ونحن نشاهد الخوف الشديد المنتشر في العالم من فيروس كورونا، نرجع إلى الوراء ونتذكر كيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وصل المدينة هو وأصحابه أصابتهم حمى المدينة، حتى كانوا يصلون وهم قعود، فما كان من النبي إلا أن رفع يديه إلى الله داعيًا برفع الوباء: (اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكّة من البركة) رواه البخاري. ومن ذلك استدل العلماء على جواز الدعاء برفع الوباء أو دفعه، كما أن التحصن بالرقي والأدعية والأذكار الشرعية من هدى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان يكثر من الاستعاذة بالله من (الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ) رواه أبو داود، ؛ فعلينا أن نردد أدعية التحصين اليومية؛ لنحفظ أنفسنا من أي مكروه يمكن أن يصيبنا. دعاء النبي ضد جميع الفيروسات والأمراض وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأدعية النافعة التي تحفظ الإنسان وتحميه من كل ضر، ومن هذه الأدعية دعاء التحصين من الأمراض، سواء فيروس كورونا أو غيره، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (تحصنت بذي العزة، واعتصمت برب الملكوت، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، اللهم اصرف عنا الوباء، بلطفك يا لطيف، إنك على كل شيء قدير) ويمكننا ترديد هذا الدعاء قبل النوم وعند الاستيقاظ. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِى) رواه أبو داود. وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: (أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ) رواه مسلم. عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ لِيُصَلِّى لَنَا، فَأَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ: (أَصَلَّيْتُمْ؟) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: (قُلْ)، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: (قُلْ)، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: (قُلْ)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِى وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ). رواه الترمذي وأبو داود. في التسبيح شفاء وقد ورد عن السلف الصالح أن هناك أذكارًا تنفع الإنسان وتحصنه وتقيه من المرض وقت انتشار الأوبئة، فجاء في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، عن الإمام الشافعي - رحمه الله - أنه قال: (لَمْ أَرَ أَنْفَعَ لِلْوَبَاءِ مِنَ التَّسْبِيح)، ولكن لماذا التسبيح بالذات في التحصين من الأمراض والأوبئة؟ ذلك لأن في التسبيح اعتراف كامل بوحدانية الله وقدرته التي لا حدود لها وتنزيهه سبحانه عن أي نقص فنحن نلجأ له جل وعلا ليحمينا من أي شر، وأيضًا لأن داء الإنسان من غذائه، ومتى صحت بُنيته فهذا دليل على صحة غذائه، وغذاء الملائكة قوامها على التسبيح، فإذا أكثر منه المرء تغذى منه بدنه وهو لا يشعر فتملأ روحه نورًا وإشراقًا وهذا الامتلاء بطبيعته سيحرق أي داء فيه. ويقول الله تعالى في سورة الصافات: «فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)» فالتسبيح وسيلة نجاة من الكروب والمصائب ومن جملتها الوباء والأمراض. الحكمة من الابتلاء وهذا الابتلاء من أقدار الله التي قد ترفع بمشيئته سبحانه بكثرة الدعاء، وهو امتحان للمؤمن في الدنيا على الصبر وعدم الجزع ولا اليأس من رحمة الله، فما يكون من خوف أو مرض أو مصيبة في النفس أو في المال أو في الولد إلا وفيها لله حكمة، قد تكون تنبيه لنا من الركون إلى الدنيا ونسيان الآخرة، وقد يقربنا الابتلاء إلى الله أكثر وإلى طريق التوبة، وقد يبين لنا ضعفنا فنتوكل على الله حق التوكل مع الأخذ بالأسباب، ونلجأ إليه بالدعاء؛ ونتضرع إليه فلا يردنا برحمته خائبين. الدعاء مع التداوي ولكن لجوءنا إلى الدعاء والتضرع إلى الله لا يعني عدم الأخذ بالأسباب أو التداوي والبحث عن العلاج؛ لأن الأخذ بالأسباب هو من صميم التوكل على الله تعالى. ولأن الوقاية خير من العلاج، لذلك فمن الضروري اتباع طرق الوقاية من فيروس كورونا كما بينت لنا منظمة الصحة العالمية، وهي كالتالي: غسل اليدين جيدا بالماء والصابون من أهم الأشياء للوقاية من فيروس كورونا، فمن الضروري غسل الأظافر والجلد بين أصابعك فهي أماكن لاختباء جميع أنواع البكتيريا، فعليك أن تغسل يديك دائمًا بعد استخدام الحمام وبعد مسح أنفك، والسعال، ولمس الحيوانات، وقبل الأكل، كذلك استخدم مطهرًا لليدين الذي يحتوي على الكحول. إذا أصبت بالإنفلونزا العادية عليك بارتداء قناع الوجه، أو إذا كنت بجوار شخص مريض؛ وذلك لحمايتك وحماية الآخرين من الأوبئة أو أمراض الجهاز التنفسي، فقناع الوجه قد يوفر بعض الحماية، لكن في ظروف معينة فقط، ولكن لا تستخدم القناع لأكثر من مرة، ويجب أن تتخلص منه بعد الاستعمال في سلة المهملات. أما إذا كان من الواضح أن هناك شخصًا مصابًا بالعدوى، ساعد نفسك على البقاء بصحة جيدة عن طريق تجنب الاتصال الوثيق الذي يمكن أن ينشر الفيروسات، وابتعد عن العناق والقبلات والمصافحات هذه الفترة. وعندما تسعل وتعطس، تترك قطرات صغيرة مليئة بآلاف الفيروسات والبكتيريا، يمكنها الهبوط على الأسطح والأشخاص الآخرين، وحتى البقاء معلقين في الهواء لفترات طويلة، وهذه طريقة فعالة لنشر العدوى، لذا فعليك أن تغطي فمك عند السعال أو العطس بمنديل ورقي، ثم تتخلص منه مباشرة، أو بكم قميصك، فحاول أن تسعل أو تعطس في كوعك إذا كان ذلك ممكنًا للمساعدة في منع إطلاق القطرات في الجو. وعليك أيضا تنظيف وتطهير الأشياء والأسطح وذلك باستخدام مواد التبييض أو المطهر لمسح أسطح المطبخ والحمام والهاتف ومقابض الأبواب ولعب الأطفال، فلو عرفت مدى سهولة تعلق الجراثيم بالأسطح لأدركت أهمية هذه الخطوة. ولو علمت أن أفضل دفاع لديك ضد أي إصابة هو نظام مناعي نشط وصحي، لقمت بتقويته بهذه الأشياء البسيطة وهي: ممارسة التمارين الرياضية يوميا بانتظام حتى لو مجرد نصف ساعة مشي. الأطعمة التي تتناولها وما تشربه هي عوامل أساسية لتقوية المناعة، فالفواكه والخضراوات الطازجة هي خط الدفاع الأول ضد الكثير من الأمراض والفيروسات حيث تحتوي على مواد مغذية ومضادات الأكسدة والألياف والزيوت والأحماض التي تحافظ على صحتك ونظامك المناعي سعيدًا. وكذلك ابق رطبًا بشرب الكثير من الماء، حيث تعد الخلايا الرطبة أفضل في مكافحة العدوى وطرد السموم والجراثيم والملوثات من الجسم. وهكذا فلنلجأ إلى الله دائمًا في السراء والضراء وعلى جميع أحوالنا، ولنأخذ بالأسباب كما وصانا نبينا... اللهم آمنا في أوطاننا، وابعد عنا، وعن أهلنا، وبلادنا الأمراض، والوباء، والبلاء..