د. هبة عبد العزيز يوما ما في زمان ما وقف محام عبقرى أمام محكمة الأسرة مطالبا هيئة المحكمة بتحديد مرتب شهري للزوجة ، فرد محامى الزوج قائلا: إن الزواج مشاركة وتعاطف ومودة ورحمة وليس عملا يجمع بين عامل ورب عمل، كما طالبت به شرذمة من النساء المخبولات في مؤتمر المرأة العالمي بنيروبي . بينما قال محامي الزوجة: إنه ليس من الرحمة ولا المودة ولا السكينة أن تعمل الزوجة بغير أجر من طالعة النهار إلى آخر الليل، أي بعدد ساعات عمل قياسية لا مثيل لها في أي عمل آخر في العالم فهي الخادمة والمربية والمعلمة وشيالة الهموم والمفكرة والمدبرة وأخيرًا الزوجة؛ بينما يكتفي الزوج بأن يكون مخدومًا، مما يزج بها إلى حافة التوتر والإنهيار المؤجل ويسلمها لأفكار اكتئابية. وسوف يسارع البعض الذكوري قائلًا: ليس ثمة شعور أعظم من الأمومة ولهذا خلقت النساء!! وأنا أدعوهم لنظرة حضارية وإنسانية إلى هذا المخلوق الرقيق الذي ولد ليتعذب بلا مقابل، فلقد أثبتت التجارب أن مسافات المشي التي تقطعها الزوجة داخل البيت خلال حياتها تعادل ما يمشيه رجل ليلف الكرة الأرضية. ومن هنا حكمت المحكمة: أن عمل الزوجة بغير أجر هو سلب لحق اقتصادي ثابت، وإهدار لإنسانيتها وتأباه حقوق الإنسان – على اعتبار الأنثى إنسان – وترى المحكمة انتداب خبير اقتصادي يحدد مرتبًا شهريًا للزوجة بعد قياس وقت وجهد العمل الذي تقوم به. فماذا لو تم طبيق هذا القانون؟! وقبل أن يباغتني البعض ويتهمني بالعنصرية أو المادية البحتة، أدعوكم للتأمل في شئون هذا الكائن المكلوم المدعو «الزوجة»، فلست «فيمينيست»، ولا أنتمى لأي جماعة أو رابطة تطالب بحقوق المرأة؛ ولكني أدق جرس الإنذار فالجميع على علم بأن ما يؤرق الزوج غالبًا هي المادة لهذا قدمت هذا الطرح، في حين أن الموقف أبسط كثيرًا، فالزوجة لا تحتاج إلا للكلمة الطيبة ممزوجة بقدر من المحبة وبعض الحنان، ومزيدًا من التفهم والاحتواء أو «الطبطبة» التي وجدها المطرب حسين الجسمي. وإذا كان المثل الدارج في حالة الأزمات «أن ننظر إلى نصف الكوب الممتلئ»، فإنك عزيزي الرجل تنظر دائمًا إلى عيوب رفيقة عمرك وتتفنن في إبراز نقاط ضعفها من إهمال وتقصير، وأنها أصبحت منزوعة الأنوثة التي تنشدها جنابك!! والواقع أنك من انتهكت أنوثتها على قارعة منزل الزوجية.. نعم، فهل يمكن لأرض جدباء أن تثمر دون ارتواء؟ وهل يمكن أن تستخدم هاتفك المحمول الذي بات أعز ما تملك دون وضعه على الشاحن وقت نومك؟ فما بالك بأنثى تحرك جميع حواسها وأجهزتها الحيوية لخدمتك دون أجر! والأجر هنا ليس نقودًا وأموالًا ومقتنيات، ولكن الأهم أن تشعرها بكينونتها ولا تحرمها من أنوثتها ثم تسألها عنها! رفقا بالقوارير يا سادة!! وليس عيبا أبدًا أن تداعب زوجتك وتغازلها – مهما كان عمرها - وتغدق عليها من مشاعرك الغزيرة التي تسعى لتوزيعها مجانًا على نساء غيرك في مواقع التواصل الاجتماعي ف عقد الزواج المتهالك الذى تحتفظ به وسط أوراقك القديمة لا يحمل معه شهادة ضمان مدى الحياة على هذه الزوجة المسكينة، فأنثاك هي طفلتك حتى الممات. * نقلًا عن صحيفة الأهرام