لا يخفى على أحد أن هناك تدهورًا ملحوظًا في الذوق العام؛ سواء في المعاملات أو في الالتزام بالصح والخطأ. حالة عامة من الفوضى في الشوارع والأماكن العامة، في اختيار الألفاظ، في النقاش والحوار.. وغيرها من الأمور اليومية العادية، حتى أصبحنا فعليًا متخلفين عن العالم المتحضر. من عدة أيام طلبت مني إحدى القنوات الفضائية الاشتراك في حلقة تليفزيونية عن كيفية العودة إلى النظام العام؛ خاصة أني كنت قد أطلقت في عام 2009 مبادرة باسم "كلك ذوق"؛ للعودة إلى الأصول والذوق العام، وكان لها صدى جيد وانتشار كبير. الحقيقة أن العالم المتحضر اعتاد على الالتزام بالقانون دون وجود مراقب، وذلك أصبح عادة؛ خاصة أن الجميع ملتزم في الطوابير، في المرور، النظافة العامة وغيرها.. وأي شخص يخالف ذلك يكون منبوذًا في المجتمع ومحل استنكار. لكن الأصل هنا ليس الالتزام الشخصي؛ إنما تطبيق القانون الذي يكاد يكون مختفيًا هنا. فبعد تطبيق القانون بصرامة في تلك الدول - مع الاحترام التام لآدمية البشر - اعتاد الجميع على النظام، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من السلوك العام, والدليل أن غير الملتزم هنا يراعي تلك التفاصيل عند السفر للخارج. لكن الأمل مازال موجودًا، ولا يتوقف هذا الأمل على المبادرات الشخصية أو الالتزام الفردي لأشخاص اعتادوا على الالتزام بالصح. سعدت جدًا بخبر تغريم شاب - يأكل اللب ويلقي بالقشر على رصيف محطة قطار أسيوط - خمسين جنيهًا، هذا هو الأمل العودة إلى تطبيق القانون، ربما يحتاج إلى مجهود كبير ووقت طويل ورقابة متنوعة وتطبيق حقيقي للقانون وتفعيل المواد المشابهة؛ لكن البداية مهمة والاستمرار واجب، والنفس الطويل هو الوسيلة للعودة إلى النظام العام حتى تصبح عادة لدى الجميع، وبالتالي يعود الذوق العام.