لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    اليوم.. «محلية النواب» تناقش طلب إحاطة بشأن إزالة 30 عقارًا بالإسماعيلية    الريال السعودي يواصل التراجع مقابل الجنيه بالبنك الأهلي اليوم الثلاثاء    بنك مصر يوقع عقد قرض طويل الأجل ب 990 مليون جنيه مع إيديتا للصناعات الغذائية لتمويل خطوط إنتاج جديدة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم    محافظ جنوب سيناء: نسعى للنهوض بالسياحة العلاجية وشرم الشيخ تتميز بتنوعها السياحي    طهران تصدر تحذيرات مشددة للدبلوماسيين الإيرانيين في الخارج    آخر مستجدات جهود مصر لوقف الحرب في غزة والعملية العسكرية الإسرائيلية برفح الفلسطينية    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    زلزال يضرب محيط مدينة نابولي جنوبي إيطاليا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    10 لقطات لا تنسى في موسم الدوري الإنجليزي 2023-2024 (صور)    رقم تاريخي لعدد أهداف موسم 2023/24 بالدوري الإنجليزي    الحالة الثالثة.. التخوف يسيطر على الزمالك من إصابة لاعبه بالصليبي    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    أول صور لحادث سقوط سيارة من أعلى معدية أبو غالب في المنوفية    بالأسماء، إصابة 18 عاملًا في انقلاب ميني باص بالشرقية    موعد عرض مسلسل دواعي السفر الحلقة 3    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    جهات لا ينطبق عليها قانون المنشآت الصحية الجديد، تعرف عليها    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر: توقيت وقفة عرفات وعدد أيام العطلة    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق في منتصف الأسبوع الثلاثاء 21 مايو 2024    حمدي الميرغني يحيي ذكرى رحيل سمير غانم: كنت ومازلت وستظل أسطورة الضحك    تعليم الوادى الجديد تحصد المركز الثامن بالمسابقة البحثية للثقافة الإسلامية    بعد رحلة 9 سنوات.. ماذا قدم كلوب لفريق ليفربول؟    جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية تنهي كافة الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    براتب 5000 جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بالقاهرة    قبل طرحه في السينمات.. أبطال وقصة «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    عاجل.. مصرع شاب إثر غرقه بمياه نهر النيل بمنشأة القناطر    فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    وزير الصحة: صناعة الدواء مستقرة.. وصدرنا لقاحات وبعض أدوية كورونا للخارج    وزير الصحة: مصر تستقبل 4 مواليد كل دقيقة    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    رفع لافتة كامل العدد.. الأوبرا تحتفي وتكرم الموسيقار عمار الشريعي (تفاصيل)    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    على باب الوزير    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم 9 أكتوبر.. عرف شارون أن المصريين لحمهم مُرّ!
نشر في بوابة الأهرام يوم 13 - 11 - 2020

(فى تاريخنا وحاضرنا.. أيام وأسماء وأحداث وإيجابيات وإنجازات وأبطال وبطولات لا تُنسى ويجب ألا تُنسى.. و مسئولية الإعلام أن يبعدها عن النسيان ويبقيها فى دائرة الضوء .. يقينًا لنا.. بأن الأبناء من نفس جينات الآباء.. قادرون على صناعة الإعجازات .. ويستحيل أن يفرطوا فى حق الوطن.. مهما تكن التضحيات).
وقفت الأسبوع الماضى عند نهاية يوم 8 أكتوبر.. اليوم الذى سيبقى ما بقيت حياة على الأرض.. أحد أهم الأيام لدينا هنا.. وأيضًا عندهم هناك!. هنا.. لأنه يوم التحول الرئيسى فى حرب أكتوبر .. وتأكد العالم من أن جيش مصر انتصر ومعرفة العالم أن أسطورة الجيش الذى لا يقهر سقطت وانتهت!.
وهناك.. لأن كيسنجر وزير خارجية أمريكا أوقف عجلة الزمن 48 ساعة.. لا أمم متحدة ولا مجلس أمن ولا أى دولة.. ممنوع على الجميع التحرك والتدخل بأى طريقة لوقف الحرب القائمة فى الشرق الأوسط.. إلا بعد انتهاء يوم 8 أكتوبر.. الذى فيه ستقوم إسرائيل بالهجوم المضاد وتحتل الإسماعيلية والسويس وتحاصر الجيشين الموجودين فى سيناء وتملى على العالم شروطها لأجل وقف الحرب!.
هناك.. هجومهم المضاد الذى حبسوا أنفاس العالم لأجله.. هو الشىء الوحيد الذى تم يوم 8 أكتوبر.. وفيما عدا ذلك كل ما خططوا له وحلموا به اتوكسوا فيه!. ال1000 دبابة التى حشدوها لدحر القوات المصرية وإنهاء الفوضى القائمة فى سيناء من بعد ظهر 6 أكتوبر.. الدبابات الألف فشلت فى أن تزحزح المصريين مترًا واحدًا عن المواقع التى احتلوها فى عمق سيناء بمواجهة 170 كيلو!. جيش مصر حقق رقمًا قياسيًا عالميًا لم تشهده معركة فى حرب من قبل.. عندما دمر 112 دبابة للعدو فى 20 دقيقة وعندما أسقط أكبر عدد من القتلى والجرحى والأسرى من العدو فى هجومه المضاد الذى استدرجناه فيه إلى أن دخل الصيد المصيدة.. التى كانت جهنم الحمراء فى مربع جحيم.. أضلاعه 15 كيلومترًا مربعًا!. هناك.. بعد أن عرف كيسنجر ما حدث للهجوم المضاد.. نطق بأول اعتراف عالمى بانتصار جيش مصر يوم 9 أكتوبر الذى صرح فيه بقوله: لقد حقق العرب نصرًا استراتيجيًا فى الشرق الأوسط.. دون النظر إلى النتيجة النهائية للحرب.. وأصبح هناك وضع جديد ولن تعود العجلة إلى الوراء!.
لهذه الأسباب.. الأحداث التى وقعت يوم الاثنين 8 أكتوبر 1973 جعلت منه يومًا فارقًا فى حرب أكتوبر ويومًا لن تنساه إسرائيل الذى أطلقت عليه الإثنين الحزين !.
رحل 8 أكتوبر تاركًا بصماته التى وضحت الرؤية فى مسار الحرب اعتبارًا من صباح يوم 9 أكتوبر.. الذى فيه تحددت الإجراءات.. هنا وهناك.. المطلوب تنفيذها!.
تصريح كيسنجر .. حامى حمى الصهاينة.. فى هذا اليوم واعترافه بانتصار جيش مصر .. يبدو أن هذا التصريح وذاك الاعتراف رفع الحرج عن دول الغرب وفى مقدمتهم إنجلترا وفرنسا!. وزيرا خارجية الدولتين أعلنا أنهما لا يدينان شعبًا يحاول تحرير أرضه.. وأن الحرب فى الشرق الأوسط حرب تحرير عادلة!.
يوم 9 أكتوبر.. شهد إصرارًا من القيادة المصرية.. على إنجاز ما تم التخطيط له والتدريب عليه بدقة بالغة.. إنجازه قبل أن ينتهى هذا اليوم!. المهمة القتالية للقوات البرية فى هذا اليوم.. الوصول إلى خط المهمة المباشرة!. يعنى احتلال كل الهيئات الحاكمة على امتداد ال170 كيلو مواجهة وبعمق من 6 إلى 12 كيلومترًا فى سيناء!. وهذا ما حدث.. والقوات المصرية واصلت التقدم وواصلت اكتساح قوات العدو إلى أن احتلت الأهداف المحددة سلفًا!.
ملاحظة: القوات المكلفة بتنفيذ هذه المهمة.. هى من مختلف الوحدات.. مشاة ومدرعات ومدفعية وقوات خاصة.. وجميعها تدربت.. فرادى وفى مشروعات ومناورات.. على كل صغيرة وكبيرة من بعد اقتحام المانع وتخطى الساتر الترابى وصد هجمات العدو المضادة.. إلى أن تصل إلى خط المهمة المباشرة!. التدريبات والمشروعات والمناورات التى قامت بها الوحدات قبل الحرب.. هدفها الوصول إلى خط المهمة المباشرة.. وبعدها.. ووفقًا لما ستمليه ظروف الحرب.. إما وقفة تعبوية أو استمرار القتال!.
على الجانب الآخر.. مذبحة الدبابات التى حدثت للفرقة 162 مدرعة وقائدها الجنرال أدان ووقوع العقيد عساف ياجورى فى الأسر.. إما أن أخبارها لم تصل الجنرال شارون أو أنها وصلت.. وأراد هو أن يكون البطل المنقذ الذى حقق ما فشل فيه الهجوم المضاد الذى عاش العالم على أعصابه فى انتظاره!.
شارون حدد الدفرسوار هدفًا لهجومه.. حيث طبيعة الأرض مرتفعة فى الشرق وآخذة فى الانخفاض تجاه الغرب.. يعنى ميول فى الأرض تساعد دباباته على الاندفاع بسرعة كلما اتجه غربًا!. فرقة شارون المدرعة.. مكونة من ثلاثة ألوية مدرعة.. قادتها هم: أمنون ريشيف وتوفيا رفيف وحاييم أريز.. حيث يهاجم حاييم تبة الطاليا ويستولى عليها باعتبارها أهم هيئة حاكمة وتمثل موقعًا استراتيجيًا هائلاً.. وكانت قد سقطت أمام لواء مشاة مصرى يوم 8 أكتوبر قائده العميد شفيق مترى الذى استشهد يوم 9 أكتوبر وتولى قيادة اللواء العميد محمد على الكسار.. الأهم فى هذه الحدوتة المبهرة أن الطاليا تعرضت إلى تسع هجمات مضادة أولها هجوم الكتيبة 429 بقيادة أرييه كيرين وآخرها صباح يوم 20 أكتوبر بتشكيل من المدرعات والمشاة الميكانيكى والقوات الخاصة.. اسمه «قوة عتسلوت» بقيادة الجنرال ليوئيل جوروديش قائد اللواء 274...
الهجمات المضادة التسع فشلت فى زحزحة المصريين.. وكل هجوم ينتهى بدبابات مدمرة وجثث للعدو ومبعثرة.. وبقيت الطاليا محررة!. شارون فقد الجزء الأكبر من قواته الضاربة!. شارون قام بأول هجوم بعد أول ضوء فى السادسة والنصف صباحًا.. مستغلاً سطوع الشمس بزاوية 25 درجة وما فوق مع الوقت.. وفيها تكون الشمس فى عيون القوات المصرية وتصعب عليهم الرؤية الجيدة والمراقبة والتصويب!. يعنى طبيعة ميول الأرض معه والشمس معه والدبابات كمًا وكيًفا معه.. ومع ذلك فشل الهجوم الأول.. وعاد شارون مهاجمًا فى التاسعة والنصف صباحًا ثم الواحدة والنصف وبعدها فى الرابعة والنصف ثم السادسة والنصف.. وهكذا إلى أن وصل هجومه الأخير فى الثانية بعد منتصف الليل.. بإجمالى 12 هجومًا.. بعضها فى محور واحد والأخرى فى محورين وثلاثة.. وفى كل هذه الهجمات لم ينجح شارون فى اختراق القوات المصرية إلا فى اتجاه واحد بقوة كتيبة مدرعة تقدمت قرابة ال2 كيلومتر داخل المواقع المصرية التى أطبقت الحصار عليها.. ونصبت لها حفلاً بالصواريخ المضادة للدبابات والRPG فدمرت عددًا من الدبابات وفرّت الدبابات التى لم تُدمر مذعورة!.
شارون فى ال12 هجومًا الذى قامت به فرقته المدرعة.. كانت معه الأرض والشمس والدبابات عددًا وكفاءة.. ومع ذلك فشل.. أتعلمون حضراتكم لماذا؟.
لأن المقاتل هو الأساس والعقيدة القتالية هى الفيصل.. ولو كانت الحروب تحسم بالعتاد والأرض والشمس.. ما كان جيش مصر جرؤ على دخول الحرب أصلاً.. لأنه أمامه أصعب مانع مائى عرفته حرب وأعلى ساتر ترابى فى حرب وإن نجح فى تخطيهما.. يستحيل عليه الاقتراب من أقوى خط دفاعى فى تاريخ الحروب.. ولأن الفيصل هو المقاتل.. جيش مصر اقتحم القناة ومزق الساتر الترابى واحتل أقوى خط دفاعى فى أربعة أيام.. وليس هذا بمستغرب على جيش مصر .. لأنه خير أجناد الأرض!.
فى البحر الأبيض قبالة بورسعيد.. تشكيل بحرى للعدو تعاونه طائرات الهليكوبتر حاول أن يدخل حدودنا.. تصدت له وحدات بحرية مصرية.. وأسفرت المعركة عن إغراق خمسة قوارب للعدو وإصابة ثلاثة قوارب مصرية!.
فى نهاية يوم 9 أكتوبر صدر بيان عسكرى مصرى.. جاء فيه أن خسائر العدو من الدبابات 102 دبابة.. وإسقاط 16 طائرة للعدو حاولت مهاجمة المطارات المصرية الأمامية!.
فى إسرائيل عقد موشى ديان مؤتمرًا صحفيًا فى مساء 9 أكتوبر.. والذى قاله وزير الدفاع فى المؤتمر الصحفى.. حظرت جولدا مائير رئيسة الوزراء إذاعته أو نشره وقتها.. حفاظًا على الروح المعنوية للجيش والشعب!. الذى قاله ديان فى مؤتمر 9 أكتوبر الصحفى.. كتبه فى مذكراته التى نشرت بعد الحرب.. والذى يمكن تلخيصه فى النقاط التالية:
(1) أن الموقف فى الجبهة المصرية صعب.. لأنه لا تتوافر لدينا فى الوقت الحاضر.. إمكانات رد المصريين إلى ما وراء القناة.. لأن المصريين لديهم معدات متنوعة وفعالة وممتازة.. وخاصة ما يتعلق بالتسليح الفردى ضد الدبابات.. علاوة على الدبابات والمدفعية والصواريخ.. والشىء الوحيد الذى نتفوق فيه.. هو الطيران.. إلا أن الصواريخ تشكل صعوبة بالنسبة لنا!.
(2) لقد أدرك العالم كله الآن.. أننا لسنا أكثر قوة من المصريين.. وأن الحالة التى كان عليها الجيش الإسرائيلى قد سقطت!.
(3) إننا نفكر فى الانسحاب إلى خطوط أقل تبعثرًا وأكثر أمنًا.. وأننا ندفع الضريبة كل يوم فى صورة معدات وقوات وطيارين وطائرات ودبابات!. لقد تدمرت لنا مئات الدبابات.. وفقدنا خمسين طائرة خلال ثلاثة أيام.. وإنى آمل أن يرسل لنا الأمريكيون طائرات ودبابات!.
وفى اليوم نفسه عقد مجلس الوزراء اجتماعًا.. استمع فيه إلى تقرير عن الأوضاع العسكرية.. أوضح فيه ديان قائلاً: إن الحرب على الجبهة الجنوبية (الجبهة المصرية) قد تطول وأن المصريين لديهم أسلحة بلا نهاية وأن قواتنا تواجه مواقف صعبة!.
وقال ديان أيضًا: إن لبنان أبلغ إسرائيل عدم سماحه باستخدام القوات الإسرائيلية لأراضيه!. وفى هذا الاجتماع.. عرضت جولدا مائير على المجلس.. أن تسافر بنفسها إلى أمريكا لتعرض الموقف على الرئيس نيكسون حتى تضمن نجدة إسرائيل!.
هذا ملخص ما حدث فى إسرائيل يوم 9 أكتوبر.. فماذا عن أمريكا؟.
المكالمات التليفونية من إسرائيل لأمريكا وتحديدًا لوزير الخارجية كيسنجر لم تتوقف طوال الليل.. واضطروا لإيقاظه عدة مرات ليرد على الاتصالات!. طبعًا لا هو ولا من هو أكبر منه.. بإمكانه أن يتجاهل مكالمة قادمة من إسرائيل!. المكالمات كلها تحمل مطالب إسرائيلية.. والمطالب جزء منها معلن والباقى غير قابل للإعلان!. الإسرائيليون يريدون تعويض ما خسروه فى ثلاثة أيام حرب فقط!.
وزارة الدفاع الأمريكية رأت أنه لا وجه للسرعة فى هذا الأمر.. لأن الموجود فى ترسانة السلاح الصهيونى هائل!. كيسنجر أقنع نيكسون بحتمية عمل جسر جوى وآخر بحرى لإمداد إسرائيل بما تطلبه.. والذى تطلبه إسرائيل ليس السلاح مجردًا.. إنما السلاح بلوازمه!. يعنى الطيارة بطياريها وملاحيها والدبابة بأطقمها البشرية!.
ملاحظة: أمريكا أرسلت الدبابات والطائرات بأطقمها من المقاتلين.. وهؤلاء ليسوا جنودًا أمريكيين.. إنما مرتزقة يسعون للحصول على الجنسية الأمريكية.. والمهمة التى يقومون بها.. هى التى ستحدد أمر هذه الجنسية!. على أى حال.. أدعو حضراتكم لتصفح كتاب حرب الأيام الأربعة.. من داخل غرفة عمليات الجيش الإسرائيلى.. للكاتب الصحفى إسلام الشافعى.. الذى نشر تسجيلات البلاغات العسكرية من غرفة العمليات.. والتى احتفظ بها الجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية سرًا.. إلى أن أفرجت إسرائيل عن نشر بعض الوثائق بعد مرور 25 سنة على الحرب!. المهم أن الكتاب فيه أيضًا مقتطفات من مذكرات القادة الإسرائيليين.. سجلها إسلام الشافعى بحكم تخصصه فى اللغة العبرية.. وفى الصفحة 120 من الكتاب.. كلام من مذكرات العميد نتان نير قائد اللواء 217 مدرع.. قال فيه:
أثناء إحدى المعارك.. جاء إلىّ أحد قادة الكتائب.. وقال لى إن واحدًا من أطقم دباباته التى وصلت حديثًا من نيويورك طلب منه الإذن بأخذ راحة 24 ساعة للبحث عن مخدرات لتدخينها!. وقال إنه أخبره أنه معتاد على تدخين الماريجوانا فى أمريكا بشكل يومى!.
هذه المعلومة الخطيرة قالها قائد لواء مدرع إسرائيلى.. عن قصد أو فى غفلة منه.. المهم أنها دليل على أن الهلع الإسرائيلى فى طلب العون الأمريكى.. كان للدبابات والطائرات بأطقمها البشرية.. لأن كل قتيل وجريح يستحيل تعويضه.. ومنين يعوضوه.. إلا من أمريكا!.
ونترك أمريكا ونذهب إلى الاتحاد السوفييتى.. الحريص على ألا يتورط فى هذه الحرب.. بأى صورة وأى شكل!. مرة أخرى يكرر الاتحاد السوفييتى مطلبه بوقف إطلاق النيران على الجبهتين.. المصرية والسورية!.
السفير السوفييتى يطلب لقاء عاجلاً بالرئيس السادات.. حاملاً رسالة ثالثة.. تحمل تحليلاً للموقف فى سوريا.. يتلخص فى أن فشل الجيش السورى.. سوف يتيح لإسرائيل تركيز جهودها على الجبهة المصرية.. وأن مجلس الأمن بدأ فى بحث مشروع قرار لإيقاف النيران.. وأن امتناع مصر عن تنفيذه.. سيؤدى إلى إصدار قرارات أكثر تشددًا.. أما إذا اعترض الاتحاد السوفييتى باستخدام حق الفيتو.. فلن يتمكن من التوصل إلى قرار مستقبلاً!.
الرئيس السادات رفض مطلب الاتحاد السوفييتى.. وأبلغ السفير السوفييتى.. بمضمون رسالة الرئيس الأسد.. التى تؤكد أن الموقف فى سوريا ليس متدهورًا!.
الاتحاد السوفييتى عندما اصطدم بموقف مصر الرافض لمطلبه بإيقاف النيران.. اتصل بأمريكا لأجل وقف النيران.. إلا أن كيسنجر طلب مهلة لدراسة المطلب السوفييتى.. ولم يرد للآن!.
كيسنجر حسبها.. فوجد أن وقف النيران على الأوضاع القائمة فى سيناء.. معناه انتصار السلاح السوفييتى.. وهو ما لا تقبله أمريكا!.
يوم 9 أكتوبر فى طريقه للرحيل.. والقوات المصرية فى سيناء أغلبها وصل إلى خط المهمة المباشرة.. الذى فيه الجيش المصرى فى عمق سيناء حتى 12 كيلومترًا على امتداد الجبهة.. والجيش الذى لا يقهر.. انقهر وتخلى مجبرًا عن كل مواقعه التى كان يحتلها بمواجهة 170 كيلو.. بل وانسحب من كل الهيئات الحاكمة على امتداد الجبهة وفقد نصف نقاط خط بارليف.. ولم يعد أمامه إلا المضايق أول خط دفاع له!.
انتهت معارك هذا اليوم.. دون أن تحقق القوات الإسرائيلية.. بندًا واحدًا من بنود الهجوم المضاد الأول يوم 8 والثانى يوم 9 وكلاهما يتحدث عن وصول مدرعاتهم للغرب واحتلال السويس والإسماعيلية!.
بانتهاء معارك 9 أكتوبر.. فقد الجيش الإسرائيلى.. دبابات وطائرات ومعدات وقتلى وجرحى وأسرى!. الواقع الحزين عَبَّرَ عنه العميد نتان نير قائد اللواء 217 مدرع.. بعد فشل شارون.. بقوله: لم يعد بين الجيش المصرى وتل أبيب.. سوى 8 دبابات فقط موزعة على طول الطريق مابين القناة وحدود إسرائيل!.
الجيش الإسرائيلى يبحث عن أى مخرج.. يمكن أن يواجه به شعبه الذى عاش ست سنوات فى زهو أسطورة جيش لا يقهر!.
تاهت «ولقيوها».. لابد من تغيير الاستراتيجية فى المرحلة المقبلة ابتداء من يوم 10 أكتوبر..
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.