وزير الأوقاف يشهد احتفالية تسليم جائزة الدكتور محمد ربيع ناصر للبحث العلمي    عميد تجارة عين شمس يطلق مهرجان الإسماعيلية الأول لطلاب الكلية    محافظ الوادي الجديد يلتقي وفد البورصة السلعية لبحث إطلاق بورصة التمور    مقاتلتا "إف 35" تقلعان لاعتراض طائرة مسيرة مجهولة في هولندا    مسئول في حركة حماس: الحركة مستعدة لمناقشة مسألة تجميد أو تخزين أسلحتها    رغم الخروج من كأس العرب، أرقام مميزة ل بن رمضان مع منتخب تونس    إبراهيم حسن: ودية مصر ونيجيريا 16 ديسمبر باستاد القاهرة    الدورى الإسباني.. مبابي وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لمواجهة سيلتا فيجو    رعدية وغزيرة، الأرصاد تعلن أماكن سقوط الأمطار غدا الإثنين    حريق يلتهم لنشًا وفلوكة جنوب الغردقة بدون إصابات    مي فاروق وهاني شاكر يجتمعان في حفل غنائي بدبي    عمرو سلامة: المناخ الكروي في مصر ينهار والجمهور يبتعد عن الفرق المحلية    متحف ذاكرة الريف» |عالم اجتماع يرصد ملامح حياة المصرى القديم    الأوقاف: جوائز المسابقة العالمية للقرآن الكريم هذا العام الأكبر في تاريخها    الصحة: لا توجد متحورات جديدة من فيروس كورونا.. والإنفلونزا الأكثر انتشارا    وزير الصحة يحسم الجدل حول الفيروس الجديد: كل ما يثار عن وجود تحورات شائعات    نصائح لحماية طفلك من أمراض الجهاز التنفسي المنتشرة حاليا    رفقة زوجته.. مصطفى قمر يطرح كليب «مش هاشوفك» | فيديو    ذاكرتى هى النسيان .. ولا أخشى المستقبل    مصدر مقرب من عمر فرج: علاقته انتهت بالزمالك    والد عروس المنوفية باكيا: لقيت بنتي مرمية على السرير مفيهاش نفس    أخبار مصر اليوم.. رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان    الأزهر ينشر فيديوهات لتعليم أحكام التجويد والتلاوة بأسلوب يناسب الجميع    أول ظهور لمحمد صلاح بعد أزمته مع سلوت وليفربول.. صور    الداخلية تكشف حقيقة خطف فتاة بصفط اللبن: تركت المنزل بإرادتها بسبب خلافات أسرية    «نقف معها جنباً إلى جنب».. روسيا تحذر أمريكا من التصعيد ضد فنزويلا    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    حماية النيل من البلاستيك    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    إخوان أوروبا فى مصيدة الإرهاب    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    وزير الصحة يعلن عن مواقع ترصد الأمراض الوبائية والمعدية في 5500 منشأة طبية    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    مدير إدارة قفط الصحية بقنا تجري مرورا مفاجئا وتحيل متغيبين للتحقيق    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    دياباتي يبتعد عن التتش.. خلافات مالية توقف تقدم مفاوضات الأهلي    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    بكين تعلن عن ثالث مناورة مشتركة مع موسكو في مجال الدفاع الصاروخي    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    كمال درويش يهاجم شيكابالا: أنت معندكش خبرة إدارية عشان تتكلم عن مجلس الزمالك    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    محافظ الإسكندرية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف 8 شوارع في حي منتزه ثان    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الماراثون نحو مصل كورونا.. طويل ووعر
نشر في بوابة الأهرام يوم 14 - 05 - 2020

السباق لايجاد مصل ضد فيروس كورونا لا يشبه سباقات العدو السريع، بل ماراثون طويل سيكون على الأغلب وعر ومليء بالمطبات. ومع أن جهود دولية تضافرت على نحو غير مسبوق لتجربة عشرات الأمصال المحتملة، إلا أن الأكثر ترجيحاً أن العالم لن يجد مصلاً فعالاً وآمنا للاستخدام قبل نهاية هذا العام وربما منتصف 2021 وربما حتى بعد ذلك بكثير.
البعض، مثل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون مهدوا الأرض أمام أكثر السيناريوهات تشاؤماً وهو عدم تطوير مصل على الإطلاق وبالتالى محاولة ايجاد طرق «للتعايش طويل المدى مع كورونا ».
فقد حذر جونسون قبل أيام من أنه لا يوجد ما يضمن تطوير مصل على الرغم من الجهود الدولية المشتركة، موضحا: «أسمع بعض الأشياء المشجعة للغاية عما يحدث فى جامعة أكسفورد لتطوير مصل، ولكن هذا غير مضمون بأى حال من الأحوال، حتى بعد 18 عاماً ما زلنا لا نمتلك مصلاً ضد مرض سارس»، وهو من فصيلة فيروسات ال كورونا . وتابع جونسون: «قد يكون علينا أن نصبح أكثر مرونة، وأكثر تأقلماً، وأكثر ذكاءً من أى وقت مضى فى الطريقة التى نتعامل بها ليس فقط مع انتشار العدوى حالياً، ولكن أيضاً احتمالات الإصابة فى المستقبل».
تعبئة عالمية للأمل
هناك جهد دولى غير مسبوق للتعاون لايجاد مصل ضد كورونا . وخلال أقل من اسبوعين استطاع تحالف عالمى من الدول والمنظمات والهيئات الدولية جمع نحو 8 مليارات يورو لدعم جهود ايجاد مصل. وخلال قمة عبر الفيديوكونفرانس برعاية الاتحاد الأوروبى شارك فيها عشرات الرؤساء والمسئولين حول العالم، تعهدت المفوضية الأوروبية بالتبرع ب1.4 مليار يورو. كما تعهدت اليابان والنرويج بالتبرع بنحو مليار يورو لكل منهما. فيما تعهدت بريطانيا بالمساهمة بمبلغ 750 مليون يورو. أما فرنسا وإيطاليا وألمانيا فستتبرع كل منها ب 500 مليون يورو، مع مساهمات مالية من دول أخرى على رأسها أسبانيا وكندا وكوريا الجنوبية فيما أطلق عليه «ماراثون عالمي» لجمع تمويل ضخم لضمان تطوير مصل وانتاجه على نطاق واسع وبيعه فى الأسواق الدولية بأسعار ملائمة.
وفى هذا الصدد، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لين : «لقد أظهر العالم وحدة استثنائية من أجل الصالح العام. تضافرت الحكومات ومنظمة الصحة العالمية ضد فيروس كورونا . ومع هذا الالتزام، نحن نسير على الطريق الصحيح لتطوير وإنتاج لقاح للجميع، لكن هذه فقط البداية، نحن بحاجة إلى استمرار الجهد، وسيستمر ماراثون التعهد. وبعد الحكومات والمجتمع المدني، فإن الناس فى جميع أنحاء العالم بحاجة إلى المشاركة فى تعبئة عالمية للأمل والعزيمة».
وتمثل مبادرة الاتحاد الأوروبى استجابة لدعوة منظمة الصحة العالمية و»مؤسسة بيل وميليندا جيتس» الخيرية ومجموعة من المنظمات الصحية حول العالم من أجل تعاون عالمى للإسراع بعملية تطوير وإنتاج مصل وتوزيعه عالمياً بطريقة عادلة حتى للدول الفقيرة وبأسعار معقولة، وهو أمر لم يحدث فى تفشى إنفلونزا الخنازير فى عام 2009.
وقال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ،الذى شارك فى القمة عبر دوائر الفيديو وألقى كلمة فيها، إن أى لقاح يتم التوصل إليه «لن ينتمى إلى أى شخص».
أما جونسون فقال فى كلمته فى القمة: «البحث عن لقاح لا يجب أن يكون تنافساً بين الدول، سنحتاج إلى جهد عالمى حقيقى لأنه لا توجد دولة واحدة، ولا شركة دواء واحدة، قادرة على القيام بذلك بمفردها».
لكن الجهود الدولية لا تسير بدون عوائق. وأول العراقيل هى «القومية». فدول كبرى فى انتاج الدواء مثل أمريكا والهند والصين وروسيا لم تشارك فى الجهد العالمى المشترك. فمثلاً إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رفضت المشاركة فى القمة الدولية الافتراضية عبر الفيديوكونفرانس. وبرغم أن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت بيانا يرحب بالقمة وجهودها، إلا أن البيان وصف الجهود ب«الأوروبية» برغم البعد الدولى الواضح للمبادرة. وكانت حُجة إدارة ترامب فى عدم المشاركة فى القمة، أن امريكا لديها مشروعاتها الخاصة لإنتاج مصل لل كورونا ، لكن البعض يشكك فى أن لوبى شركات الدواء الأمريكية العملاقة يرى كورونا .aspx' مصل كورونا المحتمل «ورقة ربح غير مسبوقة» قد تجلب مليارات الدولارات لتلك للشركات الأمريكية إذا سبقت غيرها فى ايجاد مصل.
وقبل رفض إدارة ترامب المشاركة فى القمة التى نظمتها المفوضية الأوروبية، كانت أمريكا قد علقت بالفعل تمويلها لمنظمة الصحة العالمية.
وكل هذا يجسد خطورة التعامل مع أزمة كورونا من منظور قومى ضيق. فهذا النهج له عيوب خطيرة على رأسها تقويض الجهد العالمى للتصدى للمرض، والتنافس غير المبرر بين جهود كان من الأفضل أن تتكامل لا تتصارع، وتهميش البعد الدولى لمساعى ايجاد مصل، وتقليص الاستثمار المالى العالمى المرجو، وأخيراً التحيز للسوق المحلية فى حالة إيجاد مصل.
طريق ملىء بالأشواك
وعادة ما يستغرق تطوير أى مصل ما بين 5 و 10 أعوام على الأقل، لكن بسبب التكلفة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية الفادحة للفيروس، نسق العالم بشكل غير مسبوق للتوصل لمصل بأسرع وقت ممكن. هذا التنسيق انعكس بسرعة على الميزانيات الدولية الضخمة التى توفرت خلال أسابيع قليلة لمساعدة المعامل ومراكز الأبحاث حول العالم التى تعمل على ايجاد مصل، عبر منح حكومية أو تبرعات خيرية. أيضاً انعكس التنسيق الدولى على السرعة الكبيرة التى شرعت فيها بعض المعامل وشركات الدواء الدولية فى تجربة بعض الأمصال على البشر فى فترة زمنية قياسية. وهناك حالياً ما لا يقل عن 90 جهداً دولياً لايجاد أمصال، من بينها 10 بدأوا بالفعل تجربته على البشر أو حصلوا على دعم من إحدى شركات الأدوية الكبري. ومن الجهات التى بدأت التجارب على البشر جامعة أوكسفورد البريطانية التى بدأت مطلع مايو تجربة مصل يتم تطويره حالياً على عشرات المتطوعين.
وعلى رأس الجهات الدولية التى تعمل على تطوير مصل منظمة الصحة العالمية، و«مؤسسة بيل وميليندا جيتس»، و«التحالف من أجل التأهب للأوبئة» ومؤسسة «ويلكام تراست»، إضافة إلى العديد من الحكومات الوطنية وهيئاتها الصحية، وشركات صناعة الأدوية. لكن كثرة عدد المنظمات والدول والشركات التى تحاول تطوير مصل لا يعنى أن المهمة ستكون أسهل بالضرورة. فتطوير أى مصل مهمة حافلة بالتعقيد. وهى ستكون أكثر تعقيداً مع كورونا بسبب صعوبة الفيروس وتحوره، وضغط الوقت.
لكن حتى إذا توافرت الأموال والتعاون الدولى لايجاد مصل، فإن النجاح ليس مضموناً بأى درجة. فهناك عوامل خارجة عن إرادة الإنسان يمكن أن تجعل الطريق نحو اكتشاف مصل لل كورونا وعرا ومليئا بالأشواك ومن بينها «تحور الفيروس» مع الوقت من منطقة جغرافية لأخري. وهناك بالفعل مخاوف من أن الفيروس سيتحور إلى نسخة أكثر خطورة وأكثر قابلية للعدوى ما قد يجعل أزمة فيروس كورونا تسوء أكثر خلال الأشهر المقبلة. فجميع الفيروسات التاجية تتحور على غرار سارس مثلاً. وبالتالى تحور فيروس كورونا ليس استثناء.
ويحدث التحور أو طفرات الفيروس بالصدفة، ومعظمها له تأثير ضئيل، وبعضها حتى يُضعف الفيروس، ولكن بمرور الوقت يمكن أن تتطور طفرات تجعل الفيروس أكثر خطورة، أو أكثر قدرة على الانتقال والعدوي.
وفى منتصف مارس الماضى قام العلماء فى بريطانيا بتحليل نحو 13 ألف عينة من الفيروس لتعلم المزيد عن التركيب الجينى لل كورونا ، ووجدوا أن الفيروس يتحور مرتين فى الشهر بطرق مختلفة. وكلما ازدادت سرعة ومعدل تحور الفيروس كلما كان من الصعب ايجاد مصل سريع له.
وتُظهر الشفرة الوراثية لفيروس كورونا أنه تحور لعدة أشكال بالفعل. وحدد الباحثون فى ألمانيا ثلاث مجموعات وراثية رئيسية للفيروس فى أبريل الماضى أطلقوا عليها (أ) و(ب) و(س)، مشيرين إلى أن (أ) و(س) الأكثر انتشاراً فى أوروبا وأمريكا. فى حين أن (ب) هو الأكثر انتشاراً فى شرق أسيا. وكل هذا قاد العلماء حول العالم لإعطاء أولوية لإنشاء «نظام مراقبة مكثف» للفيروس وأشكال تحوره لتكييف الأبحاث التى تُجرى حاليا للأمصال واللقاحات. الطريق ما زال طويلاً لكن على الأقل بدأت الخطوات الأولى منه، وسيقف العالم منتظراً ومترقباً للنتائج لأن البديل هو «التعايش طويل المدى مع كورونا » وهذا سيناريو لا يريد أحد أن يتصوره.
نقلا عن جريدة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.