4 مواليد كل دقيقة.. وزير الصحة: نستهدف معدل طفلين لكل أسرة    شركة مياه الشرب تفتح التدريب الصيفي لطلاب المعاهد والجامعات بسوهاج    قمة السلام الأوكرانية.. إجراءات أمنية مثيرة للجدل لمنع التسريبات    لوكا مودريتش يوافق على تخفيض راتبه مع الريال قبل التجديد موسم واحد    داليا عبدالرحيم: التنظيمات الإرهابية وظفت التطبيقات التكنولوجية لتحقيق أهدافها.. باحث: مواقع التواصل الاجتماعي تُستخدم لصناعة هالة حول الجماعات الظلامية.. ونعيش الآن عصر الخبر المُضلل    "الثاني تاريخياً".. سبورتنج بطلاً لكأس مصر لكرة اليد بعد الفوز على الزمالك    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة.. صور    "الصيف بيخبط على الباب".. الأرصاد: موجة حر شديدة تضرب البلاد وتوقعات بامتدادها لأسبوع مقبل    رانيا منصور تكشف ل الفجر الفني تفاصيل دورها في الوصفة السحرية قبل عرضه    بالصور.. نجوم الفن في عزاء والدة محمود الليثي    شذى حسون تبدأ سلسلتها الغنائية المصرية من أسوان ب«بنادي عليك»    4 شهداء فى قصف للاحتلال على منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة    حظك اليوم لمواليد برج الدلو    "من عبدول إلى ليلى" أفضل وثائقي و"الترويضة" أفضل فيلم قصير بمهرجان روتردام    استمتع بنكهة تذوب على لسانك.. كيفية صنع بسكويت بسكريم التركي الشهي    مدير مستشفيات جامعة بني سويف: هدفنا تخفيف العبء على مرضى جميع المحافظات    سم قاتل يهدد المصريين، تحذيرات من توزيع "سمكة الأرنب" على المطاعم في شكل فيليه    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    وزير التربية والتعليم الأسبق يدعو لإنشاء مجلس أعلى للتعليم    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    فرق إطفاء تحاول السيطرة على حرائق غابات شرق مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    رئيس النيابة الإدارية يشهد حفل تكريم المستشارين المحاضرين بمركز التدريب القضائي    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    متى إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاع الخاص والحكومي والبنوك في السعودية؟    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    وكيل «قوى عاملة النواب» رافضًا «الموازنة»: «حكومة العدو خلفكم والبحر أمامكم لبّسونا في الحيط»    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    غرفة عمليات «طيبة التكنولوجية»: امتحانات نهاية العام دون شكاوى من الطلاب    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعايش
نشر في بوابة الأهرام يوم 18 - 05 - 2020

نفس الكلمة التى استخدمناها بعد يناير. كتبتها لأضع نفسى بين أحرفها ولأدعو غيرى للالتزام بها. هناك من كان قادرا على اتباع التعامل القديم مع نفس الكلمة. قبل خمسة أشهر كنا نكتب عن التعايش مع العدو. كان هناك سباق محموم للتوصل لمصل وعلاج للوباء. أعلنت شركات الأدوية ومعامل البحث العلمى فى العالم أن ما يفصلنا عنه ساعات أو أيام. ولكن مع مرور الوقت بدأت المسافات تستطيل والزمن يطول. وأصبح المصل والعلاج مثل السراب الذى يبتعد عنا كلما اقتربنا منه.
العدو واحد. لكن مراحل التعامل معه اختلفت. رغم أن خطره من الثوابت التى تستهدف الإنسان. لكنهم لأول مرة تعاملوا مع البنى آدم حسب سنوات عمره. توسعت الصحف فى بداياته الأولى فى الكتابة عن خطره على كبار السن. مما أثر على قطاعات عريضة منهم. وباعتبارى واحدا من العواجيز فقد سبق الوباء بكثير أن حددت موقفى الثابت من الموت. إلا أن تركيز الكلام عن كبار السن - باعتبارهم ضحايا محتملة وجاهزة لما يجرى - أخافني. لا تصدق من يدعى أنه لا يحب الحياة. وليس حريصاً عليها. حتى أكثر الناس يأساً. كل يحب الحياة بطريقته الخاصة. ويحلم بالاستمرار فيها. بل إنه عند المنتحر فإن بعض المنتحرين كانت لديهم حتى لحظات العمر الأخيرة آمال فى مواصلة الحياة.
إن مقولة روائى روسيا القيصرية: ليو تولستوي، والذى يقول عنه معاصروه انه تجاوز المائة من عمره. كتب يقول فى مذكراته: إن للحياة سحرها الخاص الذى يتجدد كل صباح. ونلمسه عندما تأتى الأماسى فى آخر النهار. فى مواجهته قال بعض الفلاسفة: إن الاستمرار فى الحياة نوع من الرفض المستمر طويل المدى الذى يتوقف فى لحظة عندما يدهمنا الموت.
قبل الوباء كنت أتصور أن الحروب هى أكثر اختراعات البشرية تهديداً لحياة الناس. وأنها حصدت ملايين من سكان الكرة الأرضية. ربما لأننى لم يسبق لى أن عاصرت أوبئة من قبل. أو ربما عاصرتها دون وعي. وفى غياب الإدراك كان خطرها بعيداً عن خيالي. لكن الأمر يختلف هذه المرة. أصبح الإنسان يعيش منذ أن جاء هذا الطارئ غير المرغوب فيه وفرض نفسه علينا. وأصبحت أخباره تسبق أى أخبار أخري. على الرغم من أنه عجز عن حصار حروب تجعلنى أتساءل بذهول عن المستمرين فى حروبهم رغم الوباء. ولا أستطيع أن أرى سبباً جوهرياً واحداً للحروب. وحروب العدوان حماقة وعدوان ونهب وسلب. لكن وجودها فى زمن الوباء يطرح أسئلة كثيرة إلى إجابات. الأمر يختلف هذه المرة. لخصت المحنة لنا ثلاثة أنواع من الأرقام. تحاصرنا دائماً وأبداً. وإن تاهت منا نبحث عنها. ولا يقيس الوقت الذى يضيع منا ونحن نلهث وراء سرابها. أول الأرقام من ماتوا. وأحب أن أصفهم بالشهداء. وعندما أسمع كلمة القتلى أو الموتى أصاب بالفزع. فالوباء معركة ومن حصدهم شهداء.
يأتى بعدهم من أصيبوا. وإن كان الرقم الأصم لمن أصيبوا يُغْفِلُ أعمارهم ونوعهم. وفى القليل النادر نعرف أحياناً أن النساء أكثر من الرجال قابلية للإصابة بالوباء. وأن كبار السن الذين يعيشون أيامهم الأخيرة أكثر بكثير من الشباب. يبقى رقم الأمل الكبير عمن أصيبوا وتم شفاؤهم وكُتبت لهم نعمة الاستمرار فى الحياة بعد أن أطلوا على الموت من أقرب مكان له. إن تجربة الوباء جعلتنا نعيش على الحافة بين الحياة واللاحياة. التى حاولت زحزحة فكرة الاستمرار فى الحياة خطوات بعيدة. بعد أن كانت حلماً وأملاً فأصبحت وجعا كل يوم. نسميه الوباء أو الجائحة ولكن هناك من يرونها فرصة نادرة الحدوث. لا بد من استغلالها واستثمارها. إنها الشركات والمؤسسات التى حولت المناسبة لفرص للتجارة. وجنى مليارات الدولارات بعد التوصل للمصل أو الوصول للعلاج. حتى المآسى الكبرى فى التاريخ الإنسانى كانت فيها جوانب مضحكة. وإن كان ضحكا كالبكاء. لأن أخبار سباق وضع اليد على مكونات المصل أو العلاج جعلتنا ننصرف أحياناً عن حجم الوباء ومدى خطره. وهكذا سرقتنا الشركات من الخوف اليومى من الإصابة والحرص الذاتى الزائد عن الحد.
لا أريد أن أكون قاسياً على أحد. وأكتب أنه فى مواجهة أخطار وحكايات الوباء هناك من قال لنفسه هامساً: أنا ومن بعدى الوباء.
ها هى إحدى شركات الأدوية ولن أدون اسمها لأن التدوين يحقق لها أهدافها مما زعمت أنها توصلت إليه. فنحن فى مزاد أكثر من كوننا فى مواجهة جائحة. الشركة تعلن أنها توصلت لكمامة يمكن أن تنبه من يضعها على وجهه إلى اقتراب شخص من الممكن أن يكون حاملاً للوباء منه. حملت وكالات الأنباء لنا أن الكمامة السحرية إن اقترب منك الوباء يمكنها أن تصفر صفيرة إنذار وخطر فتتنبه. ولم يقولوا لنا إن كان فيروس الوباء قد تمكن منا فماذا سنفعل فى مواجهته؟ وعندما تنزل هذه الكمامة إلى الأسواق تخيل كم سيكون سعرها؟ وبأى العملات ستباع وتُشتري؟. كم من الاختراعات التى سنسمع عنها. فى ظل هذا السباق الذى يبدو فى ظاهره علمياً وهو فى باطنه تجاريا صرفا. لا تحركه أى دوافع علمية. وأنا لا أستثنى هنا سوى الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية. أما الشركات والدول التى ترعى الشركات فالمسألة مسألة مصالح قبل أى اعتبار آخر.أعود للإعلانات عن الكمامة التى بشرونا أنا ستصفر. هل الصفير سيكون بمجرد أن يقترب منك الفيروس؟ أو بعد أن يكون قد استقر فى مكان ما فى جسمك. ولم يشرحوا لنا ماذا سنفعل بمجرد أن نستمع إلى صفارة الموت . وأيضاً فاتهم وفاتنا ماذا يمكن أن نفعل مع حامل الوباء الذى ربما لم يجد مستشفى أو مكان للعلاج؟ فجلس فى بيته. ومن شدة ملله نزل يتمشى وسط الناس. ما من لحظة تمر علينا إلا وخبر عاجل يعلن التوصل لعلاج. وأنه تحت الاختبار. وقريباً سيبدأ إنتاجه وينزل إلى الأسواق. ونسأل متى وأين؟ والأهم وبكم؟. أخذنا الوباء من رمضان ومن العيد. وكل رمضان وكل عيد وأنتم طيبون.
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.