تحولت مهرجانات مصر السينمائية إلى صراعات وحروب شخصية، بين من يديرونها الآن ومن كانوا من قبل، وبين مهرجان وآخر سعيا للحصول على مناصب وصلاحيات لإدارتها أو رئاستها. فقبل أن تنتهى معركة مهرجان القاهرة السينمائى الدائرة حاليا بين إدارته السابقة وبين الإدارة التى أقرها وزير الثقافة ودعمها ليستمر المهرجان محافظا على مكانته، حيث إنه حال عدم إقامة الدورة المقبلة منه فى نهاية العام الحالى سينتقل من قائمة المهرجانات الدولية الأهم إلى منطقة أخرى وهى منطقة "ب"، وهو ما تتطلع إليه إسرائيل منذ سنوات لتحصل على مكانته وتقيم مهرجان تل أبيب السينمائى الدولى. قبل أن تنتهى هذه الحرب الشرسة بين جهات عدة، ما بين جمعية مهرجان القاهرة، التى كانت تقيم المهرجان منذ سنوات طويلة، وبين جمعية كتاب ونقاد السينما المؤسس الرئيسى له وبين أطراف أخرى منها المركز القومى للسينما وشخصيات عدة حاولت أن تكون طرفا فى صراع وهمى على مهرجان يحمل اسم مصر. قبل أن تنتهى المعركة بدأت فى كواليس مهرجان الإسكندرية السينمائى حاليا معركة أخرى أطرافها متشابكة، ممدوح الليثى رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما، ورئيس المهرجان الدكتور وليد سيف، وبعض المنتقدين لإسناد هذه المهمة له كرئيس للمهرجان، بل وبدأت محاولات تصيد الأخطاء وإعلان الحرب مبكرا على سيف من بعض النقاد أعضاء الجمعية ومنهم طارق الشناوى. أما وليد سيف فقد واجه منذ بداية المهرجان حربا خفية لمسها كثيرون منذ أن أخطأت مذيعة حفل الافتتاح فى لقب رئيس المهرجان بمدير المهرجان، وشعر البعض بأنها مقصودة كون أن ترشيحات أخرى لنيكول سابا بأن تقدم الحفل كانت مطروحة من قبل جهة أخرى. ولا يخلو مكان فى المهرجان من الهمس عن صراعات بين الليثى وسيف، لكنها لم تطفو على السطح، إذ إن سيف الذى قبل أن يتحمل المسئولية يحاول جاهدا أن يخرج بهذه الدورة إلى بر الأمان بمعاونة جيل جديد أتى بعد انسحاب آخرين كانوا فى الإدارة السابقة للمهرجان، بينما ينتاب الليثى شعورا بأن هذا الجيل جاء للسيطرة على المهرجان وسحب البساط من تحت قدميه كونه هو رئيس الجمعية والأقدم والمتحدث الرسمى، فى حين يرى كثيرون أنه يجب أن يترك المهمة لهذا الجيل. وفى سياق متصل انتقلت أزمة مهرجان القاهرة المشتعلة إلى مهرجان الإسكندرية لوجود أطراف عدة من عناصر الصراع مثل الدكتور خالد عبد الجليل رئيس قطاع الإنتاج الثقافى الذى عاصر السنوات الأخيرة من أزمات المهرجان والناقدة نعمة الله حسين أحد جنود المهرجان، من شاركوا في لجانه من صحفيين ونقاد أيضا. أما مهرجان القاهرة السينمائى فمنذ أن أقام يوسف شريف رزق الله دعوى قضائية أمام مجلس الدولة طالب فيها بإصدار حكم قضائى بإلغاء قرار وزير التقافة بتعين الفنان عزت أبو عوف، رئيسا لمهرجان القاهرة السينمائى، المقرر إقامتة يوم 28 نوفمبر القادم، والحرب مشتدة بين كل الأطراف من منطلق أن رزق الله هوالممثل القانونى لمؤسسة مهرجان القاهرة السينمائى، وتم اختيار المؤسسة من خلال مسابقة أعلن عنها المركز القومى للسينما بين الجمعيات والمؤسسات لتنظيم مهرجان القاهرة السينمائى، وقامت المؤسسة بتنفيذ 75 % من الإعداد للمهرجان، ثم أعيد النظر فى كل ذلك وعين وزير الثقافة عزت أبو عوف، وسهير عبد القادر، اللذين قدما آخر دوراته منذ عامين، وبالقرار الجرىء من الوزير دخل الطرف الثالث وهو المركز القومى للسينما الحرب لتجاهل المسابقة، التى أجراها للمهرجان، وشروطها أن تكون الجهة المنظمة للمهرجان شخص معنوى جمعية أو مؤسسة مشهرة وليس شخص. ومن الإسكندرية إلى القاهرة السينمائى تنتقل الحرب والصراعات إلى الأقصر للسينما الأوربية، الذى يفتتح يوم 17 من سبتمبر بفيلم "بعد الموقعة" للنجم باسم سمرة ومنة شلبى، فبعد ثلاثة أيام من افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائى بدأ بعض المتابعين له من نقاد وصحفيين تحزيم حقائبهم تاركين المهرجان متوجهين إلى الأقصر، وهو ما يؤكد سوء التنظيم، الذى تواجهه مهرجانات مصر السينمائية. ومهرجان الأقصر تجربة تبنتها ماجدة واصف، رغم أن هناك مهرجانا آخر يحمل اسم مهرجان الأقصر السينمائى وأقيمت دورته الأولى العام الماضى، وظل حتى الأيام العشرة الأخيرة قبل إقامته مهددا بعدم الاستمرار، لولا تدخل وزير السياحة المصري، ودعمه للمهرجان بمبلغ 600 ألف جنيه مصري. ولم تكن مشكلة مهرجان الإسكندرية السينمائى هى فقط الصراعات والحروب الدائرة لمحاولة عرقلته وعدم استمراره، كحدث رحب كثيرون بالشكل، الذى ظهر به منذ الافتتاح، رغم غياب كل النجوم تقريبا فهو فى هذه الدورة مهرجان بلا نجوم ولولا تكريم صلاح السعدنى، الذى ظل متحملا حالة الحزن ليحضر ندوة تكريمه، ثم يلحق بجنازة رفيق عمره إسماعيل عبد الحافظ والحضور السريع لبعض المكرمين وسفرهم فى يوم الافتتاح إلى القاهرة، ولم يشعر أحد بوجود أى نجم مصرى حتى أن الضيوف الأجانب والعرب من المغرب والجزائر وسوريا انتقدوا هذا الغياب، ولم تكن هذه فقط بل سفر البعض إلى مهرجان سلا بالمغرب، الذى يقام فى مدينة سلا ويشارك فيه بعض الفنانين المصريين.