«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلنا عايزين صورة
نشر في بوابة الأهرام يوم 21 - 11 - 2020

نظرة من شباك صغير لا يتعدى المليمترات، وضغطة من طرف إصبع لا تكاد تلامس حتى تنتفض بعيدًا فقد تم المراد.. حركتان اثنتان تجعلان من بُعد المسافات بين مخلوقين اثنين يحملان الكاميرا بُعد ما بين السماء والأرض.. ما بين سنة أولى ابتدائى كفر دشنا و دكتوراه السوربون من باريس.. ما بين العادى والعبقرى .. ما بين القول المأثور وطق الحنك.. ما بين المتاح والقادر.. ما بين المصمت والفنان.. ما بين الحيطة والمحيط.. ما بين المصور بمكواة رِجل والجواهرجى بعدسة ألماظ.. ما بين مصور وآخر.. ومن هنا تكون الكاميرا فى يد البعض مجرد وسيلة لأكل العيش فى الكازينو بأخذ لقطة جماعية للقعدة الحلوة فى التماسى على الكراسى، وفى الفرح لمعازيم البوفيه ولقطة الكوشة التذكارية، وفى سرادقات العزاء أثناء وصول المشاهير، وفى افتتاح المهرجان لحظة إزاحة النجمات فتحة الذيل لإبراز عموم الساق، وفى الكشك المصاحب لاستخراج الأوراق الرسمية لتصوير الأذنين بارزتين بخلفية بيضاء تحسبًا للتزوير.. فى حين أنها تكون فى يد الآخر مجهرًا لاكتشاف الباطن لتطلع به للسطح، والخفى لتقرأه على الجبين واضحًا، والزيف لتسقط عنه الأقنعة.. و الكاميرا فى يد الموهوب مثل الأم الرؤوم المستشفة لنقاط الجمال التى ترى فى أنف ابنتها الطويل سر حسنها وجاذبيتها، وفى حول صاحب المقام الرفيع بؤرة التأثير القصوى، وفى صدر الأميرة الضئيل أنوثة لا تقاوم، وفى ضب النجمة جوهر الجذب، وفى قَتَب العالِم عطاء الموهوبين، وفى حَسَنة معالى الوزيرة مركز الشخصية، وتطلع الصورة المدروسة لقطة مثالية يتشبث بها صاحبها للنشر الدائم حتى ولو بلغ أوان الشيخوخة وكانت له فى شرخ الشباب ..
ولأن الصحافة مصفاة الجودة ولجنة امتحان عسيرة الإرضاء، وباب ملكى لعبور المحيط، ونافذة شهرة واسعة النطاق، ووسيلة مواصلات درجة أولى ممتازة لسكة الكبار، وبونوار فى المقدمة للحفل الساهر، فمن الصعب اختراق مصور ما لقلعتها والانضمام لإحدى عائلاتها اللهم إلا بإبراز تأشيرة مرور موقعة بثناء الغالبية على موهبته من بعد تقديم العشرات من أعماله على أنظار من بيدهم الأمر لإجازة دخوله عالمًا يعتمد على الصورة فى المقام الأول، فقد تُغنى لقطة واحدة عن مقال طويل عريض، وتشير ابتسامة زعيم فى لقطة إلى أن الحل فى الإمكان، ويفصح سلام الأضداد عن معجزة لقاء الساخن بالبارد، ويوضح زحام الاستقبال مدى قوة التأثير، وتكشف شوارع خالية أن المناخ أحكام عرفية أو تقفيل كورونا، وتنطق قذيفة قدم بأحقية فوز الفريق، ويرشد طرف رأس يطل من خلفية الصورة على تواجد الجاسوس، وتُثير لقطة دمار تعاطف المحسنين، ويفصح هلع طفلة وسط الرُكام عن ظلم القضية، وتعكس جثة طفل تقذفها الأمواج على الشاطئ مأساة شعب، ويكشف ظهر المسئول المتخاذل ما لم ينطق به الوجه، وتنقل إصبع الاستجواب خيبة الوزير.
ويعكس واقع زحام المدرج ندرة الاستيعاب، وتوضح لقطة علوية أرضية سباق الأرانب، وتترجم بطن التضخم سوء أوضاع الوضع، وتعقب صورة على كل ما قيل بقاطع الرفض، وتفضح صورة المبتلى بمد اليد، وتضبط صورة زيادة معدل السرعة، وتفتح صورة آفاقًا وتوصد أخرى بابا يجىء منه الريح، وتبنى صورة جسرًا وتطاول مئذنة وتهد بيتًا وتعلى زغرودة وتدق الطبول وتُشيّع فقيدًا وتوارى آثار الجريمة وتتوه فى المولد وتهتز فى حلقة ذِكر وتكبو فى حلبة ملاكمة وتدخل شرايين القلب مع إبرة وتعكس حجم الورم وتعرف نوع الجنين وتتجمع نقاطًا إلكترونية على الإنترنت وتصوّر نفسها بنفسها، وتلتصق أسفل القطار لتصوّر الفلنكات فى فيلم، وترتفع أعلى الرؤوس لتأخذ لقطة من الأعالى، وتصاحب موقع أقدام متسلق الجبال وهِلب السفينة الغاطس فى الأغوار وسكة انطلاق الصاروخ ومقدم السونامو فى أعالى البحار وبداية اهتزاز خرزة العين تحت جفن الجنين، وتشب على مقدمة عربة لتصوير مرور أعالى الشجر، وترقد فوق العشب شهورًا لمراقبة زهرة صبار تتفتح فى اكتمال البدر، وتمكث أعوامًا فى انتظار شعاع شمس ينفذ من بوابة معبد لجبهة تمثال، و.. تلاحق جلسات المؤتمر واجتماع الرؤساء وإذاعة البيان والحفل الخيرى وتوديع ضيف البلاد وتسليم الجائزة والحفل الخيرى وتخريج الدفعة ولا إله إلا الله على قشر بيضة وفرخة بثلاثة أرجل وعين واحدة وسط رأس خروف وزوجة لخمسة رجال وأولاد ذوات فى التخشيبة وطبيب متنمر وعيّل بالع علبة مسامير ومجلس عُرف الواحة ومنديل المأذون وعيد ميلاد النجمة لعاشر مرة وواحد عض كلب وحمار انتحر غرقًا وقرية تزوّج العيال وأخرى تزرع الياسمين وثالثة رجالاتها فاتحين محلات فاكهة فى باريس وحلاق صحة عنده عيادة فى البندر لجراحات المخ والأعصاب!
و..قد يتخصص مصوّر فى فن البورتريه لكن الصحافة فى دوامة المطالبة الشرهة لا تتركه هائمًا فى عالم حسناوات الغلاف فتنتزعه من الأودة الضلمة يضبط لمعان شفاه الموديل للانكفاء تحت كاوتش الحادث لتصوير ساق القتيل المحشور، والآخر الهاوى لرومانسية مناظر علاقة البحر بالشط وسحابات السماء المُشكَلَة ملائكة وحوريات يطلع له أمر تصوير بالعودة قبل الواحدة بلقطة معبّرة لضحايا الاعتداء من مشرحة زينهم، والمصوّر التابع للجهة الرسمية ليس على رأسه ريشة فمن حق أى محرر تحت التمرين اصطحابه معه فى وقت الراحة لتصوير موضوع قد لا يصلح للنشر، وهو ذات نفسه إذا ما تُرك لنفسه وموهبته ففى داخله نزعة فنية تنزع الريشة من على رأسه بكامل إرادته ليلتقط خلسة من شباك الموكب الرسمى إعلانًا عن اسم وجبة بطول عمارة يقول «مش مهم تقولها المهم تاكلها» أو عبارة «مع السلامة يا فتحية» على جانبى لورى محمل بالدبش أو «اعطس فى منديلك علشان ادعيلك» على ظهر كارو...
فى رحلتى الصحفية التقيت بالمصور بنوعياته: النجم والأستاذ والهاوى والطبيب النفسى والصبور لحد الغيظ والعصبى الشاخط الزاجر فى المتصور الواقع فى عرض كاميرا سيادته علشان الصورة تطلع حلوة.. وكان أن اصطحبته لسوء الحظ معى فى حوار مع المسئول الكبير «تعالى لى كده.. بلاش اللون ده.. عندك قميص أحمر شبابى عنابى روزمارى.. اقلع لى النضارة.. افتح لى الزرار التحتانى.. لا الفوقانى.. شيل إيدك.. انزل بدقنك.. كماااااان شوية.. قلنا شوية مش كتير.. عايز ابتسامة طبيعية.. بقول طبيعية.. سيب نفسك خاااالص.. مش خالص خالص.. خش لى شوية لقدام.. للوراء.. لليمين أكتر.. اطلع لى درجة.. طيب نجرّب درجتين.. على تانى سِلمة.. شيل دماغك.. متسيبشى ذراعك فى الهواء.. اعمل بيها أيتها حاجة أيتها حاجة.. دخلها فى جيبك.. حطها وراك.. امسك بيها الدرابزين.. ماتزغرشى كده.. خللى الننى جوّه عينك يتفسح رايح جاى.. لا من فضلك مش لدرجة الحول.. برضه ماينفعشى كده.. وشك دلوقت ما بيقولشى حاجة.. اسرح لى فى حاجة مهمة.. متروحشى بعيد خالص.. خليك عندى.. كمان شوية.. أيوه كده.. بس.. ستوب.. ولا حركة.. واحد.. أنا قلت واحد ماقلتش اتنين دلوقت أنا باقول اتنين ياللا قول معايا تشيز.. عايز الأسنان تبان.. معلش هانبقى نشيل السن المسوّس بالرتوش.. يا سيدى اتحركت.. نعيد من الأول.. امشى لوراء وتعالى بشويش.. لما أشاوّر تقف مطرحك على نفس الوضع علشان الصورة تطلع طبيعية خالص.. برضه عينك اليمين رمشت.. خلاص بلاش الوضع ده.. نعيد تانى.. قوم أقف.. وشك لفوق عينك لفوق ضهرك لفوق كتفك لفوق.. اركن على الكرسى.. خد الشلتة فى حضنك.. خللى الشهادات وراك.. افتح أى كتاب.. هات لى الغُلاف ناحيتى.. خطوة لا خطوتين.. فين الكاميرا بص لإيدى.. إيدى فين صباعى فين النور فين العدسة فين عينك فين.. هنا يا سيدى.. بص لى هنا.. أنا هنا.. ابلع لى تفاحة آدم.. وسع لى الحزام خرمين.. مش عايز كرش.. مافيش مانع هات المدام معاك.. بصى من فضلك يا هانم لحضرته.. اشفطى بطنك يا هانم لجوّه.. طلعى يا هانم صدرك لبرّه.. فين يا هانم نظرة الحُب.. عايز يا هانم دلال شوية.. يا هانم دى صورة غلاف مش صورة بطاقة.. بص لها حضرتك.. حط إيدك عليها بالخفيف حضرتك.. ميّلى براسك يا هانم شوية ناحيته.. هاتى لى يا هانم شعرك لوراء.. بططى لى يا هانم من فضلك البوكلة.. شدى لى يا هانم فورمة التسريحة كلها لتحت.. طلعى لى يا هانم فردة الحلق لقدام.. امسحى يا هانم الروچ من على دقنك.. بلاش البروفيل.. لا لِك يا هانم طبعًا ولا لسيادته.. هاتى لى يا هانم خدك.. هاتى لى يا هانم دراعك.. هاتى لى يا هانم رقبتك كده لأ مش كده.. أيوه كده.. ولا حركة.. الأولاد فى الصورة مافيش مانع.. خُشى يا حلوة على جدو.. حط العيّل يافندم على حِجر سيادتك.. يا هانم شيلى عنه العيّل.. اسمك إيه يا حبيبى.. لأ مش عايز عيّاط.. يالله بوس جدو.. ماعندكوش لعبة؟.. أيوه إلعب معاه يافندم الكورة.. اندمج سيادتك فى الماتش.. إنت زملكاوى ولاّ أهلاوى يا حبيبى؟.. عارف عمو مرتضى.. برافو يا جدوو.. عايزها لقطة طبيعية خالص.. ماعندكوش مطبخ.. ياللا يافندم شيّل صينية القهوة قدمها للهانم.. بصى يا هانم له بإعجاب.. بص لها يافندم بغرام زمان.. اندمج يا فندم فى الرد على التليفون.. مش مهم حد ع الخط التانى.. بص سيادتك ناحيتى بألاطة.. ادينى ألاطة أكتر.. آسف يافندم حنضطر نتوقف قليلا علشان أغيّر الفيلم.. على فكرة أنا صورت سيادتك لغاية دلوقت مع الهانم والأحفاد خمس أفلام والمجلة صرفت لى فيلمين بس لكن كله فداء سيادتك.. علشان تطلع صورة إنما اللى هىَّ!
على مدى سنوات العمر الطويل كان المصور الصحفى فيها صديقًا ورفيقًا ومؤثرًا ومكمّلا إن لم يكن أيضًا متسيدًا لموضوعى وتحقيقى وصفحاتى ولقطات ذكريات الأمس البعيد والقريب والتى منها صورة لظهر فاروق بالبدلة البحرية الرسمية متجهًا للصعود لمركب المحروسة مغادرًا مصر للأبد بعد ثورة يوليو 52، وصورة لظهر جمال عبدالناصر تظهر آثار الإرهاق الذى يعانيه وكان فيها مودعًا لأمير الكويت بعد آخر قمة عربية عقدها فى سبتمبر 70، وصورة لمحمد نجيب متخاذلا بين يدى الحراس لحظة القبض عليه لإيداعه منفاه بالمرج، وصورة لمصطفى أمين داخل القفص تخاذل عن التقاطها له فى البداية المصور حسن دياب فناداه مصطفى قائلا: خذ اللقطة يا حسن أنا الآن مجرد متهم تم القبض عليه ومهمتك التغطية الصحفية لجريدتك، وصورة لعبدالناصر هابطًا فى شموخ من فوق منبر الأزهر بعد إلقاء خطابه من بعد النكسة وهى اللقطة التى شرحها لنا أحمد زكى بعد قيامه بتقمص شخصية الزعيم الخالد بأن ناصر الحزين فى صعوده كان يرفع قدمه بالكاد فوق الدرجات لكنه من بعد حماس الجماهير وقسمها برد الثأر هبط ممسكًا بالدرابزين بحزم متوثبًا كابن العشرين الذاهب لمهمة العمر فى بداية لحرب الاستنزاف، وصورة لصدام حسين بعد القبض عليه مشعثًا يفتشون ما بين أسنان فمه وقد وجدوه فى مخبأ سرى تحت الأرض مكث فيه طويلا، وصورة قام بإخراجها بنفسه الزعيم عادل إمام لغُلاف مجلة «نصف الدنيا» تجمعه مع أفراد أسرته وبعد اطمئنانه على المشهد كاملا من خلال العدسة أسرع ليقف فى المنتصف أمام الكاميرا لتحظى المجلة باللقطة النادرة، وصورة للملك فؤاد عندما كان أميرًا فى مكتبه بجامعة فؤاد الأول حينما كان مديرًا للجامعة من سنة 1908 إلى 1913، حيث لم يتولّ الحكم ليجلس على العرش إلا بعد وفاة شقيقه السلطان حسين كامل عام 1917 ليتنازل له ولى العهد كمال الدين حسين عن العرش فى أكتوبر 1917 والحرب العالمية الأولى لم تزل فى أوارها. وصورة التقطها محمد حجازى جمعنا فيها على شاطئ النيل قطبى جائزة نوبل: نجيب محفوظ وأحمد زويل وجلسنا إليهما نستقى نور المعارف وننعم بنسيم التواضع ونضحك من القلب لقمم الفكاهة وخفة الظل، وصورة لوابور جاز على أرضية اهتراء داخل قطار الصعيد فى ريبورتاج صحفى بعنوان «السكك الحضيض» أيام لم يكن الوزير وزيرًا والتذكرة فى السوق السوداء تضيع فيها الرقاب وصورة للرجل المتجهم فى خلفية اللواء عمر سليمان ملقيًا ببيان تولى القوات المسلحة أمر البلاد وأى صورة للواء العصار التى تعكس وطنية دع سمائى فسمائى محرقة، دع قنالى فمياهى مغرقة، واحذر الأرض فأرضى صاعقة.
ولأنها مدرسة الصورة الصحفية التى تُغنى عن مئات من صفحات الكلام كانت «أخبار اليوم» فى عهد مصطفى وعلى أمين تخصّص مربعًا على الجانب الأيسر من صفحتها الأولى للقطة الأسبوع التى يفوز بها أحد أساتذة التصوير وعلى رأسهم محمد يوسف وحسن دياب وأحمد يوسف ومحمد القيعى ومحمد بدر ومكرم جاد الكريم ومحمد رشوان ولم يزل الكثير من تلك الصور مطبوعة على شاشة الذاكرة وكأنها يادوب طالعة من أودة التحميض ومنها صورة لوجه النجمة كاميليا بكامل حُسنها تُجاورها صورة لنفس الوجه محترقًا فى حادث طائرة أودى بحياتها وكان الصحفى الذى غطى الخبر هو محمد حسنين هيكل الذى جلس فى صورة شهيرة يقيم حوارًا مع الملكة نازلى فى المنفى هاجمت فيه ابنها فاروق ملك مصر السابق، وفى نفس المربع من جريدة أخبار اليوم الأسبوعية كانت هناك صورة للسيدة زينب هانم الوكيل تجمع فى حضنها بسعادة بالغة جبلا من أموال التبرعات الخيرية وفى الخلفية يقف النحاس منتشيًا وكانت اللقطة قد وقعت فى يد من لا يرحم وهما التوأم على ومصطفى أمين ألدّ أعداء حزب الوفد اللذين أظهرا زعيم الوفد وحرمه فى الوضع المريب
وقد أتى اليوم الذى استطعت فيه بعد سنوات الأخذ بثأر النحاس باشا عندما كتبت مقالا عنه أعيد نشره فى صحيفة الوفد تتوسطه صورة النحاس عندما كان لايزال نائبا فى البرلمان يتوسد كنبة المحطة بهدومه وحذائه وطربوشه من شدة التعب عندما تأخر قدوم القطار وفى نفس المكان من الصفحة الأولى فى أخبار اليوم ظهرت صورة الغادة الحسناء صافيناز نور جالسة بضفيرتها الخلابة وكنت العبدة لله التى أحضرتها من المصوّر «ألبان» من منطلق القرابة الأسرية لتنفرد «أخبار اليوم» عالميًا بنشر صورة خطيبة الأمير فهد قبل توليه العرش، وصورة داخل موضوع فى «آخر ساعة» لصلاح منتصر عام 54 حول قصر عابدين بعد الثورة تُظهر فلاحًا وزوجته فى وضع الانبهار أمام أبهة فراش الملكة، وصورة رسمية بالنياشين لفاروق وناريمان بفستانها القطيفة النبيتى السواريه يحمل فيها الملك السابق ولى عهده أحمد فؤاد بعد ولادته بشهر ونصف، وصورة فى شرفة الكابين لأم كلثوم وشلة مصيف رأس البر «محمد التابعى ومصطفى وعلى أمين»، وصورة لمحمد عبدالوهاب يتطلع فيها للجمهور من خلال فتحة فى ستار المسرح الذى ستُغنى فوقه بعد لحظات أم كلثوم لقاء السحاب «انت عمرى»، ولم تكن صورة واحدة بل ملء حقائب سفر متخمة باللقطات النادرة التى لم يطلع عليها أحد لأسمهان فى طفولتها وصباها وبالملابس العسكرية أثناء الحرب العالمية يُلازمها فى الكثير منها الجنرال مونتجومرى قام بسحب حقيبة منها من تحت فراش حجرة النوم ابن شقيقها فؤاد الأطرش فى فيلته بالمعادى ليُطلعنا على بعض كنوزها كنوع من الإغراء الذى لم نستطع حياله تقدير الموقف المالى المقابل وخرج المسلسل التليفزيونى الأكتع حول حياة أسمهان بلا وثائق ولقطات تاريخية وذهب تاريخ أسمهان المسجل أدراج الرياح وإن لم تكن هناك رياح تحت السرير..
وفى مظروف حميم وجدتنى محتفظة بعدة لقطات نادرة للراحلة رجاء الجداوى عندما اصطحبتها زمان إلى فيللا يوسف وهبى بك لتقوم بعرض باقة من الأزياء الدانتيل من فوق أشجار غابة الفيللا الغناء التى اصطحبنا صاحبها بعدها للبدروم لتصويره بين معرض لمبات الجاز التى اقتناها من بلاد العالم وكان المصور الفنان الذى يصاحبنا هو الراحل فاروق إبراهيم الذى قام يومًا بملازمة السادات على مدى أربع وعشرين ساعة ليخرج بلقطات نادرة منها وهو يحلق ذقنه صباحًا بالفانلة وبنطلون البيچامة وأثناء تأديته تمرينات الصباح وإفطاره المكوّن من الجبن القريش، ولعلها من أبرز صور السادات تأثيرًا عندما وقف يتسلم درع شقيقه الأصغر طلعت السادات أول شهيد فى حرب أكتوبر، وهل تنسى الذاكرة صورة مبارك فى القفص ينادى على اسمه فيُلبى «أفندم»، وصورة وداعه رسميًا ملتفًا بعلم مصر يشيّعه الرئيس السيسى والقادة والأبناء، وصورة مرسى فاتحًا الجاكيتة فى ميدان التحرير معلنًا فوزه فى انتخابات الرئاسة على منافسه أحمد شفيق قبل إعلان النتيجة موجهًا تشكراته لسائقى التوك توك، وصورة البلتاجى فى رابعة معلنًا إمكانية وقفه لجميع عمليات الإرهاب فى سيناء من موقعه وفورًا شريطة الإفراج عن مرسى، وصورة موكب مرسى متجولا بسيارته المفتوحة فى الاستاد يصفّق له ضيوفه من خريجى معتقل الإخوان الذين يجلسون بصفاقة جنبًا إلى جنب بجوار السيدة جيهان السادات من قتلوا زوجها فى حادث المنصة.. وكانت غلطة السادات فى إطلاق سراحهم ظنًا منه أنه قادر على استئناسهم سياسيًا وفى عام 81 وصل إلى قناعته الأخيرة بقوله: «ليس هناك جماعة إخوان وجماعات إسلامية كلهم واحد» ومن بعد اغتياله اختار مبارك التعايش معهم مع منحهم هامشًا أكبر ولكنهم حاولوا اغتياله مرات وكانت أثيوبيا أبرزها.. وفى عهده تسللوا إلى مداخل جميع مفاصل النظام كالبرلمان والتعليم والإعلام والخدمات الاجتماعية والنقابات والاستثمار والبنوك الإسلامية والأعمال الخيرية ولم يكن سقوط مبارك فى ثورة الربيع العربى عام 2011 إلا السطر الأخير من القصة وشاهد ميدان التحرير صورة هيلارى كلينتون التى أتت لتفقد أرض المؤامرة التى كشفت عنها التسريبات الأخيرة، وصورة للشيخ محمد متولى الشعراوى بالبدلة فى لندن غلافًا لعدد ممتاز من نصف الدنيا عن المشايخ، وصورة لبرج دبى أعلى ناطحة سحاب فى العالم فى احتفالات رأس السنة، وصورة لسيمون دى بوفوار وجان بول سارتر فى زيارتهما للأهرام، وصورة للقذافى يشرح لنا فى الأهرام دور المرأة فى الحياة بالطباشير فوق السبورة، وصورة سقوط جدار برلين الذى خضت يومًا تجربة المرور من خلاله لألمس الفارق الشاسع بين الجانب الشرقى والغربى بين الحياة والموت بين الرحابة والأسلاك الشائكة، وصورة الأميرة ديانا تحمل صغيرها هارى على جانبها كالفلاحات المصريات على طرف صورة تشمل الأسرة المالكة بكامل أفرادها واليوم وبعد وفاتها ب23 عاما فى حادث سيارة بباريس عام 1997 يتحدث هارى «31سنة» عن رغبته فى إنجاب الأطفال الذين يعشقهم ويقول إنه سعيد بكونه العم المرح للأمير چورچ والأميرة شارلوت ابنى شقيقه الأمير ويليام ويأسف «هارى» لتأخره فى الحديث عن تأثير وفاة والدته عليه عندما كان فى الثانية عشرة مؤكدًا أن معاناة الطفل ليست مشكلة بقدر مواجهتها والبحث عن حل لها، وصورة تفكيك تمثال صدام حسين بعد الاجتياح الأمريكى عام 2004 وإعدام صدام فى اليوم الأول من عيد الأضحى لإثارة الفتنة واستفزاز المكون السنى بالعراق، وصورة أردوغان يصلى بالحذاء فى أيا صوفيا الكنيسة التى حولها أخيرًا إلى جامع.
وعديد من الصور للمصريين بالملايين أهمها فى ثورة 30 يونيو وفى 30 سبتمبر فى وداع عبدالناصر وفى جنازة النحاس.. والصور المريرة كثيرة منها فيديو إحراق الإرهابيين للطيار الأردنى معاد الكساسبة حيًا ليتحرك داخل قفص وهم يتصايحون منتشيين من حوله ويبثون الصورة البشعة إلى كل الدنيا، وصورة عشرات المسلمين القتلى فى مسجد بفنلندا، وصورة الانتحار الجماعى ل918 ضحية الذين قادهم جيم جونز عام 1978 لتناول شراب سام فى معبد الشعب بغويانا، وصورة الإرهابى الإخوانى الملتحى يُلقى شابًا حيًا من فوق سطح عمارة بالإسكندرية، وصورة عشرات القتلى فى لحظات الركوع يرديهم الإرهاب الأسود فى مسجد الروضة بسيناء، وصورة اختراق الطائرتين لمركز التجارة العالمى فى 11 سبتمبر بنيويورك الذى عاقبت أمريكا من بعده من استهدفوا هيبتها ووسعت دوائر العقاب.. جثة بن لادن ضائعة فى المحيط وأبوبكر البغدادى الذى توارى بعدما خسر دولته ومن بعدها عاش الشرق الأوسط سلسلة أعاصير فرخت خرائط ودولا وهزت توازنات وغيرت ملامح منها الحرب على القاعدة وغزو العراق واندلاع الربيع العربى وإطلالة داعش والجرح السورى المفتوح الذى تضمن مبارزات إقليمية ودولية فوق بحيرة من الدم، وصورة انفجار مرفأ بيروت الذى دمر نصف بيروت فى أوسع عملية اغتيال على شاطئ المتوسط، حيث اختلط عشاق الدم بعشاق الخراب ولم يبق من لبنان الكبير إلا ثريا معلقة فوق الفراغ.. لم يبق من لبنان إلا فيروز النبع الوحيد الذى لم تنجح الحروب فى تبشيعه. فيروز الغيمة الوحيدة التى تعد بالمطر فى بيروت. المنديل الأخير الذى يمسح دموع المهاجرين. لم يبق من بيروت إلا الصوت الكبير المطابق للبنان الكبير. الصوت المسافر فى الخريطة وخارجها. ومن منزل الأيقونة التى يقرع صوتها كالأجراس فى ضمائر المكسورين تأتى الصورة التى تناقلتها جميع وسائل الإعلام للرئيس الفرنسى فرانسوا ماكرون يزور فيروز فى بيتها بالجبل ليتناول على مائدتها وجبة العشاء. ولا يمض وقت طويل على إشعاع إنسانية ماكرون إلا ويهبط مؤشر الإعجاب به إلى درجة التدنى بعد ظهوره فى صورة يحاضر فيها عن الإسلام بألفاظ اعتذر عنها رسميًا بأن ترجمتها لم تكن مطابقة للواقع وأتى وزير الخارجية الفرنسى للاعتذار أمام الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى وذهب للأزهر ليكرّر الاعتذار للإمام الأكبر.. لكن ماكرون عاد من جديد داخل لقطة يهلفط فيها ثانية عن الإسلام وحرية التعبير!
ومثلما كان لمصر السبق فى أن تكون أول البلدان الافريقية التى تعرفت على الصور الفوتوغرافية عقب اختراع آلة التصوير بشهرين لا غير عندما التقطت أول صورة فوتوغرافية فى الاسكندرية بتاريخ الثانى من نوفمبر 1839 فى قصر رأس التين لمحمد على باشا كان لها أيضًا السبق فى أن يكون أول من يلتقط صورًا فوتوغرافية للكعبة المشرفة والمدينة المنورة وشعائر الحج والعمرة أحد المصريين وهو الرحالة المصرى محمد صادق باشا الذى وُلد بالقاهرة عام 1822 وتخرج فى المدرسة الحربية بالخانكة، حيث درس إلى جانب فنون القتال الرسم والهندسة ولنبوغه المستمر تم اختياره ضمن البعثة العلمية المسافرة إلى باريس وفى رفقته اثنان من أبناء إبراهيم باشا وهما الخديوى إسماعيل والأمير أحمد وعاد صادق باشا من البعثة ليُعين مدرسًا للرسم فى المدرسة الحربية بالقلعة، وتفرغ لتأليف عدة كتب مزودة بالخرائط التى تُبين طرق الحج ومسالكه على طول المسافة ما بين مصر والحجاز ولأول مرة فى التاريخ تضم هذه الكتب مجموعة رائعة من الصور الفوتوغرافية لمكة والمدينة التى زارهما مرات كثيرة بصفة رسمية وشخصية منذ عام 1860 حتى عام 1885.
وربما كانت زيارته فى عام 1880 الأكثر أهمية حيث ضمها بجميع خطواتها مؤلفه الثانى «مشعل المحمل» الذى يروى سير الحاج المصرى برًا من يوم خروجه من مصر إلى يوم عودته، وكان صادق باشا عند ذاك فى مهمة عمل رسمية بصفته أمين صرة المحمل المصرى.. ولعل أهم تفاصيل الكتاب ذكر البروتوكول المتبع فى سفر المحمل المصرى بالتفصيل حيث يذكر صادق باشا أنه فى يوم 22 محرم 1297ه الموافق 27 سبتمبر 1880 تهيأ محفل المحمل الشريف بميدان محمد على فى تمام الساعة الثالثة ظهرًا بحضور خديوى مصر محمد توفيق باشا، وتسلم أمير الحج زمام جمل المحمل من يد الخديوى توفيق بحضور النظار وشيخ الإسلام ولفيف من العلماء والمشايخ الأجلاء والأمراء وكبار رجال الدولة، وتحرك المحمل فى موكب عظيم وصل إلى العباسية فى تمام الساعة الخامسة، وفى اليوم التالى تم تسليم صرة المحمل من خزينة الروزنامجة بحضور أمير الحج وأمين الصرة والكاتب والصراف والروزنامجى ونائب الشرع والشهود.. وفى اليوم الثالث تم تسلم كسوة الكعبة الشريفة وهى من إحدى عشرة قطعة وفى يوم الخميس 30 سبتمبر 1880 الموافق 25 محرم 1297 أطلقت مدافع القيام وتحرك الموكب قاصدًا الأراضى الحجازية.. وفى هذه الرحلة كانت كاميرا صادق باشا مصاحبة له فى المكوث والترحال وهو ما أكده أثناء سرده للتفاصيل، ويذكر أيضا أنه فى 23 نوفمبر 1880 «تيسر لى فى هذه الأيام أخذ رسم المسجد المكى والكعبة بالفوتوغرافيا وأخذ رسم مسطحه على قدر الإمكان رغم كثرة الازدحام وعدم الفراغ» الساحة التى لا أعاد المولى صورتها الحزينة شاغرة فى أيام الوباء وقد حاز صادق باشا على الميدالية الذهبية من الدرجة الأولى فى معرض ونيزيا عام 1881 على الصور التى التقطها ولم يسبقه أحد فيها بشكل قاطع وتاريخى.
واليوم فى معترك التعليقات والتحليلات حول نتائج الانتخابات الأمريكية استرعانى رأى السيدة المحنكة بقولها إن أسرة ترامب هى السبب المباشر لسقوطه وليس وفيات الكورونا وذلك لافتقاد حملة الجمهوريين للقطة استراتيجية لم تعمل الزوجة ميلانيا لها ألف حساب وحساب ربما لنيتها المبيتة لطلب الطلاق بينما كانت ملتزمة فقط بالصعود للمنصة لطبع قبلة مثل ورقة البوستة الباردة على خد الزوج بعد إلقائه كل خطاب غافلة عن دورها كزوجة للرئيس عليها الكثير من السعى لرأب الصدع بين الأمواج الغاضبة، وعلى سبيل المثال كان فى استطاعتها تحويل الدفة لصالح زوجها من جانب الملونين إذا ما ظهرت فى صورة تقدم فيها العزاء لشقيقة چورچ فلويد قتيل الشرطة الأسود، أو حتى الظهور بملابس سوداء خلال حفل تأبينه.. و..فتش عن المرأة.
ويوم وراء يوم تسجل الكاميرا صورًا لن تغيب مثل صورة رؤساء القبائل الليبية فى اجتماع برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى وبينهم ابن المناضل عمر المختار، وصورة الرئيس مع أطفال مصر على ظهر المحروسة فى احتفال فتح فرع القناة الجديد، وصورته يهبط درجات لمصافحة فاتن حمامة تقديرا لمكانتها، وصورته الحديثة بالقميص والبنطلون فى العاصمة الجديدة يتابع العمل فى مدينة الثقافة وأوبرا العاصمة ومتفقدا أكبر مدينة رياضية أولمبية بالشرق الأوسط، وصورة الطفل ابن الشهيد الذى استشعر فى الرئيس بعثا جديدا لأبيه فانتزع يده من أمه وانطلق بملء شوقه كالقذيفة لحضن الحنان الذى فتح له ذراعيه.. وعشرات.. مئات.. آلاف الصور التى يسجلها الامتنان على شاشة الفؤاد..
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.