11 – دعك من التفاصيل والبطولات الجماعية والفردية للقوات المصرية المسلحة التي أذهلت العالم بأسره منذ الساعات الأولى للحرب التي انطلقت في الثانية وخمس دقائق من بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر عام 1973 فلم تكن قد مضت عدة ساعات ومع حلول آذان المغرب في هذا اليوم المجيد الموافق 10 رمضان كان قد تأكد وفق بلاغات رسمية من الجبهة تلقيناها في مكتب المتحدث العسكري الرسمي والذي كنت أشرف بالعمل به مساعدا للواء عز الدين مختار أن جنودنا البواسل في الجيش الثاني والثالث الذين عبروا القناة سباحة أو بواسطة القوارب المطاطية قد تمكنوا من اقتحام أهم النقاط الحصينة في خط بارليف والسيطرة عليها. لم يكن غروب الشمس قد اكتمل تماما أي بعد نحو 4 ساعات فقط من ساعة الصفر إلا وكان جنود المشاة قد أنجزوا بنجاح مذهل إقامة ثلاثة رؤوس جسور قوية عند القنطرة والإسماعيلية وشمال البحيرات المرة في قطاع الجيش الثاني الميداني تعززها دبابات برمائية عبرت هي الأخرى مياه القناة لدعم وتغطية عبور قوات المشاة الأمر الذي مهد مع حلول الظلام كامل الفرصة لبدء سلاح المهندسين في إقامة جسور العبور التي مكنت الدبابات والمدرعات المصرية من ركوب الشاطئ الشرقي للقناة.وفي أول عملية حصر لمجمل البلاغات التي تلقيناها من الجبهة قبل أن تنقضي 24 ساعة علي بدء الحرب وتحديدا مع ظهور أول خيط للضوء فجر الأحد 7 أكتوبر كانت الأرقام تقول بأن 5 فرق مشاة مصرية قوامها أكثر من 100 ألف جندي نجحت في العبور وتقدمت شرقا إلي عمق يصل إلي 5 كيلومترات بعد الاستيلاء الكامل علي 15 نقطة حصينة من مواقع خط بارليف وفتح 85 ممرا في الساتر الترابي الرهيب وإنشاء عدد كبير من الكباري والجسور الحقيقية والهيكلية مع عدد آخر من المعديات لتسهيل عبور الدبابات والمعدات والأسلحة والذخائر التي تحتاجها قوات العبور في عمليات القتال التي تدور بشدة مما ساعد قواتنا خلال الساعات الأولي من صد وتدمير 22 هجوما إسرائيليا مضادا قامت بها المدرعات المعادية وإسقاط 31 طائرة إسرائيلية خلال 16 موجة هجوم علي قواتنا التي عبرت القناة. في أقل من 24 ساعة نجحت مغارز الدبابات البرمائية التي عبرت القناة مع موجات العبور الأولي للمشاة في الوصول إلي عمق سيناء عند ممري متلا والجدي ومهاجمة مطار تمادا وتدمير معظم ممراته بقذائف صاروخية. وعند الحديث عن حصاد ال 24 ساعة الأولي من الحرب كان بارزا ولافتا الأثر الكبير لنجاح الضربة الجوية في تحطيم وتدمير مطارات العدو في سيناء وأهمها مطارات المليز وتمادا والسر وشرم الشيخ بالإضافة إلي مركز القيادة والسيطرة في أم مرجم ومركز الإعاقة والشوشرة الإلكترونية في منطقة الشجرة وإصابة 8 محطات رادار وثلاثة مواقع مدفعية بعيدة المدى و12 موقعا للصواريخ وثلاث مناطق للشئون الإدارية. وهكذا في أقل من 24 ساعة انهار خط بارليف ومعه الساتر الترابي الرهيب وانهار حائط الخوف المزعوم من أسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يهزم بعد أن نجحت شبكة الدفاع الجوي في قطع الذراع الطويلة لإسرائيل وحرمانها من التفوق الجوي! ولو جاز لي أن أضع عنوانا لحصاد اليوم الأول لقلت: إنه اليوم الذي استردت فيه قواتنا الجوية بقيادة اللواء حسني مبارك كل ما ضاع منها عام 1967 وكان رجال الدفاع الجوي بقيادة اللواء محمد علي فهمي بمثابة الدرع الواقي لسماء مصر كلها في يوم سجلت فيه المدفعية المصرية بقيادة اللواء سعيد الماحي رقما قياسيا في كمية النيران المدمرة واستطاع رجال المدرعات تحت قيادة اللواء كمال حسن علي أن يغيروا المستحيل وأن تعبر الدبابات القناة وتخترق الساتر الترابي في الوقت الذي كان أبطال الصاعقة خلف خطوط العدو يشلون حركته تماما. وغدا نستكمل الحديث [email protected] * نقلًا عن صحيفة الأهرام