أبطال حرب أكتوبر بمحافظة سوهاج كثيرون، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، من هؤلاء (رأفت عبدالرحمن القاضي)، من مواليد مدينة طما بسوهاج ، أحد أبطال مصر المشاركين في تدمير خط بارليف. التحق (القاضي) بالجيش المصري، في عام 1970وحتي عام 1976 ضمن سلاح المهندسين، وكان ضمن الفرقه 16التي شاركت في القطاع الأسط بمنطقة "سرابيوم" بالاسماعلية والتي أزالت الساتر الترابي وتحطيم خط بارليف. وأوضح (القاضي) أن عملية التدرييب كانت تتم في الفيوم وفي القناطر الخيرية مشيرًا إلى أن فكرة إزالة الساتر الترابي تم أخذها من فكرة العمل في تفتيت الصخور أثناء إنشاء السد العالي بأسوان. وتم تدريبهم علي تنفيذ عدة تكليفات أخرى، منها زرع ورفع المتفجرات والألغام، والكشف عنها. وحول لحظة العبور ودوره في تحطيم خط بارليف في السادس من اكتوبر يقول (القاضي) جاءنا قائد الفرقة 16 وأخبرنا بانه في الساعة الثانيه بعد الظهر سيتم اطلاق قاذفات مدفعية تمهيدية ويعقبها طلعات جويه ثم البدء في عبور قناة السويس لإزالة الساتر الترابي وتحطيم خط بارليف. وبابتسامة تملئ وجهه يقول (القاضي) إنهم حينما شاهدوا الطائرات تمر فوق رؤسهم انطلق هو و11 من زملائه وتم إنزال القوارب وعندما نظروا حولهم لم يجدوا سوى انفسهم فقط في الماء وقبل أن يبدأ التحرك إذ بهم يجدون زملائهم ينزلون الي الماء معهم. واشار (القاضي) إلى أن من بين زملائه الذين كان مرافقًا لهم لحظة العبور، كان يردد "لبيك اللهم لبيك" وبينما نعبر قناة السويس إذ به يلقى ربه شهيدًا وكان عليّا أن أقوم بالمهمة المكلّف بها هو بالاضافة إلى عملي وأصبح لزامًا عليّ أن أتولى مهام تشغيل 4 مضخات مياه. ويؤكد أنهم أثناء التدريب كان يستغرقون من 6 الي 8 ساعات في فتح ثغره في ساتر ترابي مشابه لخط بارليف، في حين أنهم لم يستغرقوا سوى ساعتين فقط، في تنفيذ مهمتهم أثناء الحرب، وبعد أقل من ساعتين، أصبح معظم الشاطئ الشرقى تحت قبضتنا، وتم إنشاء كوبري مشاية لعبور المشاة. وكانت ضربات العدو تتمركز حول نطاق الفرقة 16 بين الإسماعيلية والدفرسوار، خاصة كوبري سرابيوم الذي تم إسقاطه وتجميعه في أقل من ساعتين تقريبًا. الكثيرون لا يظنون أن هنالك وحدة في الجيش المصري قاتلت وتعرضت لقتال عنيف مثلما تعرض لها اللواء 16 مشاة، بالرغم من كونه الجانب الأيمن في رأس جسر الفرقة 16 مشاة وهو يمثل أقصى الجانب الأيمن للجيش الثاني الميداني، ورأس جسر الفرقة 16 مشاة يضم أيضًا قيادة الفرقة 21 المدرعة، التي منيت بخسائر في تطوير الهجوم وعادت إلى رأس الجسر للتمركز به لذلك ففي رأس جسر الفرقة 16 كان هناك 6 لواءات على الورق (3 ألوية من الفرقة 16 مشاة، و3 ألوية من الفرقة 21 المدرعة) مما جعله مكتظًا إلى أقصى درجة ومما جعل القصف الإسرائيلي المركز ضد الفرقة مؤثرًا للغاية في حجم الخسائر . ويتحكم اللواء 16 مشاة في تقاطعي طرق هامين للغاية هما تقاطع طرطور وتقاطع أكافيش (الممتدين من الدفرسوار إلى وسط سيناء)، ويشمل موقع اللواء أيضاً مزرعة الجلاء للأبحاث الزراعية والتي سماها الإسرائيليين المزرعة الصينية وأوضح (القاضي) أن خط بارليف كان يتميز بساتر ترابي ذي ارتفاع كبير من 20 إلى 22 مترًا، وانحدار بزاوية 45 درجة على الجانب المواجه للقناة، كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة تسمى "دشم" على مسافات تتراوح من 10 إلى 12 كم وفي كل نقطة حوالي 15 جنديًا تنحصر مسؤليتهم على الإبلاغ عن أية محاولة لعبور القناة وتوجيه المدفعية إلى مكان القوات التي تحاول العبور، كما كانت عليه مصاطب ثابتة للدبابات، بحيث تكون لها نقاط ثابتة للقصف في حالة استدعائها في حالات الطوارئ. كما كان في قاعدته أنابيب تصب في قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم في حالة محاولة القوات المصرية العبور. وأضاف أنهم عقب الإنتهاء من مهمة فتح الثغرة وعمل الكباري كانوا مكلفين بزرع الألغام لتدمير دشم وتحصينات العدو وأشار إلي أن جسم خط "باريف" في النقطة التي كان يعمل علي تدميرها، كان يتكون من مصاطب طفلية شديدة الصعوبة في تدميرها، وخلفها مباني من 3 طوابق البدروم به المكاتب الإدارية والثاني سكنات الجنود، والثالث تسليح ضخم من مختلف أنوع الأسلحة، وأمضى اللواء 16 قد أمضى 36 ساعة متواصلة في قتال كامل. وذكر أنه في ثالث ليال الحرب جاءه زميل له قبل الفجر يسأله عن طعام فأخبره أن معه علبة فول للسحور وأتفقا علي أن يتقاسماها، وبينما يقوم بفتح علبة الفول يسمع دوي إنفجار بالقرب منهم وينظر بجواره فيرى زميله مقطوع الرأس، فيلقي علبة الفول علي الأرض وينظر فيجد 10 من زملاءه استشهدوا، وينتقل الى كتيبة طبية قريبة وقبل أن يصلها تتحول الى كوم تراب فيقرر أن ينام بين اثنين من زملاءه الشهداء . وحول إصابته قال أنه في ررابع أيام الحرب أصيب بشظية تقطع أعصاب ساقه واوتارها وشرينها وتم نقلة إلى مستشفى الحرافشة وبعدها إلي مستشفي الجلاء. وأكد أنه لم يحصل على كارنيه المحاربين القدامى الذي يمنح فقط للمتطوعين والعاملين بالقوات المسلحة، ولا يمنح للمجندين وأضاف أنه لم يدرج في مصابي الحرب لأن إصابته لم تترك عاهة مستديمة. وحول حياته الآن قال إنه لم يخرج من بيته منذ عام عقبإ صابته بجلطة في القلب وأنه يعيش هو وأسرته على معاش شركة المطاحن الذي يذهب كثير منه على نفقات العلاج .