في الوقت الذي تتكاتف فيه دول العالم للتعامل مع تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" والعمل على إيجاد حلول للتحديات التي فرضتها هذه الجائحة على مختلف القطاعات التنموية، أجبرت كورونا العالم على ضرورة توحيد الجهود في كافة مجالات للعلوم والتكنولوجيا والابتكار للوصول إلى التحول الرقمي أملاً في توفير الوقت والجهد والموارد مما ينعكس على مستقبل جودة الحياة. ومن المؤكد، أننا وصلنا الآن إلى مرحلة، أصبح فيها التحول الرقمي إجباريًا وليس اختياريًا ولابد للجميع أن يعمل على تطوير ذاته، لكى يستطيع التعامل مع هذه المنظومة ويساعد المسؤولين على اختصار العديد من الوقت، لكن هناك مشكلة تكمن في أن بعض مقدمي الخدمات لا يستطيعون التعامل مع الحاسب الآلي ووسائل الاتصال. "بوابة الأهرام" ترصد ضرورة تفعيل منظومة التحول الرقمي في ظل تداعيات كورونا. فى البداية يؤكد الدكتور ياسر السيد شحاتة، أستاذ إدارة الموارد البشرية وخبير التنمية المستدامة ، أن أزمة كورونا الحالية، تفرض علينا بلا شك التوسع في برامج التحول الرقمي في مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، توفيرًا للوقت والجهد وأيضًا التصدي بقوة لمظاهر الروتين والفساد الإداري. كما أن مصر بدأت التوسع في تطبيق منظومة التحول الرقمي قبل جائحة كورونا، وهو ما يؤكد صحة توجه القيادة السياسية لمواكبة التقدم التكنولوجي العالمي. كما أشار الدكتور ياسر شحاتة، إلى أن تطبيق برامج التحول الرقمي في التعليم والبنوك والعديد من القطاعات بالدولة، كان له أثر إيجابي ساهم في تخفيف تداعيات كورونا. من جانبه، أكد المهندس محمد محمود الصقار، خبير التنمية الإدارية و التحول الرقمي بمنطقة الخليج، أن التحول الرقمي أصبح إجباريًا، وأوضح بشكل جلى قوة دول العالم بجاهزيتها وتعاطيها مع هذه الأزمة من خلال تعاملها فى كافة المجالات الصحية والأمنية والاقتصادية والتعليمية والصناعية واللوجستية وغيرها من المجالات الآخرى، مستفيدة من أهم محور لنجاحها وهو التقنية لجعلها رافداً قوياً لتفعيل هذه المجالات لضمان نجاحها واستمرارها، فرأينا خلال الفترة الماضية دول عظمى تنهار ورأينا دول أخرى بالمقابل تنجح وتذهل العالم باحترافية تعاملها مع هذه الجائحة. البنية التحتية واستكمل المهندس محمد محمود الصقار، أن خير مثال لهذه الدول مصر ودولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، فقد بات واضحاً للعالم بأسره قوة البنية التحتية والتخطيط السليم في هذه الدول فى التعامل مع مثل هذه الأزمات بالمبادرة بتفعيل الإجراءات الاحترازية الصحية والوقائية من جهة وتقديم الدعم للعمال من جهة أخرى، مؤكدًا أنه بعد توجه بعض دول العالم لما يسمى بالتعايش، يظهر هنا دور التحول الرقمى في مساعدة المواطنين والموظفين على تلبية أغلب احتياجاتهم المتعلقة بالخدمات الحكومية والتعليمية عن بُعد. ميكنة المؤسسات واستطرد خبير التحول الرقمي ، أنه يبدو أن الأمر ليس بالسهل فى بلدنا، فرغم تأكيد توجيه القيادة الرشيدة متمثلة في مؤسسة الرئاسة بسرعة التوجه إلى ميكنة المؤسسات الحكومية، إلا أن المسئولين عن ملف التحول الرقمى فى مصر يواجهون العديد من الصعوبات فى التنفيذ فى بعض الأماكن، مستكملاً أنه، بدءًا من قدرة الموظف كمقدم الخدمة والمواطن وكمتلقى الخدمة على استيعاب هذه التطورات، فهناك العديد من الأشخاص ما زالوا يرفضون التطوير والتغيير ويريدون العمل بنفس الآليات القديمة وهو ما يشكل الصعوبة الحقيقية على المسئولين، رغم وجود نجاح منظومة التحول الرقمى فى مدينة بورسعيد. وأشار المهندس محمد محمود الصقار، إلي أن التحول الرقمى له العديد المتطلبات أهمها: 1- (محور الإنسان)، فإمكاناته ومهاراته هى مصدر العمل على تحقيق كل المتطلبات، وعلى ذلك فإن (توعية الإنسان وتأهليه عملياً وتقنياً وأخلاقياً)، و(رعايته وتحفيزه)، وتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار و (مرونة التطور والتطوير)، أسس ينبغى الاهتمام بها كى يستطيع أداء دوره فى المؤسسات المختلفة وفى المجتمع أيضاً، فضلاً عن ضرورة تأمين خدمات (البنية الأساسية)، والخدمات الرقمية الأخرى بتكاليف مناسبة تسهم فى تفعيل (التحول الرقمى) وتعزيز (فوائده). 2- (محور البيئة) فى هذا المحور تبرز: (التشريعات والقوانين والمعايير الفنية والسلوكية، ومتطلبات الأمن وقضايا (التعاون) وبشقيها (الداخلى والخارجى)، وعليه يرتبط هذا المحور بمسألة (حوكمة التحول الرقمى)، وتقع مسؤوليته على عاتق (الدوله) المواجهة للنشطات المختلفة، فلا بد لكل دولة من السعى إلى تفعيل (التحول الرقمى)، والإسهام فى استراتيجيته، وتنظيم شؤون (التقنية) التى يحتاج إليها، ودعم (المؤسسات) ذات العلاقة، ناهيك أيضاً عن الاهتمام بإعداد (الإنسان) المهيأ لمتطلبات التحول الرقمى المنشود. آفاق جديدة للتنمية وأكد الصقار، أن التحول الرقمى مطلب مهم على المستويات كافة بدءًا من الفرد ثم المؤسسات والدول، ووصولاً إلى العالم بأسره هو (جزء من الفضاء السيبرانى) المتطور الذى يحيط بالعالم المادى وهو الممكن لكفاءة أجدى وفاعلية أعلى ورفاهية أكبر، ليفتح الباب بذلك أمام آفاق جديدة للتنمية، مسهماً فى تطوير مجالاتها المختلفة. وأشار المهندس محمد محمود الصقار، إلي أن التحول الرقمى ليس حديث اليوم فقط، ولا حديث المستقبل فقط، بل هو حديث (العصر) منذ أن بدأت التقنية الرقمية بالانتشار وتسهيل التواصل وتفعيل الأعمال، وهو مستمر بإمكانات متجددة وخدمات متطورة بدأت لتعطى آفاقاً جديدة غير مسبوقة لحياة الإنسان وأكد خبير التحول الرقمي ، أنه علينا الاستعانة بخبرات الدول التى عملت على تحويل حكومتها إلى حكومات رقمية وذكية. وفي سياق متصل قالت الدكتور هاجر السروجي، خبيرة إدارة الأعمال، إن أزمة فيروس كورونا أصبحت حدثاً مهماً ستقف عنده البشرية بل قد يتم تقسيم التاريخ إلى عالم ما قبل كورونا وعالم ما بعده نظراً للتغيرات الكبيرة التي حدثت أو المتوقع حدوثها بسبب هذا الوباء، مستكملة، أنها في ظل الخسائر الاقتصادية الهائلة والبشرية التي تسبب فيها هذا الوباء، يخرج من كل محنة بعدها منحة تنقلنا إلى مرحلة أخرى لعالم يعتمد كلياً على الرقمنة. الحاجة إلى التكنولوجيا واستطردت الدكتورة هاجر السروجي، أن بين ليلة وضحاها أصبحنا في أمس الحاجة إلى التكنولوجيا، فلو تأملنا الخطوات التي تجري منذ بداية أزمة فيروس كورونا لاكتشفنا أن الإنترنت أصبح مهم جداً لاستمرار الحياة سواء على مستوى التعليم عن بُعد، أو العمل من المنزل، أو حتى التغلب على أوقات الفراغ الطويلة، مؤكدة أن المنزل تحول منذ بداية أزمة فيروس كورونا إلى مدرسة أو شركة أو مؤسسة صغيرة، وأصبح من الممكن بكل بساطة تلقي التعليم عن بُعد أو العمل من المنزل لدرجة أن العالم كله أصبح يدار بواسطة التكنولوجيا، فقد عُقدت العديد من الاجتماعات بين الدول بتقنية الفيديو كونفرانس أو عبر تطبيقات مكالمات الفيديو الجماعية. وشددت الدكتورة هاجر السروجي، إلى أن التوسع في تطبيق برامج التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية والخاصة، يسهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية. د ياسر السيد شحاتة المهندس محمد صقار