بعد أن اتخذها البعض تجارة ومجالا جديدا للتربح لم تعد قضية التبرع بالبلازما اختيارا ففى ظل انتشار هذا الوباء الفتاك فلا مكان للقواعد التقليدية ولا مجال إلا لما يحقق مصلحة المواطنين وصالح الوطن .. بعض المصابين بعد أن كانوا يصارعون الموت تحت أجهزة التنفس الصناعي في غرف العناية المركزة بسبب فيروس كورونا المستجد الذي تمكن من رئتهم وكانوا يتمنون فرصة للحياة من جديد إلا أنه عندما منحهم القدر تلك الفرصة عرضها البعض للبيع فمنذ أن أعلنت وزارة الصحة نجاح علاج مرضى "كورونا" باستخدام بلازما الدم من المتعافين دخلت تلك البلازما "السوق السوداء" فوضع أحدهم 20 ألف جنيه ثمنا لها وذهب آخر الي تزوير تقرير يفيد بإصابته ب"كورونا" ليتمكن من بيع البلازما وما بين هذا وذاك هناك آلاف المصابين يعانون آلام المرض وضيق التنفس وعدم القدرة على توفير ثمن العلاج ليعاني مريض كورونا آلامًا عدة فهناك فيروس يفتك ويفقده الحياة تدريجيا وهناك خوفا من الرحيل ومفارقة الأحبة والأمل في الحياة معروضا للبيع لمن يستطيع إليه سبيلًا ! قسوة المرض وعناء الوصول للعلاج مشهد غير إنساني يخلف وراءه آلامًا نفسية ليس علي المريض الذي لا يملك ثمنًا ل"البلازما" فحسب وإنما أيضًا علي الأصحاء الذين يخشون إصابتهم بالفيروس ويتوقع الخبراء إصابتهم بالفعل .. هؤلاء يتساءلون : كيف السبيل إلي الحياة وقتئذٍ ؟! إقرار تبرع داخل المستشفي .. مقترح لحل الأزمة اقترحت "بوابة الأهرام" أن يكون هناك إقرار للتبرع بالبلازما يقوم مريض "كورونا" بالتوقيع عليه منذ دخوله المستشفي يتضمن الإقرار موافقة المريض علي التبرع بالبلازما في حال تعافيه وثبوت أنها تصلح لأن يتعافي بها غيره من المرضى ويعمم هذا الإقرار علي المرضى بجميع المستشفيات "الحكومية والخاصة" وكذلك معامل التحاليل لضمان حصول الدولة علي البلازما من المتعافين الذين لم يدخلوا المستشفي واكتفوا بالعزل المنزلي وهو الإجراء الذي يضمن توفير أكبر عدد ممكن من "بلازما المتعافين" لتتمكن الدولة من علاج أكبر عدد ممكن من مصابي الفيروس بها وهو ما يسد الطريق علي خلق سوق سوداء لتداولها بين الأفراد مقابل مبلغ من المال كما سيحافظ هذا الإجراء علي حياة المرضى لأنه سيضمن الحصول عليها تحت إشراف طبي يضمن السلامة للمريض. يعالج 20578 مصاب ب"كورونا" بحسب ما أكده الدكتور إيهاب سراج الدين مدير عام خدمات نقل الدم القومية في حديثه ل"بوابة الأهرام" فإن بلازما دم متعاف واحد تكفي لعلاج 2 من المصابين بالفيروس وهو ما يعني أن "إقرار التبرع" داخل المستشفي سيوفر 20578 بلازما فبحسب أرقام وزارة الصحة سجلت مصر حتى الآن 26653 حالة إصابة بالفيروس وفي المقابل سجلت 10289 حالة تعافي وهو ما يعني أن حالات التعافي هذه لو خضعت لإقرار التبرع سيتوفر أكياس بلازم بنفس عددها وهو ما يعني تمكين الدولة من توفير العلاج لضعف الرقم أي 20578 حالة . "عوض تاج الدين" : سندرس تطبيقه رحب بالمقترح الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية للطب الوقائي مشيدًا بطرحه فبحسب حديثه يكافح إقرار التبرع "السوق السوداء للبلازما" ويحمي آلاف المرضي من الاستغلال المادي . وأكد مستشار رئيس الجمهورية للطب الوقائي في حديثه ل"بوابة الأهرام" أن المقترح سيكون محل دراسة خلال الأيام المقبلة" لمناقشة إمكان تطبيقه وكذلك الآلية :" هندرسه من الناحية القانونية " متابعًا :"شكرًا لطرحه في الوقت الحالي". وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب : " ياريت " وفي مجلس النواب يري وكيل لجنة الصحة الدكتور ايمن ابوالعلا أن "إقرار التبرع" سيضمن توفير "بلازما المتعافين من الفيروس" دون عناء البحث عنهم وانتظار تبرعهم أو التخاذل عن مساعدة الغير فيقول في حديثه ل"بوابة الأهرام" :" ياريت يكون فيه إقرار بالتبرع داخل المستشفي" إلا أنه بدا متخوفًا من أن يُساء موقف التوقيع علي الإقرار ويفسره البعض علي أنه مساومة . أستاذ شريعة : فيه إنقاذ للأرواح وبحسب علماء الدين فأن الأمر يخرج عن نطاق المساومة لحاجة المصابين إلي بلازما المتعافين ثم إن هذا المريض المتعافي لابد أن يسارع في نفع أخيه فبحسب حديث الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر :" بعض الناس سيضن بالتبرع للبيع نظير المال وبعضهم سيخضع لفتاوى شاذة من كارهي الوطن". ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا وحول موقف الشريعة من تطبيق الحكومة ل "إقرار التبرع" يقول أستاذ الشريعة ل"بوابة الأهرام" أن عمل شرط إلزامي للمتعافين وفق المعطيات الطبية جائز ومشروع ويتفق مع المبادئ والقواعد والمصالح العامة للشريعة الإسلامية خاصة أنه سيسد منفذًا لا ينتبه الناس إليه ألا وهو أن بيع الدماء الآدمية ومنها البلازما من البيوع المنهي عنها شرعا فالنبي حرم جملة بيوع منها "وبيع الدم" ويتأكد مشروعية الشرط الإلزامي للمتعافين في وقت الشدائد والأزمات حيث قول الله تعالي "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " ويشير إلي عرف يجري في المستشفيات "الحكومي والخاصة" فيقول لو أن مريضًا سيجري عملية جراحية يطلبون من أحد أقاربه أن يتبرع للمستشفي بجزء من دمه سواء للمريض أو لغيره فلماذا لا يُفعل هذا في البلازما ؟! بحسب الدكتورة هالة زايد فإن الحاجة ضرورية لبلازما المتعافين من "كورونا" باعتبارها السبيل الوحيد المتاح حاليًا لشفاء ضحايا الفيروس مادفعها للاستعداد لإطلاق حملة قومية لجلب المتبرعين بعد أن كانوا متاحين لديها أثناء إقامتهم بالمستشفي الأمر الذي يثير التعجب كما أن الحملات القومية يتطلب إعدادها إنفاق ملايين الجنيهات فلماذا التضحية بهذه التكلفة ؟! بديلًا لحملات التبرع ويدعم ميزانية الدولة يقول أستاذ الشريعة الإسلامية أن "إقرار التبرع" من وسائل دعم ميزانية الدولة مؤكدًا أنه بديل عن حملات إعلانية مكلفة بل إن الظرف الحالي من جائحة"كورونا" يتطلب كون هذا الإقرار إلزاميًا :"الإقرار الإلزامي واجب لأنه يؤدي إلي المحافظة علي حياة إنسان" لافتًا في ذلك إلي "مالا يتم الواجب إلا به يكون واجبًا". يضمن سلامة الناس ومن الأهداف والمقاصد للإقرار الإلزامي بحسب حديث "كريمة" ل"بوابة الأهرام" خضوع المتبرع بالبلازما لإشراف طبي يضمن سلامته والآخرين ويكون حائلًا ومانعًا لعمليات البيع المحرمة خارج النطاق الطبي مما يعرض الأصحاء والمرضى علي السواء لعواقب وخيمة فالأمر لا يقتصر علي ال "كورونا" فقط ولكن يمتد لأمراض أخرى كالإيدز فالمحافظة علي سلامة المجتمع تحتم إجراء الإقرار الإلزامي . يتصدى لكارهي الوطن كما أن الإقرار الإلزامي يتصدي لكارهي الوطن الذين لا يريدون الخير له ولأهله فيسعون إلي إحداث فتن مجتمعية فبحسب الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية عندما تتوفر بلازما الدم بالقدر الكافي الذي يضمن علاج جميع المصابين فإن ذلك ينعكس عليهم بالإيجاب كما ينعكس بالإيجاب أيضًا علي المواطنين الأصحاء إذ يتحقق لديهم الأمن النفسي من أنهم إذا ما أصيبوا في المستقبل فإن الدولة تضمن لهم وجود العلاج إضافة أيضًا إلي أن تطبيق هذا الإقرار يُمكّن المؤسسات العلاجية الحكومية من معالجة المواطنين خاصة البسطاء وذوى الحاجات بالمجان ويؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية أنه إذا تُركت الأمور اختيارية فتجار الدماء سيتوجهون إلي أوكار بيع البلازما لمن يملك الثمن "مثل عمليات تجارة الأعضاء الآدمية في السوق السوداء" وعلي ضوء ذلك فالإقرار الإلزامي للتبرع بالبلازما مشروع . ضروري وواجب شرعي ويؤكد الدكتور أحمد كريمة ل"بوابة الأهرام" أن مقترح "إقرار التبرع" ضروري في الوقت الحالي بل إنه يحقق المصلحة العامة مطالبًا الحكومة بتطبيقه والقاعدة في ذلك "المصلحة العامة تقدم علي المصلحة الخاصة" وأيضًا " حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله" واصفًا الإقرار بقوله :" فيه إنقاذً للأرواح". وزارة الصحة : ضد أخلاقيات المهنة ورفضت أيضًا وزارة الصحة فبحسب حديث الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان :"لا يمكن تطبيق هذا الإقرار داخل المستشفيات " وعللت الوزيرة ذلك بأن أخلاقيات المهنة تقتضي أن يكون التبرع بالبلازما اختياريا . وهنا يطرح التساؤل عندما تسجل مصر أكثر من 1500 إصابة بالفيروس يوميًا يتوقع الخبراء ارتفاعها لتصل إلي 2500 في الأيام المقبلة وهو ما يجعل الإصابات نزيفًا يستدعي وجود آليات عاجلة للعمل علي وقفه .. هل عندما تتوافر الآلية متمثلة في "بلازما الدم للمتعافين من الفيروس " يكون توفيرها اختياريًا ؟! .. إن الأمر هنا ليس متعلقًا بمواطن او اثنان وإنما آلاف المواطنين يقتنصهم الفيروس الفتاك يومًا تلو الآخر ويجعلهم عرضه للموت لتصبح مسألة إنقاذ أرواحهم أمن قومي .