيغة البائسة، ما يعنى أن الدوحة تريد تنازلات من الغير دون أى مراجعة منها. وهذه الصيغة عمليا تؤدى إلى مزيد من ثقة الطرف العاق بأنه هو الذى فرض إرادته، ولم يقدم أى تنازل، وأن الآخرين هم الذين جاءوا يطلبون الصفح والمغفرة. وأعتقد أن ثوابت السياسة المصرية واضحة فى هذا الشأن وليست محل نقاش. حتى الآن هناك إشارات ملتبسة، وهناك أطراف غائبة عن الحوار بشأن المصالح ة التى يفترض أن تكون جماعية وليست أقل من ذلك، وهناك أيضا عامل الزمن الذى يضيف بعضا من الغموض والإثارة على قضية المصالح ة الخليجية الجماعية. ونقصد به إعداد المسارح الإقليمية المختلفة لإدارة امريكية جديدة بعد شهرونصف شهرتقريبا لديها توجه مختلف عما كانت عليه الأمور فى السنوات الأربع الماضية زمن تولى الرئيس ترامب المنتهية ولايته. وهنا لابد من التذكير بأن إدارة ترامب تعرف جيدا كل التصرفات القطرية فى دعم الجماعات الإرهابية فى أكثر من بلد عربى وغير عربى، وفى إثارة المشكلات للعديد من الدول، وتعرف أيضا أن الدوحة تتعامل مع إيران بكل أريحية رغم موقف إدارة ترامب الصارم ضد إيران وما يعرف بسياسة اقصى عقوبات حتى ضد المتعاملين مع إيران، وتعرف أيضا أن قطر ما زالت تفسد التضامن الخليجى والعربى، ومع ذلك لم تأخذ موقفا قويا تجاه تلك المخاطر والتهديدات التى تمثلها السياسات والمواقف القطرية، ثم تأتى فى آخر أيامها وتسعى لتجاوز كل هذه السياسات التخريبية بدعوى استعادة التضامن الخليجى ومنع الأموال التى تدفعها قطر إلى إيران فى حدود 100 مليون دولار نظير خدمات الطيران القطرى فوق الأراضى الإيرانية.
هذه الملابسات على هذا النحو تثير أسئلة أكثر مما تقدم إجابات، وكثير منها يتعلق بأين موقع الأطراف الأخرى المعنية ب المصالح ة التى يجرى الحديث عنها، وذلك إن كانت هناك مصالحة حقيقية وتستند إلى أسس ومعايير تحول دون عودة الأمور إلى نصابها السابق، كما حدث من قبل بعد وعود قطرية لم يتحقق منها شىء واحد وتبخرت فى يوم التوقيع على التعهدات وليس بعده. وأسئلة أخرى تتعلق برغبة الرئيس ترامب فى إثارة العديد من المشكلات وترتيب أوضاع إقليمية ودولية بطريقة تخالف توقعات إدارة بايدن المقبلة، وفى هذا السياق يبرز الحديث المتواتر أمريكيا حول احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض لكى يفسد أى احتمال بحوار إيرانى أمريكى فى ظل بايدن على قاعدة عودة واشنطن الى الالتزام باتفاق البرنامج النووى الإيرانى الذى نقضه ترامب مطلع تسلمه السلطة. وأسئلة ثالثة تتعلق بما هى الفوائد الحقيقية والكبرى التى يمكن أن يحصل عليها الأطراف الذين قد يقبلون تهدئة أو مصالحة جزئية فى حال تعرض الخليج كله لمواجهة عسكرية أمريكية إيرانية، وأخيرا وليس آخرا، ما هى الفوائد التى يمكن أن تتحقق فى الوقت نفسه الذى يستمر فيه الطرف العاق فى تمويل الإرهاب وجلب قوى أجنبية تعادى دولا خليجية مثل تركيا للعمق الخليجى نفسه.
هذه الأسئلة وغيرها قد تتضح إجاباتها بشكل كلى أو جزئى فى الأسابيع المحدودة المقبلة، وبالقطع فإن الكثير من الإجابات وفق الإشارات الواردة من واشنطن/ ترامب قد لا تحقق أى تقدم حقيقى فى وحدة الخليج وأمنه الجماعى، وربما تحمل من الضرر ما يفوق الوضع الراهن بكثير، رغم جسامة التهديدات المتضمنة فيه. إن استعادة التضامن الخليجى والعربى مرهونان بتراجع الطرف العاق ووضعه تحت الاختبار ليثبت جدارته بمصالحة مسنودة بتحركات واضحة ومحددة وليست غامضة. لقد تعلمنا فى السياسات العربية أن سياسة تجاوز حل المشكلات من جذورها تقضى على أي فوائد جزئية يمكن تحقيقها فى وقت وجيز، بل إن تلك الفوائد الجزئية والمؤقتة إن حدثت تنقلب حتما وبعد فترة محدودة إلى منغصات ومشكلات وتراجعات ومفاسد عديدة، الكل فى غنى عنها.
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.