«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم 9 أكتوبر.. عرف شارون أن المصريين لحمهم مُرّ!
نشر في بوابة الأهرام يوم 13 - 11 - 2020

(فى تاريخنا وحاضرنا.. أيام وأسماء وأحداث وإيجابيات وإنجازات وأبطال وبطولات لا تُنسى ويجب ألا تُنسى.. و مسئولية الإعلام أن يبعدها عن النسيان ويبقيها فى دائرة الضوء .. يقينًا لنا.. بأن الأبناء من نفس جينات الآباء.. قادرون على صناعة الإعجازات .. ويستحيل أن يفرطوا فى حق الوطن.. مهما تكن التضحيات).
وقفت الأسبوع الماضى عند نهاية يوم 8 أكتوبر.. اليوم الذى سيبقى ما بقيت حياة على الأرض.. أحد أهم الأيام لدينا هنا.. وأيضًا عندهم هناك!. هنا.. لأنه يوم التحول الرئيسى فى حرب أكتوبر .. وتأكد العالم من أن جيش مصر انتصر ومعرفة العالم أن أسطورة الجيش الذى لا يقهر سقطت وانتهت!.
وهناك.. لأن كيسنجر وزير خارجية أمريكا أوقف عجلة الزمن 48 ساعة.. لا أمم متحدة ولا مجلس أمن ولا أى دولة.. ممنوع على الجميع التحرك والتدخل بأى طريقة لوقف الحرب القائمة فى الشرق الأوسط.. إلا بعد انتهاء يوم 8 أكتوبر.. الذى فيه ستقوم إسرائيل بالهجوم المضاد وتحتل الإسماعيلية والسويس وتحاصر الجيشين الموجودين فى سيناء وتملى على العالم شروطها لأجل وقف الحرب!.
هناك.. هجومهم المضاد الذى حبسوا أنفاس العالم لأجله.. هو الشىء الوحيد الذى تم يوم 8 أكتوبر.. وفيما عدا ذلك كل ما خططوا له وحلموا به اتوكسوا فيه!. ال1000 دبابة التى حشدوها لدحر القوات المصرية وإنهاء الفوضى القائمة فى سيناء من بعد ظهر 6 أكتوبر.. الدبابات الألف فشلت فى أن تزحزح المصريين مترًا واحدًا عن المواقع التى احتلوها فى عمق سيناء بمواجهة 170 كيلو!. جيش مصر حقق رقمًا قياسيًا عالميًا لم تشهده معركة فى حرب من قبل.. عندما دمر 112 دبابة للعدو فى 20 دقيقة وعندما أسقط أكبر عدد من القتلى والجرحى والأسرى من العدو فى هجومه المضاد الذى استدرجناه فيه إلى أن دخل الصيد المصيدة.. التى كانت جهنم الحمراء فى مربع جحيم.. أضلاعه 15 كيلومترًا مربعًا!. هناك.. بعد أن عرف كيسنجر ما حدث للهجوم المضاد.. نطق بأول اعتراف عالمى بانتصار جيش مصر يوم 9 أكتوبر الذى صرح فيه بقوله: لقد حقق العرب نصرًا استراتيجيًا فى الشرق الأوسط.. دون النظر إلى النتيجة النهائية للحرب.. وأصبح هناك وضع جديد ولن تعود العجلة إلى الوراء!.
لهذه الأسباب.. الأحداث التى وقعت يوم الاثنين 8 أكتوبر 1973 جعلت منه يومًا فارقًا فى حرب أكتوبر ويومًا لن تنساه إسرائيل الذى أطلقت عليه الإثنين الحزين !.
رحل 8 أكتوبر تاركًا بصماته التى وضحت الرؤية فى مسار الحرب اعتبارًا من صباح يوم 9 أكتوبر.. الذى فيه تحددت الإجراءات.. هنا وهناك.. المطلوب تنفيذها!.
تصريح كيسنجر .. حامى حمى الصهاينة.. فى هذا اليوم واعترافه بانتصار جيش مصر .. يبدو أن هذا التصريح وذاك الاعتراف رفع الحرج عن دول الغرب وفى مقدمتهم إنجلترا وفرنسا!. وزيرا خارجية الدولتين أعلنا أنهما لا يدينان شعبًا يحاول تحرير أرضه.. وأن الحرب فى الشرق الأوسط حرب تحرير عادلة!.
يوم 9 أكتوبر.. شهد إصرارًا من القيادة المصرية.. على إنجاز ما تم التخطيط له والتدريب عليه بدقة بالغة.. إنجازه قبل أن ينتهى هذا اليوم!. المهمة القتالية للقوات البرية فى هذا اليوم.. الوصول إلى خط المهمة المباشرة!. يعنى احتلال كل الهيئات الحاكمة على امتداد ال170 كيلو مواجهة وبعمق من 6 إلى 12 كيلومترًا فى سيناء!. وهذا ما حدث.. والقوات المصرية واصلت التقدم وواصلت اكتساح قوات العدو إلى أن احتلت الأهداف المحددة سلفًا!.
ملاحظة: القوات المكلفة بتنفيذ هذه المهمة.. هى من مختلف الوحدات.. مشاة ومدرعات ومدفعية وقوات خاصة.. وجميعها تدربت.. فرادى وفى مشروعات ومناورات.. على كل صغيرة وكبيرة من بعد اقتحام المانع وتخطى الساتر الترابى وصد هجمات العدو المضادة.. إلى أن تصل إلى خط المهمة المباشرة!. التدريبات والمشروعات والمناورات التى قامت بها الوحدات قبل الحرب.. هدفها الوصول إلى خط المهمة المباشرة.. وبعدها.. ووفقًا لما ستمليه ظروف الحرب.. إما وقفة تعبوية أو استمرار القتال!.
على الجانب الآخر.. مذبحة الدبابات التى حدثت للفرقة 162 مدرعة وقائدها الجنرال أدان ووقوع العقيد عساف ياجورى فى الأسر.. إما أن أخبارها لم تصل الجنرال شارون أو أنها وصلت.. وأراد هو أن يكون البطل المنقذ الذى حقق ما فشل فيه الهجوم المضاد الذى عاش العالم على أعصابه فى انتظاره!.
شارون حدد الدفرسوار هدفًا لهجومه.. حيث طبيعة الأرض مرتفعة فى الشرق وآخذة فى الانخفاض تجاه الغرب.. يعنى ميول فى الأرض تساعد دباباته على الاندفاع بسرعة كلما اتجه غربًا!. فرقة شارون المدرعة.. مكونة من ثلاثة ألوية مدرعة.. قادتها هم: أمنون ريشيف وتوفيا رفيف وحاييم أريز.. حيث يهاجم حاييم تبة الطاليا ويستولى عليها باعتبارها أهم هيئة حاكمة وتمثل موقعًا استراتيجيًا هائلاً.. وكانت قد سقطت أمام لواء مشاة مصرى يوم 8 أكتوبر قائده العميد شفيق مترى الذى استشهد يوم 9 أكتوبر وتولى قيادة اللواء العميد محمد على الكسار.. الأهم فى هذه الحدوتة المبهرة أن الطاليا تعرضت إلى تسع هجمات مضادة أولها هجوم الكتيبة 429 بقيادة أرييه كيرين وآخرها صباح يوم 20 أكتوبر بتشكيل من المدرعات والمشاة الميكانيكى والقوات الخاصة.. اسمه «قوة عتسلوت» بقيادة الجنرال ليوئيل جوروديش قائد اللواء 274...
الهجمات المضادة التسع فشلت فى زحزحة المصريين.. وكل هجوم ينتهى بدبابات مدمرة وجثث للعدو ومبعثرة.. وبقيت الطاليا محررة!. شارون فقد الجزء الأكبر من قواته الضاربة!. شارون قام بأول هجوم بعد أول ضوء فى السادسة والنصف صباحًا.. مستغلاً سطوع الشمس بزاوية 25 درجة وما فوق مع الوقت.. وفيها تكون الشمس فى عيون القوات المصرية وتصعب عليهم الرؤية الجيدة والمراقبة والتصويب!. يعنى طبيعة ميول الأرض معه والشمس معه والدبابات كمًا وكيًفا معه.. ومع ذلك فشل الهجوم الأول.. وعاد شارون مهاجمًا فى التاسعة والنصف صباحًا ثم الواحدة والنصف وبعدها فى الرابعة والنصف ثم السادسة والنصف.. وهكذا إلى أن وصل هجومه الأخير فى الثانية بعد منتصف الليل.. بإجمالى 12 هجومًا.. بعضها فى محور واحد والأخرى فى محورين وثلاثة.. وفى كل هذه الهجمات لم ينجح شارون فى اختراق القوات المصرية إلا فى اتجاه واحد بقوة كتيبة مدرعة تقدمت قرابة ال2 كيلومتر داخل المواقع المصرية التى أطبقت الحصار عليها.. ونصبت لها حفلاً بالصواريخ المضادة للدبابات والRPG فدمرت عددًا من الدبابات وفرّت الدبابات التى لم تُدمر مذعورة!.
شارون فى ال12 هجومًا الذى قامت به فرقته المدرعة.. كانت معه الأرض والشمس والدبابات عددًا وكفاءة.. ومع ذلك فشل.. أتعلمون حضراتكم لماذا؟.
لأن المقاتل هو الأساس والعقيدة القتالية هى الفيصل.. ولو كانت الحروب تحسم بالعتاد والأرض والشمس.. ما كان جيش مصر جرؤ على دخول الحرب أصلاً.. لأنه أمامه أصعب مانع مائى عرفته حرب وأعلى ساتر ترابى فى حرب وإن نجح فى تخطيهما.. يستحيل عليه الاقتراب من أقوى خط دفاعى فى تاريخ الحروب.. ولأن الفيصل هو المقاتل.. جيش مصر اقتحم القناة ومزق الساتر الترابى واحتل أقوى خط دفاعى فى أربعة أيام.. وليس هذا بمستغرب على جيش مصر .. لأنه خير أجناد الأرض!.
فى البحر الأبيض قبالة بورسعيد.. تشكيل بحرى للعدو تعاونه طائرات الهليكوبتر حاول أن يدخل حدودنا.. تصدت له وحدات بحرية مصرية.. وأسفرت المعركة عن إغراق خمسة قوارب للعدو وإصابة ثلاثة قوارب مصرية!.
فى نهاية يوم 9 أكتوبر صدر بيان عسكرى مصرى.. جاء فيه أن خسائر العدو من الدبابات 102 دبابة.. وإسقاط 16 طائرة للعدو حاولت مهاجمة المطارات المصرية الأمامية!.
فى إسرائيل عقد موشى ديان مؤتمرًا صحفيًا فى مساء 9 أكتوبر.. والذى قاله وزير الدفاع فى المؤتمر الصحفى.. حظرت جولدا مائير رئيسة الوزراء إذاعته أو نشره وقتها.. حفاظًا على الروح المعنوية للجيش والشعب!. الذى قاله ديان فى مؤتمر 9 أكتوبر الصحفى.. كتبه فى مذكراته التى نشرت بعد الحرب.. والذى يمكن تلخيصه فى النقاط التالية:
(1) أن الموقف فى الجبهة المصرية صعب.. لأنه لا تتوافر لدينا فى الوقت الحاضر.. إمكانات رد المصريين إلى ما وراء القناة.. لأن المصريين لديهم معدات متنوعة وفعالة وممتازة.. وخاصة ما يتعلق بالتسليح الفردى ضد الدبابات.. علاوة على الدبابات والمدفعية والصواريخ.. والشىء الوحيد الذى نتفوق فيه.. هو الطيران.. إلا أن الصواريخ تشكل صعوبة بالنسبة لنا!.
(2) لقد أدرك العالم كله الآن.. أننا لسنا أكثر قوة من المصريين.. وأن الحالة التى كان عليها الجيش الإسرائيلى قد سقطت!.
(3) إننا نفكر فى الانسحاب إلى خطوط أقل تبعثرًا وأكثر أمنًا.. وأننا ندفع الضريبة كل يوم فى صورة معدات وقوات وطيارين وطائرات ودبابات!. لقد تدمرت لنا مئات الدبابات.. وفقدنا خمسين طائرة خلال ثلاثة أيام.. وإنى آمل أن يرسل لنا الأمريكيون طائرات ودبابات!.
وفى اليوم نفسه عقد مجلس الوزراء اجتماعًا.. استمع فيه إلى تقرير عن الأوضاع العسكرية.. أوضح فيه ديان قائلاً: إن الحرب على الجبهة الجنوبية (الجبهة المصرية) قد تطول وأن المصريين لديهم أسلحة بلا نهاية وأن قواتنا تواجه مواقف صعبة!.
وقال ديان أيضًا: إن لبنان أبلغ إسرائيل عدم سماحه باستخدام القوات الإسرائيلية لأراضيه!. وفى هذا الاجتماع.. عرضت جولدا مائير على المجلس.. أن تسافر بنفسها إلى أمريكا لتعرض الموقف على الرئيس نيكسون حتى تضمن نجدة إسرائيل!.
هذا ملخص ما حدث فى إسرائيل يوم 9 أكتوبر.. فماذا عن أمريكا؟.
المكالمات التليفونية من إسرائيل لأمريكا وتحديدًا لوزير الخارجية كيسنجر لم تتوقف طوال الليل.. واضطروا لإيقاظه عدة مرات ليرد على الاتصالات!. طبعًا لا هو ولا من هو أكبر منه.. بإمكانه أن يتجاهل مكالمة قادمة من إسرائيل!. المكالمات كلها تحمل مطالب إسرائيلية.. والمطالب جزء منها معلن والباقى غير قابل للإعلان!. الإسرائيليون يريدون تعويض ما خسروه فى ثلاثة أيام حرب فقط!.
وزارة الدفاع الأمريكية رأت أنه لا وجه للسرعة فى هذا الأمر.. لأن الموجود فى ترسانة السلاح الصهيونى هائل!. كيسنجر أقنع نيكسون بحتمية عمل جسر جوى وآخر بحرى لإمداد إسرائيل بما تطلبه.. والذى تطلبه إسرائيل ليس السلاح مجردًا.. إنما السلاح بلوازمه!. يعنى الطيارة بطياريها وملاحيها والدبابة بأطقمها البشرية!.
ملاحظة: أمريكا أرسلت الدبابات والطائرات بأطقمها من المقاتلين.. وهؤلاء ليسوا جنودًا أمريكيين.. إنما مرتزقة يسعون للحصول على الجنسية الأمريكية.. والمهمة التى يقومون بها.. هى التى ستحدد أمر هذه الجنسية!. على أى حال.. أدعو حضراتكم لتصفح كتاب حرب الأيام الأربعة.. من داخل غرفة عمليات الجيش الإسرائيلى.. للكاتب الصحفى إسلام الشافعى.. الذى نشر تسجيلات البلاغات العسكرية من غرفة العمليات.. والتى احتفظ بها الجنرال جونين قائد الجبهة الجنوبية سرًا.. إلى أن أفرجت إسرائيل عن نشر بعض الوثائق بعد مرور 25 سنة على الحرب!. المهم أن الكتاب فيه أيضًا مقتطفات من مذكرات القادة الإسرائيليين.. سجلها إسلام الشافعى بحكم تخصصه فى اللغة العبرية.. وفى الصفحة 120 من الكتاب.. كلام من مذكرات العميد نتان نير قائد اللواء 217 مدرع.. قال فيه:
أثناء إحدى المعارك.. جاء إلىّ أحد قادة الكتائب.. وقال لى إن واحدًا من أطقم دباباته التى وصلت حديثًا من نيويورك طلب منه الإذن بأخذ راحة 24 ساعة للبحث عن مخدرات لتدخينها!. وقال إنه أخبره أنه معتاد على تدخين الماريجوانا فى أمريكا بشكل يومى!.
هذه المعلومة الخطيرة قالها قائد لواء مدرع إسرائيلى.. عن قصد أو فى غفلة منه.. المهم أنها دليل على أن الهلع الإسرائيلى فى طلب العون الأمريكى.. كان للدبابات والطائرات بأطقمها البشرية.. لأن كل قتيل وجريح يستحيل تعويضه.. ومنين يعوضوه.. إلا من أمريكا!.
ونترك أمريكا ونذهب إلى الاتحاد السوفييتى.. الحريص على ألا يتورط فى هذه الحرب.. بأى صورة وأى شكل!. مرة أخرى يكرر الاتحاد السوفييتى مطلبه بوقف إطلاق النيران على الجبهتين.. المصرية والسورية!.
السفير السوفييتى يطلب لقاء عاجلاً بالرئيس السادات.. حاملاً رسالة ثالثة.. تحمل تحليلاً للموقف فى سوريا.. يتلخص فى أن فشل الجيش السورى.. سوف يتيح لإسرائيل تركيز جهودها على الجبهة المصرية.. وأن مجلس الأمن بدأ فى بحث مشروع قرار لإيقاف النيران.. وأن امتناع مصر عن تنفيذه.. سيؤدى إلى إصدار قرارات أكثر تشددًا.. أما إذا اعترض الاتحاد السوفييتى باستخدام حق الفيتو.. فلن يتمكن من التوصل إلى قرار مستقبلاً!.
الرئيس السادات رفض مطلب الاتحاد السوفييتى.. وأبلغ السفير السوفييتى.. بمضمون رسالة الرئيس الأسد.. التى تؤكد أن الموقف فى سوريا ليس متدهورًا!.
الاتحاد السوفييتى عندما اصطدم بموقف مصر الرافض لمطلبه بإيقاف النيران.. اتصل بأمريكا لأجل وقف النيران.. إلا أن كيسنجر طلب مهلة لدراسة المطلب السوفييتى.. ولم يرد للآن!.
كيسنجر حسبها.. فوجد أن وقف النيران على الأوضاع القائمة فى سيناء.. معناه انتصار السلاح السوفييتى.. وهو ما لا تقبله أمريكا!.
يوم 9 أكتوبر فى طريقه للرحيل.. والقوات المصرية فى سيناء أغلبها وصل إلى خط المهمة المباشرة.. الذى فيه الجيش المصرى فى عمق سيناء حتى 12 كيلومترًا على امتداد الجبهة.. والجيش الذى لا يقهر.. انقهر وتخلى مجبرًا عن كل مواقعه التى كان يحتلها بمواجهة 170 كيلو.. بل وانسحب من كل الهيئات الحاكمة على امتداد الجبهة وفقد نصف نقاط خط بارليف.. ولم يعد أمامه إلا المضايق أول خط دفاع له!.
انتهت معارك هذا اليوم.. دون أن تحقق القوات الإسرائيلية.. بندًا واحدًا من بنود الهجوم المضاد الأول يوم 8 والثانى يوم 9 وكلاهما يتحدث عن وصول مدرعاتهم للغرب واحتلال السويس والإسماعيلية!.
بانتهاء معارك 9 أكتوبر.. فقد الجيش الإسرائيلى.. دبابات وطائرات ومعدات وقتلى وجرحى وأسرى!. الواقع الحزين عَبَّرَ عنه العميد نتان نير قائد اللواء 217 مدرع.. بعد فشل شارون.. بقوله: لم يعد بين الجيش المصرى وتل أبيب.. سوى 8 دبابات فقط موزعة على طول الطريق مابين القناة وحدود إسرائيل!.
الجيش الإسرائيلى يبحث عن أى مخرج.. يمكن أن يواجه به شعبه الذى عاش ست سنوات فى زهو أسطورة جيش لا يقهر!.
تاهت «ولقيوها».. لابد من تغيير الاستراتيجية فى المرحلة المقبلة ابتداء من يوم 10 أكتوبر..
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.