رعب من " تيك توك " يدب في صدور أولياء أمور دول عديدة، ويقلق كذلك نوم بعض الآباء، بسبب سيطرته علي عقول المراهقين، بعد أن قارب عدد مستخدميه في وقت قصير المليار شخص حول العالم، ومضمونه لا يخرج عن الرقص والموسيقى إلا فيما ندر، وتمتلكه الشركة الصينية " بايت دانس ". والولايات المتحدة من أكبر الدول الثائرة حول هذا التطبيق، وتتخوف من سرقته للممتلكات الفكرية لمواطنيها، وثانيا من إرساله بياناتهم إلي الجيش الصيني و الحزب الشيوعي الصيني ، ولذا يعتزم الرئيس ترامب إصدار قرار بحظره في أمريكا ومعه تطبيق صيني آخر اسمه " وي تشات "، وعند قراءة الأحداث نرى أنها تشكك في جميع تلك التخوفات، لأن الشروع في قرار الحظر جاء بعد فشل مفاوضات بيع التطبيق لعدد من المشترين الأمريكيين وأولهم شركة مايكروسوفت . ويأتي أيضا التفكير في اتخاذ القرار لما حققه " تيك توك " من مكاسب خيالية في فترة وجيزة، تقدر بين 30 و75 مليار دولار، مما يعني أن البعد التجاري الذي يمثله التطبيق يثير لعاب ترامب، وبعد فشل عملية شرائه يحاول ترامب إغلاقه، اعتقادا منه أنه قد يؤدي إلي خسارة كبيرة للاقتصاد الصيني، ومن جانب آخر ألقت وزارة العدل الأمريكية عدة اتهامات على الشركة المالكة للتطبيق، أهمها انتهاك خصوصية الأطفال في أمريكا. غير أن التطبيق في إيطاليا وعدد من أشقائه من التطبيقات الأخرى على الإنترنت مثل الواتساب او التليجرام يستخدمونها المراهقون في تبادل صور إباحية للأطفال ومقاطع دموية، وألقت السلطات الإيطالية القبض على 20 مراهقا متهمين بنشرها، وهذا بناء على بلاغ أم طفل يبلغ من العمر 15 عاما وقد شاهدتها على هاتفه. وسارعت الهند بإصدار قرار بحظر 95 تطبيقا للهواتف المحمولة ومعظمها تطبيقات صينية وأشهرها " تيك توك "، ويرجع القرار إلى القلق على الأمن الهندي، وهذا طبقا لتعليق وزارة تكنولوجيا المعلومات الهندية بأن التطبيقات تضر بسيادة ونزاهة الهند، ولكن حقيقة الأمر أن قرار الحظر بمثابة عقاب للصين، خاصة عقب اشتباك على الحدود بين الصينوالهند، الذي أسفر عن مقتل 20 جنديا هنديا، وبطبيعة الحال يهدف القرار بإلحاق أضرار اقتصادية بالصين، ويحاول مسئولون صينيون المصالحة مراعاة لقطاع كبير في الهند يعمل ويستثمر في تلك التطبيقات. وفي بريطانيا يثير التطبيق زوابع لمخالفته قانونا يطبق بالاتحاد الأوروبي عن خصوصية الأطفال، وقد يفرض المفوض العام ببريطانيا غرامة كبيرة على الشركة الصينية المالكة. وفي ظاهر الأمر يبدو أن المسئولين في هذه الدول يسعون إلي حماية خصوصية الأطفال والمراهقين، بينما الواقع يقر بأن رفضهم للتطبيقات الصينية يعود إلى خلاف سياسي وتجاري لاغير، لأنه إذا كان من منطلق حمايتهم للمراهقين لكان من الضروري إعادة نظرهم في تنظيم الإنترنت بصفة عامة وتتبعهم لعالمه المظلم. والمخزي حقا ما يحمله " تيك توك " من خطورة في استهدافه لفئة المراهقين خاصة في المجتمعات، وتتمثل كذلك في إمكانية مشاهدته وتصفحه دون الحاجة لعمل حساب منذ البداية، وأن التطبيق يعرضهم لرسائل تحرش ولمشاهدة مناظر إباحية وبلطجة ولمقاطع عن تداول المخدرات والسلاح. والشيء الأكثر إثارة للمخاوف في هذا التطبيق، أنه يساهم في نشأة جيل يعتقد خطأ أن الرقص والحركات المثيرة هي الإبداع والسبيل لتحقيق الثراء والشهرة. Email: [email protected]