أصدر مؤتمر التجارة والتنمية "أونكتاد" تقريرا تحت عنوان "سياسات النمو العادل والمتوازن" ألقى فيه الضوء على عدم المساواة في الدخل، وأكد ضرورة وجوب الحد من التفاوت المتزايد للثروة، ليس فقط من أجل الآثار الاجتماعية الإيجابية، ولكن لما سيؤدى إليه من تعزيز النمو الاقتصادي القوي. أشار التقرير- الذي صدر بجنيف مساء أمس الخميس- إلى أن كثيرا من البلدان النامية تقوم بسياسات اقتصادية لتواجه التقلبات الدورية ولدعم النمو، والطلب المحلي، ولكن وفقا للدراسة الخاصة ب "الأونكتاد" فهذه الدول لن يمكنها تجنب التباطؤ، وستكون عرضة للتدهور المستمر نتيجة للوضع الاقتصادى السيئ الذى تمر به البلدان المتقدمة. ذكر التقرير بأنه على مدى العامين الماضيين، أصدر ال"أونكتاد" تحذيرات مختلفة، ولكن عدد من الدول المتقدمة قامت بالتحفيز الاقتصادي بسرعة كبيرة، وبتدابير للتقشف، وذلك لعدم وجود ما يكفي من الإنفاق العام لدعم الأسواق المحلية، وهذا أدى إلى أنه بدلا من إحياء الثقة في الأعمال التجارية والأسواق المالية، أثار التشاؤم حول مستقبل الأعمال، وبالتالي عزف أصحاب الأعمال عن الاستثمار في الطاقة الإنتاجية الجديدة، وتوظيف عمال جدد. وفي تحليل للاتجاهات المتوقعة في الاقتصاد العالمي، أشار التقرير إلى أن النمو يتباطأ في جميع المناطق، جزئيا نتيجة لتدابير التقشف التى تسببت فى انخفاض الطلب فى الأسواق المتقدمة الرئيسية. يتوقع ال"أونكتاد" أن تكون الزيادة فى النمو هذا العام 2012 زيادة أقل من 2.5٪، حيث قد يكون النمو فى البلدان المتقدمة هذا العام 1٪ فقط، مع ركود جديد في الاتحاد الأوروبي، وأنها ستستمر فى برامج التقشف، ونمو حوالي 2٪ في الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان. كما يتوقع التقرير بأن النمو الاقتصادي هذا العام سيختلف من منطقة جغرافية إلى أخرى، مشيرا إلى تأثير ضعف الاقتصاد الأوروبي على الدول النامية لاسيما تلك التي تعتمد على التصدير إلى دول الشمال. من جانبهم توقع الخبراء في التقرير تحسنا طفيفا في الاقتصاد الأمريكي، واليابانى، في حين سيبقى اقتصاد دول اليورو، واقتصاد الاتحاد الأوروبي ضعيفا بشكل عام، إذ لم يتمكن القرار السياسى من اتخاذ الخطوات المناسبة لتجاوز الأزمة واعتمد فقط على سياسات تقشفية التى ستؤدي إلى نتائج عكسية. عزا التقرير أن سبب تحسن الأوضاع الاقتصادية في الدول النامية، والناشئة مقارنة بتراجع الأوضاع في دول اليورو، والاتحاد الأوروبي يعود إلى تفوق تلك الدول في التعامل مع الأزمة الاقتصادية، والمالية العالمية، مشيرا إلى الخطوة التي قامت بها الصين في التعامل مع نقص الفائض في حساباتها الجارية من دون أن تتأثر أهدافها التنموية. أشار التقرير إلى أن العقبة الرئيسية أمام الانتعاش فى البلدان النامية سيكون بسبب الضغوط الانكماشية في البلدان المتقدمة، التي توازن التعديلات عن طريق القطاع الخاص وإلى ارتفاع معدلات البطالة، مما سيتسبب فى انخفاض الدخل وتباطؤ إنفاق المستهلكين. نوه الخبراء إلى وجود خطأ في التشخيص يعد من أسباب الأزمة المالية، حيث إن العجز المالي كان نتيجة وليس سبب الأزمة. يشير التقرير إلى أن معالجة مشكلة ارتفاع الدين العام على المدى الطويل سينطوي على استعادة النمو والإيرادات المالية. ذكر التقرير أن من أسباب ضعف زخم النمو، وضعف سياسات الأجور هو ضغط البلدان المتقدمة، التى تميل إلى زيادة البطالة بدلا من تحفيز الاستثمار وخلق فرص العمل، مشيرا إلى أنه يمكن لتخفيض تكاليف العمالة في العديد من البلدان التي لها علاقات تجارية وثيقة هو تحسين القدرة التنافسية. كما ذكر التقرير أن الإصلاحات الهيكلية يمكن أن تحل محل سياسات الاقتصاد الكلي الداعمة، ويمكن أن تسهم في الانتعاش عند إنشاء شبكات الأمان، أو تعزيز وتوسيع الدور الاقتصادي للدعم الحكومي، كما تبين في كثير من البلدان النامية. وشدد التقرير على أنه ينبغي معالجة الأسباب الجذرية للأزمة وتطبيق المعالجة على النظم المالية المحلية والدولية.