تحقيق عاجل بعد تسريب امتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية في سوهاج    بدء تلقي طلبات راغبي الالتحاق بمعهد معاوني الأمن.. اعرف الشروط    وظائف وزارة العمل 2024.. فرص عمل في مصر والسعودية واليونان (تفاصيل)    إنفوجراف| ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات السبت 18 مايو    توريد 562 ألف طن من الذهب الأصفر لصوامع وشون الشرقية    أسعار الخضر والفاكهة في سوق العبور اليوم السبت 18مايو 2024    50 قتيلًا على الأقلّ جراء فيضانات في غرب أفغانستان    رئيس حزب الريادة: دور مصر في القضية الفلسطينية الأكثر تأثيرًا    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجنود الروس إلى 491 ألفا و80 جنديا منذ بدء العملية العسكرية    الزمالك يختتم تدريباته في السادسة والنصف مساء اليوم استعداداً لنهائي الكونفدرالية    تشكيل بايرن ميونخ المتوقع أمام هوفنهايم بالدوري الألماني| موقف «كين»    قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا.. صراع أوروبي على ضم محمد عبدالمنعم لاعب الأهلي    جرعة مخدرات وراء سقوط شاب من علو بقليوب    مصرع وإصابة 8 أشخاص فى تصادم سيارتين بالشرقية    «الداخلية»: ضبط قضايا إتجار غير مشروع بالنقد الأجنبى بقيمة 33 مليون جنيه    الجامعة العربية تحذر من استهداف التراث التاريخي في الدول التي تشهد نزاعات    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    هنا الزاهد وعبير صبري تخطفان الأنظار في فرح ريم سامي    "الصحة": معهد القلب قدم الخدمة الطبية ل 232 ألفا و341 مواطنا خلال 4 أشهر    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    «الإسكان»: بدء تسليم أراضي «بيت الوطن» بالمرحلة التكميلية غدا    بينها التوت والمكسرات.. 5 أطعمة أساسية للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية    معاريف تكشف تفاصيل جديدة عن أزمة الحكومة الإسرائيلية    بحثا عن لقبه الأول.. مصطفى عسل يضرب موعدا ناريا مع دييجو الياس في بطولة العالم للاسكواش    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    ليلى علوي: الزعيم عادل إمام مَثَل أعلى لينا وتاريخ عظيم    كل سنة وزعيم الفن بألف خير.. هالة صدقي تهنئ عادل إمام بمناسبة عيد ميلاده    مصدر رفيع: مصر عازمة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإدانة ممارسات الاحتلال أمام العدل الدولية    مصر تبدأ المناقشات مع صندوق النقد للحصول على 1.2 مليار دولار    بدء تسليم أراضي المرحلة الثامنة من «بيت الوطن» بالعبور الجديدة.. الثلاثاء المقبل    طريقة عمل شاورما الفراخ، أكلة سريعة التحضير واقتصادية    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام أبها في دوري روشن السعودي    النيابة العامة تجري تفتيشا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مفتي الجمهورية يوضح مشروعية التبرع لمؤسسة حياة كريمة    صحة مطروح تدفع بقافلة طبية مجانية للكشف على أهالي النجيلة    البيت الأبيض: أطباء أميركيون يغادرون قطاع غزة    قبل فتح اللجان، تداول امتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بالشرقية، والتعليم تحقق    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    جوري بكر بعد انفصالها: «صبرت كتير واستحملت اللي مفيش جبل يستحمله»    عاجل - تذبذب جديد في أسعار الذهب اليوم.. عيار 14 يسجل 2100 جنيه    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كورونا التى علمتنا ( الأدب)!
نشر في بوابة الأهرام يوم 28 - 04 - 2020

( آآآآآلوه).. جاءه صوت صاحبه، على غير عادته، واهنا خافتا مهزوما، كأنما الصوت صوت غريق موشك على الهلاك. مالك يا عمّ كفى الله الشر؟.. هكذا سأل هو بنبرة لا تقل وَهنَا عن وهن صديقه فردّ الصديق: أبدا.. مخضوض وتائه ومخنوق وأكاد أجنّ.. مرمطتنى الحبسة بالبيت فأصبحت لا أساوى (خمسة أبيض). رغما عنه ضحك حتى بانت نواجذه ثم همس: واللهِ ومَن سمعك.. إلا أن الفرق أن محدّثك بات لا يساوى (تلاتة أبيض) وليس خمسة!.
تغيّر المزاج بينهما قليلا وارتفع الصوت فكان مسموعا. قال هو: يا أخى لقد تبين لى أننا، فى ميزان الكون، لا نزيد على قيمة بصلة إلا أننا نكابر. صحيح ما نحن إلّا لسان. هل تعتقد يا عزيزى أننا، أنا وأنت، وحدنا اللذان نعانى هذا الإحساس بالعدمية واليأس وقلة القيمة أم أن هناك من يشعر بذلك معنا؟ صاح الصاحب: إن نصف سكان المعمورة بهم ما بنا والبقية فى الطريق. لكن.. ما تفسيرك لما نحن فيه؟.. أهذه هى المرة الأولى التى تصيبنا فيها جائحة؟.. أليس الإنسان دائما مصابا ومبتليً فى صحته وعافيته؟.
حملق هو فى شاشة الموبايل، حيث كانت تتواتر أمام عينيه كالوميض أرقام مرعبة لأعداد المصابين والراحلين بفعل الفيروس فى البلدان جميعا، ثم هز رأسه ودمدم محزونا: نعم لسنا وحدنا. أنت تسألنى عن التفسير فإليك رأيي: نحن يا باشا مغرورون وخدعنا تقدمنا العلمى والتكنولوجى (الهزيل!) فأنسانا حقيقة أنفسنا. لقد تصورنا أننا سادة الكون ومالكو زمامه فإذا بهذا الكائن الهلامى اللامرئى يزورنا ليعيدنا إلى جادة الصواب.. ولا أحسبنا سنتعلم الدرس. إننى أعتقد، وهذا مجرد اجتهاد من عند نفسي، أن الأرض قد ضجّت من كثرة الدماء والجرائم والمجازر ودعاء المظلومين الزاعقين ألما ورعبا فى قلب الليالى فهرول الفيروس ليوقف الظالمين عند حدهم ويعلمهم الأدب.. فما رأيك أنت؟.
تردد الصاحب فبدا غير مقتنع وهمس: يا حبيبي.. أنت تعرفني.. أنا لا أميل إلى تلك التفسيرات الفلسفية الإنشائية المسرفة فى غيبيتها.. ومن ثم فرأيى أن الأمر لا علاقة له لا بظلم ولا بدماء (فالأرض تعشق الدماء !).. ما أراه هو أن ما يحيق بنا الآن إن هو إلّا أمر عادي، وسُنّة من سنن الكون، ويحدث للبشرية من حين إلى حين كى تتخلص من ضعفائها ليبقى الأصحاء القادرون على عمارة الأرض التى لا يمكن أن يعمرها هؤلاء الضعفاء الذين لا قيمة لهم ولا جدوي. وطبعا سيادتك سوف تتهمنى بقسوة القلب، وجمود العاطفة، وانعدام الضمير.. لكن هذا هو تصورى الذى أؤمن به ورزقى ورزقك على الله. فوجيء الصاحب بأن صاحبه لم يعترض أو ينتقده أو يقسو عليه بل قال: هذا صحيح.. أنا معك.. فالقاعدة الذهبية مُذ خلق الله الأرض ومن عليها أن البقاء للأصلح.. وإلا ما رأينا الكوارث الطبيعية والأعاصير والأوبئة.. وبالتأكيد فإن لله تعالى حكمة فى ذلك لا يدركها إلا هو.. ومع ذلك يبقى سؤال هو الأهم: إلى متى ترانا سوف نستمر فى هذا العزل الاختيارى نتكبد كل تلك الآلام؟.. هل شهر.. شهران.. سنة.. أم كم بالضبط؟ أجاب الصاحب على الفور: إلى أن يحدث التوازن. اسمع.. إن لى حسبة حسبتها مع نفسى بالأمس؛ وهى أن كثيرا من القواعد الحاكمة لحركة الكون بدأت فى الاختلال بسبب غباء الإنسان وجشعه وفساده.. وآن الأوان لإيقاف ذاك الجموح.
تحير هو حيث لم يفهم.. فقال الصاحب: خذ عندك موضوع البيئة.. ألم تسمع عن أن ثقب الأوزون بدأ ينكمش بعد توقف انبعاثات المصانع التى تحرق المناخ حرقا؟ ألم يأتك نبأ ضياع ثروات الآلاف من الأثرياء الذين غمروا الأرض استهلاكا غير ضرورى وجعلونا، نحن الغلابة ولاد الغلابة، نكاد نشحذ الملح؟.. ألم ترَ إلى الماشية والقرود والأسود والغزلان عادت لتملأ الطرقات والحدائق فى أكثر البلدان تقدما مختالة فخورة بنفسها.. بينما نحن، بنى البشر الطمّاعين، كامنون كالفئران المذعورة فى جحورها، نتطلع إليها من الشبابيك والبالكونات فى ألم وحسرة؟.. إن الطبيعة يامولانا تستعيد توازنها.. وما لم تصل للإنسان (المتبجح) تلك الرسالة فليقرأ على روحه الفاتحة من الآن !. بلل هو شفتيه الناشفتين وتمتم: يا أخى حرام عليك.. كنت أتوقع منك همسة حنونة مشفقة تخفف عنى ما أنا فيه فإذاك لا تقل قسوة عن الفيروس القاتل .. ومع ذلك فاعلم أننى متفائل.. وما هى إلا أسابيع قليلة وسترانا نملأ الطرق والأسواق والحوانيت من جديد. صرخ الصاحب: يسمع منك ربنا يا سيدي.. وهل يكره أحد ذلك.. إنما أردت فقط أن أذكّرك بأن للجائحة دروسا عديدة ليتنا نفيق من غفوتنا فنستوعبها.. همس هو: سوف نتعلم الدرس بإذن الله.. ومن لن يتعلم فعليه وِزر نفسه.
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.