حذرت منظمة الصحة العالم ية مؤخرا من زيادة كبيرة في عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا ، وتتوقع أن يصل عدد الوفيات المسجلة إلى مليون خلال الأسبوع المقبل. وقال منسق المساعدات الطارئة بالمنظمة، مايك رايان، مساء أمس الأول الجمعة في جنيف إن وفاة مليوني شخص بسبب الوباء أمر لا يمكن تصوره، "لكنه ليس مستحيلا". وقال رايان إنه يمكن تجنب حدوث هذه الزيادة الكبيرة من خلال تدابير صارمة في جميع أنحاء العالم ، مثل النظافة وارتداء الكمامات والحفاظ على مسافات التباعد والفحوص ومراعاة التواصل وغيرها. وأضاف رايان: "السؤال هو: هل نحن مستعدون بشكل متعدد الأطراف للتحكم في هذا الفيروس بدلا من أن يتحكم هو في مصيرنا؟" وقال: "إذا لم نفعل ذلك ولم نطور طبيعة ونطاق وكثافة تعاوننا، أخشى أنه سيتعين علينا التكيف مع هذا الرقم وربما – للأسف – مع عدد أكبر". من ناحيته قال البروفيسور آلان لوبيز، مدير مجموعة دراسة عبء المرض العالم ي بجامعة ملبورون الاسترالية، إن الوفيات الفعلية من أسوأ جائحة على مدار قرن من الزمان قد تكون أقرب إلى مليون و800ألف،وهذا عدد مرشح للارتفاع إلى 3 ملايين بحلول نهاية العام. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن لوبيز قوله في مقابلة: " إن التحدث عن مليون حالة وفاة له معنى في حد ذاته، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان هذا الرقم صحيحا". وأضاف "من العدل أن نقول إن المليون حالة وفاة، على الرغم من الصدمة التي يسببها سماع الرقم، من المحتمل أن يكون تقديرا أقل من العدد الفعلي - وهو تقدير أقل بكثير من الواقع". وفي حقيقة الأمر، فإن التفشي السريع لفيروس كورونا وقدرته على الانتقال لأشخاص لا تظهر عليهم علامات الإصابة بالمرض قد مكنه من تجاوز التدابير الرامية لتحديد حجم الحالات بدقة من خلال الاختبارات التشخيصية واسعة النطاق. وحتى في الدول التي لديها أنظمة صحية متطورة، يصعب قياس معدل الوفيات بدقة. وأظهرت دراسة أجريت في شهر يوليو الماضي أن عشرت الألاف من الوفيات التي من المحتمل أن يكون سببها مرض كوفيد - 19 الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا في الولاياتالمتحدة لم تسجلها الإحصاءات الرسمية في الفترة بين آذار/مارس وأيار/ ومايو الماضيين، مما أثر سلبا على الجهود المبذولة لتتبع الوباء والحد من تفشيه. و يقوض نقص البيانات الدقيقة قدرة الحكومات على تنفيذ استراتيجيات وسياسات في الوقت المناسب لحماية الصحة العامة وتعزيز التعافي المشترك. وإذا وصل معدل الوفيات من كوفيد -19 إلى 3 ملايين كما توقع لوبيز، فإن هذا سوف يؤدي إلى تصنيف المرض بين الكوارث الأكثر فتكا بالبشر في العالم . وقد يؤدي تقدير منخفض لعدد الوفيات أيضا إلى إعطاء بعض الأشخاص إحساسا زائفا بالأمان، وربما يسمح للحكومات بالتقليل من خطورة الفيروس والتغاضي عن عبء الوباء. من جهة أخرى، وجد الباحثون في ولاية إنديانا الأمريكية أنه على الرغم من عدم اختبار المقيمين في دور رعاية المسنين بشكل روتيني للكشف عن فيروس كورونا ، إلا أنهم يمثلون 55٪ من حالات الوفيات الناجمة عن كوفيد -19 في الولاية. وقال كريستوفر ج.موراي، مدير معهد المقاييس الصحية والتقييم في جامعة واشنطن في سياتل "نعم، يتم الإبلاغ عن حالات يوميا في كل مكان، ولكن بمجرد وصولك إلى المستوى التالي، مثل عدد الذين تم إدخالهم إلى المستشفيات، تظهر فجوات كبيرة في البيانات". والمرضى الذين يعانون من أمراض القلب والسكري والسرطان والحالات المزمنة الأخرى أكثر عرضة للوفاة من كوفيد -19، تعزو بعض الحكومات، بما في ذلك روسيا، سبب وفيات بعض هؤلاء المرضى إلى الحالة الموجودة مسبقًا، مما أثار تساؤلات حول صحة البيانات الرسمية للوفيات. وفي يوليو، سجلت روسيا 5922 حالة وفاة بسبب كوفيد -19، ولم يتم ربط ما لا يقل عن 4157 حالة وفاة أخرى بفيروس كورونا ، ولكن لم يتم تسجيلها في الإحصاء بسبب الطريقة التي تحدد بها البلاد مثل هذه الوفيات . وبصفة عامة، سجلت البلاد 29925 حالة وفاة في يوليو مقارنة بنفس الشهر من عام 2019. وفي شهر يونيو، أعلنت منظمة الصحة العالم ية عن إرشادات لتصنيف الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا ، ونصحت الدول بإحصاء الوفيات إذا ظهرت على المرضى أعراض المرض بغض النظر عما إذا كانت حالة مؤكدة أم لا، وما لم يكن هناك سبب بديل واضح. وربما قد خفضت تدابير التباعد الجسدي الوفيات في الطرق و الوفيات التي تسببها الإنفلونزا، ففي اليابان، التي خضعت للدراسة بسبب افتقارها للاختبار على نطاق واسع وجهود الاحتواء التي تتسم بالتراخي نسبيا، انخفضت الوفيات بنسبة 5ر3 ٪ في مايو مقارنة بالعام السابق حتى مع وصول حالات كوفيد -19إلى ذروتها. يُذكر أن التكلفة الاقتصادية للوباء - التي قد تصل إلى 3ر35 تريليون دولار حتى عام - 2025 ستكون مدفوعة بالتغيرات في أنماط إنفاق الناس أكثر من عدد الوفيات وإجراءات "الإغلاق" التي تفرضها الحكومات، وفقا لتصريحات وارويك ماكيبين، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الوطنية الأسترالية والزميل غير المقيم في معهد بروكينجز في واشنطن.