أكد الدكتور مساعد عبدالعاطي، أستاذ القانون الدولي العام، في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، أن هناك معاهدات تنظم استخدام مياه الهضبة الإثيوبية، ومبادئ عامة تنظم استخدامات الدول للأنهار في غير الشئون الملاحية، وهي مبادئ عرفية، استقرت في وجدان الدول، وأصبحت مُلزمة للدول كافة، فضلا عن اتفاقية الأممالمتحدة بشأن الأنهار الدولية في 1997، والتي يأتي من مبادئها الاستخدام المنصف والعادل للمياه المشتركة، والإخطار المسبق قبل إقامة أي منشأ على المجاري المائية المشتركة. وأشار أستاذ القانون الدولي العام، إلى أنه من أبرز الاتفاقيات التي تحفظ حقوق مصر المائية، بروتوكول روما 1891 والذي وقعت عليه بريطانيا ممثلة لمصر والسودان وروما ممثلة لإثيوبيا، وتعهدت إثيوبيا بعدم إقامة أي مشروعات على نهر عطبرة، من شأنها عرقلة وصول المياه إلى مصر والسودان. وتابع د. مساعد عبد العاطي، كما أن هناك اتفاقية 1902 ، والتي وقعها منيليك الثاني ملك ملوك إثيوبيا، لافتة إلا استقلال إثيوبيا وقتها، وأن الاتفاقية نصت في المادة الثالثة منها، على عدم إقامة مشروعات على النيل الأزرق أو نهر السوباط أو بحيرة تانا من شأنها منع وصول المياه، فضلا عن إلزامها بإخطار السودان -المصري وقتها- بإقامة أي مشروعات. وقال إن هذه الاتفاقية -1902- لها حجة قانوينة دولية، نظرا لكونها خاصة بترسيم الحدود، والحدود في القانون الدولي لها مكانة خاصة، تحفظها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية 1978، التي تؤكد أن الحدود تتوارثها الدول بحالتها، وذلك لمنع النازعات، لافتا إلى تصديق إثيوبيا على اتفاقية فيينا، نظرا لاحتلالها إقليم أوجادين الصومالي، ومشيرا -أيضا- إلى أن اتفاقية 1902 لها "شق أخر" مرتبط بحدود عينية، تتعلق باستخدامات الأنهار الدولية، فضلا عن حكم محكمة العدل الدولية في 1997 بين المجر وسلوفاكيا، حول نهر الدانوب في قضية مشابهة لقضية سد النهضة . وأضاف أنه هناك أيضا اتفاقا إطاريا للتعاون تم توقيعه عام 1993 بين الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ورئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي، تمت صياغته وفق قواعد القانون الدولي، وتعهدت الدولتين من خلالها على تحقيق مبدأ التعاون المشترك، وكذلك مبدا عدم الإضرار، وسجلته مصر في الأممالمتحدة، قائلا: "إلا أن إثيوبيا لم تصدق عليه"، ورغم ذلك؛ فإن قانون المعاهدات لعام 1969 خلص إلى أن الدول التي توقع على معاهدات دولية ولم تصدق عليها، فإنها ملتزمة بعدم مخالفة ما وقعت عليه من التزامات، إعمالا لمبدأ حُسن النية. وأوضح أستاذ القانون الدولي، أن المبادئ التي جاءت في اتفاق 1993 بين مصر وإثيوبيا، هي مبادئ عامة مُلزمة، وليست مبادئ تتعلق بأمور ثنائية بين البلدين. وأضاف أن إعلان المبادئ، الموقع في مارس 2015، كان بمثابة خارطة طريق فنية وقانونية، في التوافق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وهو اتفاق إطاري لا بد أن يستتبعه، اتفاق تفصيلي، وهو الذي كان من المفترض أن يكون متمثلا في وثيقة واشنطن التي صاغها البنك الدولي والخزانة الأمريكية في فبراير من العام الحالي. وتابع، نخلص مما سبق أن حقوق مصر المائية المكتسبة تحميها مبادئ قانونية عامة، واتفاقيات ملزمة؛ تتمتع بالقوة والمتانة من منظور القانون الدولي، فضلا عن تطبيقات محكمة العدول الدولية في منازعات الأنهار الدولية، لا سيما فيما يتعلق بنهر الدانوب بين المجر وسلوفاكيا عام 1997، وبين الأرجنيتين والأوروجواي في 2010. وأوضح الدكتور مساعد عبدالعاطي، أن ما تزعمه وتروج له إثيوبيا، من أن ما تفعله هو من أمور السيادة المطلقة على منابع الهضبة الإثيوبية، فهي مزاعم واهية، ولا يوجد سند وحيد يؤيدها في القانون الدولي، لأنه من الثابت أن اتفاقية الأممالمتحدة للأنهار الدولية لعام 1997 وما خلص إليه الفقه الدولي وأحكام القضاء الدولي، هو أن النهر الدولي ملكية مشتركة لدوله -المتشاطئة عليه- ولا يجوز لأي منها التذرع بمبدأ السيادة الإقليمية، وأن هذه الدول عليها التزامات مباشرة تتمثل في حماية هذا المورد المشترك، الذي هو هبة من الخالق عز وجل، وأن الدول ملتزمة بتنمية موارده المائية، وصولا للاستخدام المنصف والمعقول، وبالتالي فإن الدفع الإثيوبي، بأنها تملك حقوقا سيادية يخالف قواعد القانون الدولي. وأشار إلى أن الظروف الداخلية التي تعرضت لها مصر في عام 2011 تسبب في غطرسة الجانب الإثيوبي، التي عدلت من الرسومات الإنشائية للسد، لزيادة سعته التخزينية إلى 74 مليار م3، وهو ما أعطى لإثيوبيا ورقة ضاغطة، بتطبيق سياسة فرض الأمر الواقع، قائلا: "وهذا يعد انتهاكا للقانون الدولي"، لافتا إلي أن ميثاق الأممالمتحدة نص على قمة أهدافه؛ حفظ السلم والأمن الدوليين، بما يعد التزاما آمرا على جميع الدول -ومن بينها إثيوبيا- إلى عدم تهديد ذلك السلم. وأكد أن إثيوبيا بعد جولات التفاوض الأخيرة، يمكن القول إنها تنتهك قانون الأنهار الدولية ، ومسودة واشنطن الصادرة في فبراير من العام الحالي، وأنها تهدد الأمن والسلم الدوليين، وهي في وضعية قانونية خطيرة، لأن إثيوبيا تخشى ذهاب مصر والسودان إلى مجلس الأمن الدولي، لافتا إلى أنه يجب البناء على تنبيه مصر مجلس الأمن الدولي في مايو الماضي، للتصدي للأفعال الإثيوبية. وشدد على أنه يجب على مصر أن تحشد كل الحجج القانونية المؤيدة لحقوقها التاريخية في مياه النيل أمام مجلس الأمن الدولي، في ظل الضغط بكل أوراقها الدبلوماسية كل المستويات كافة، وبخاصة مع الدول الداعمة لإثيوبيا في بناء السد.