عززت التعهدات التى أبدتها عدد من الدول العربية بشان مساعدة مصر ماليا الآمال بشان تجاوز الاقتصاد المصرى للتحديات التى تجابهه منذ ثورة يناير، وسط توقعات بارتفاع حجم احتياطى النقد الأجنبى خلال الأشهر المقبلة. وسوف تسهم التعهدات المالية العربية - حال الوفاء بها - فى تقليص معدل العجز فى الميزانية وزيادة احتياطى العملات الأجنبية بمصر، والذى هبط من 36 مليار دولار فى يناير عام 2011 الى حوالى 14.4 مليار دولار فى يوليو الماضى. كانت المملكة العربية السعودية قد تعهدت بضخ مساعدات مالية بقيمة 3.75 مليار دولار - قدمت منها حتى الآن نحو 1.75 مليار دولار فى صورة وديعة لدعم الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى ودعم الموازنة وتمويل بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى جزء منها فى صورة مواد بترولية، بينما أودعت قطر ملياري دولار لدى البنك المركزي المصرى في مسعى لدعم اقتصاد مصر. وفى السياق ذاته، تعهدت ليبيا بإيداع مليارى دولار بالبنك المركزى المصرى حال استرداد الأموال الليبية المهربة بالخارج، بينما أبدت الكويت والإمارات استعدادهما لتوفير مساعدات مالية لمصر. ووعدت الولاياتالمتحدة بتقديم 50 مليون دولار لتنمية وتعمير سيناء إضافة إلى 500 مليون دولار لدعم الموازنة العامة للدولة. وأوضح محللون اقتصاديون دوليون، أن الاقتصاد المصرى سيشهد تحسنا ملحوظا حال وفاء الدول العربية بتعهداتها المالية ونجاح المفاوضات بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولى بشان قرض بقيمة 3.2 مليار دولار. كان وزير المالية ممتاز السعيد قد أعلن مؤخرا أن مصر ستطالب رسميا صندوق النقد الدولى بزيادة قيمة القرض من 3.2 مليار دولار الى 4.6 مليار دولار أو ما يعادل 300 فى المائة من حصة مصر فى الصندوق. ومن جانبه قال مايكل مونتى الخبير المصرفى بدويتش بنك: إن المساعى المصرية الرامية إلى الحصول على المزيد من الدعم المالى العربى والدولى، تستهدف مواجهة الصعوبات الاقتصادية ومن بينها تراجع معدل النمو الاقتصادى والتدفقات الاستثمارية الأجنبية وتخفيف الضغوط عن العملة المحلية وخفض عجز الموازنة المتوقع أن يصل الى حوالى 147 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى. وأضاف أن قدرة مصر على جذب المزيد من المساعدات المالية العربية والدولية، ستتزايد حال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى بشان التمويل المقترح / 3.2 مليار دولار، مشيرا إلى أن الاتفاق مع الصندوق، سيعد بمثابة شهادة على قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى والوفاء بالتزاماته الدولية. وتوقع زيادة حجم المساعدات العربية والدولية لمصر عقب الانتهاء من إقرار الدستور الجديد وإجراء انتخابات مجلس الشعب وتبنى خطوات ايجابية لتوفير البيئة المواتية للاستثمار. ومن جانبه قال جون بيرنارد كبير المحللين الاقتصاديين "ببنك أوف أميركا" إن الاستثمارات العربية المتوقعة ستعوض جزء من الاستثمارات الأجنبية التى فقدتها مصر عقب ثورة يناير، لافتا إلى أن مصر تمتلك فرصا استثمارية واعدة فى مجالات عديدة من بينها البنية التحتية والطاقة والنقل والمصارف. وأضاف أن العديد من المؤسسات الدولية المانحة، تتطلع إلى تقييم الأوضاع الاقتصادية فى مصر وخاصة عقب تشكيل البرلمان الجديد، تمهيدا لضخ المزيد من المساعدات المالية فى الاقتصاد المصرى. وأشار إلى أن السياسة النقدية المستقبلية فى مصر، تستلزم تبنى سياسة نقدية داعمة للاستثمار الخاص وتمويل عجز الموازنة من مصادر محلية وخارجية غير تضخمية، متوقعا زيادة حجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة فى مصر خلال الأعوام القادمة. وفى السياق ذاته قالت كاميلا هيوز الخبيرة السابقة بمؤسسة "ستاندارد أند بورز" إن مصر ستتمكن من تحسين تصنيفها الائتمانى وتعزيز وضعها التفاوضى مع مؤسسات التمويل الدولية بشأن اتفاقيات القروض والمستقبلية حال إبرامها الاتفاق المحتمل مع صندوق النقد الدولى ووفاء الدول العربية بالتزاماتها المالية تجاه الاقتصاد المصرى. وتوقعت هيوز تنامى أنشطة "الصيرفة الإسلامية" فى مصر خلال الأعوام الخمسة القادمة نتيجة الزيادة المحتملة فى الاستثمارات العربية والإسلامية فى مصر. وأشارت إلى أن اقتصاد مصر فى حاجة ماسة للمساعدات العربية والدولية وإعادة ترشيد الدعم فى ضوء التراجع الحالى الاستثمارات الأجنبية وارتفاع حجم العجز بالميزانية. وفى المقابل أوضح بيتر هو خبير اقتصاديات الأسواق الناشئة، أن المساعدات المالية العربية تعد بمثابة "مسكنات " لمشكلات الاقتصاد المصرى على المدى القصير"، مشددا على أن مصر تحتاج إلى إصلاحات هيكلية على المدى الطويل لتوفير البيئة المواتية للاستثمار وزيادة إيرادات الخزانة العامة وخاصة عائدات السياحة وخفض العجز فى الميزانية وتعزيز النمو الاقتصادى الذى يقوده القطاع الخاص ودعم الاستقرار المالى والنقدى. وأضاف أن مصر ينبغى عليها تعزيز شراكتها الاقتصادية مع الدول العربية والمانحة لزيادة حجم التدفقات الاستثمارية وتوفير التمويل لمشروعات البنية التحتية. كان تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولى، قد أوضح مؤخرا، أن مصر وقعت 36 اتفاقية تعاون مشترك مع شركاء التنمية خلال الفترة من يناير 2011 وحتى 25 يوليو 2012 وبلغت حصيلة تلك الاتفاقيات 5.8 مليار دولار، تراوحت ما بين منح لا ترد وقروض ميسرة وخطوط ائتمان وبروتوكولات مالية ومساعدات فنية مع شركاء مصر فى التنمية، سواء على المستوى الثنائي أو مع مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية والعربية.