يومًا يعد يوم تزداد حدة المعارضة فى الشارع التركى للرئيس أردوغان، بسبب سياسته الاستعمارية ورعايته للإرهاب، وإهماله للأحوال الداخلية التى تزداد سوءا، فى ظل أزمة اقتصادية حالكة يعانى منها المواطن التركي، ولا تقتصر المعارضة لسياسات هذا المهووس العثمانى على الشارع التركى وأحزاب المعارضة، بل امتدت إلى داخل الحزب الحاكم نفسه، خصوصاً بعد الاتفاقية الباطلة بين أردوغان والسراج. جودت كامل: كل الاتفاقيات التى أبرمها مع ليبيا باطلة.. ولا يؤيده سوى المستفيدين من جرائمه وأحلامه التوسعية يقول جودت كامل، المحلل السياسى التركي: إن أغلبية الشعب التركى ترفض سياسات أردوغان فى كل شيء، لأن حال المواطن التركى أصبحت من سيء إلى أسوأ، فالظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانيها المواطن التركي، خصوصا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وفى ظل هذا نجد تدخلا فى سوريا، وفى ليبيا مما تسبب فى إساءة العلاقات مع الدول الأخرى، وإثارة المشاكل وكسب عداوة جهات عديدة، ودعم الإرهاب والمتطرفين دون النظر لحال المواطن التركي، ولهذا لا يؤيد أردوغان سوى قلة قليلة وهى المستفيدة من جرائمه وأحلامه التوسعية. ويرى جودت أن كل الاتفاقيات التى أبرمها أردوغان مع الجانب الليبى باطلة، وهدفها هو ضرب المصالح المصرية واليونانية والقبرصية فى البحر الأبيض المتوسط، ولا توجد أى مصلحة لتركيا، وإلا كنا أيدنا هذه الاتفاقيات فهى لا تخدم سوى أهداف أردوغان الاستعمارية والتوسعية والضرر بدول أخرى شقيقة، وهذا يظهر فى رفض كل الهيئات الدولية لتصرفات أردوغان وعدم الاعتراف بهذه الاتفاقيات التى تتعارض مع القانون الدولي، وإذا نظرنا للشارع التركى الآن سنجد أن قاعدة المعارضة التركية قد زادت بشكل كبير خصوصا خلال الثلاث سنوات الماضية. رخا أحمد حسن: خلافاته قللت من شعبيته.. وأمريكا تدفعه لتأمين مصالحها ويؤكد السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن كل المؤشرات تدل على زيادة قاعدة المعارضين لأردوغان على مختلف الأصعدة ويكفى أن أحمد داوود أوغلوا صاحب نظرية "زيرو مشاكل" مع دول الجوار والجوار غير المباشر التى حققت لتركيا نجاحا غير مسبوق فى علاقتها بدول الشرق الأوسط وروسيا، وكان أردوغان قد عينه رئيسا للوزراء، اليوم هو مختلف معه لدرجة أنه ترك حزب العدالة والتنمية ليؤسس حزبا آخر، وهذا معناه أنه لم تعد المعارضة لأردوغان من خارج الحزب فقط، وإنما من داخل الحزب أيضا، ليس هذا فقط وهناك أيضا عبد الله جول الذى أسس حزب العدالة والتنمية سنة 2001 مع صديقه رجب طيب أردوغان ، ودخل البرلمان تحت علم الحزب الجديد وأعيد انتخابه مرة أخرى سنة 2007 بعد الأزمة الدستورية التى حصلت بشأن انتخاب رئيس الجمهورية، التى كان مرشحاً لها، وذلك عندما رفض الجيش التركى والأحزاب العلمانية ترشحه لمنصب الرئاسة، لكنه انتخب رئيساً لتركيا في 28 أغسطس 2007، وذلك فى الجولة الثالثة للتصويت وبعد حصوله على أكثر من نصف أصوات البرلمان كما نص عليه الدستور، وبعدها تنازل عن الرئاسة لأردوغان وأصبح رئيسا للوزراء، لكنه اليوم منشق عن أردوغان، وكل هذا داخل الحزب نفسه ناهيك عن المعارضة الأخرى التى يواجهها أردوغان من خارج الحزب سواء من حزب الشعب أم حزب الشعوب الديمقراطي، واللذين يعارضان سياسية أردوغان سواء فى التعديلات الدستورية التى أدخلها، وحول النظام من برلمانى إلى نظام رئاسى مما أتاح له سيطرة كاملة على كل مفاصل الدولة، وهو ما زاد من قاعدة معارضيه بشكل كبير، وأيضا خلافه مع فتح الله كولن الذى يعد أستاذ أردوغان، وهو تيار إسلامى ليبرالى، وقد اتهمه أردوغان بالتآمر وأمر بالقبض على العديد من الموظفين والمعلمين بحجة علاقتهم بفتح الله كولن، وقام بغلق العديد من المدارس والجامعات وبعض القنوات الإعلامية بحجة تبعيتها لحركة "كولن"، هذا بالإضافة لما يعانيه الآن من مشاكل بسبب الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها تركيا الآن التى ستستمر لسنوات أخرى، أيضا خلافات أردوغان مع الدول العربية مما قلل حجم استثماراتهم فى تركيا بشكل كبير، إلى جانب خلافاته مع مصر، لدرجة أن رجال أعمال أتراك قدموا له النصيحة حول مدى أهمية مصر، ولا بد من عدم التدخل فى شئونها، فإنه لم يستمع لأحد مما قلل من حجم التبادل التجارى بين مصر وتركيا بشكل كبير، كل هذه الخلافات والقضايا قللت كثيرا من شعبية أردوغان فى ظل زيادة نسبة معارضيه بشكل غير مسبوق. ويضيف: يجب أن ننتبه لأمر مهم وهو أننا يجب ألا ننساق وراء الزوبعة التى افتعلها أردوغان بالاتفاقية البحرية التى أبرمها مع حكومة الوفاق، لأنها باطلة من كل الأوجه وهو يعلم ذلك، لكنه افتعلها حتى يصرف انتباهنا عن الاتفاق الأهم، وهو الاتفاق الأمنى العسكرى الذى يضمن به وجود قوات تركية على الأراضى الليبية، وهو ما أدركته أمريكا وتسعى للاستفادة منه لتأمين استثماراتها فى ليبيا، خصوصا أن البترول الليبى له أكثر من ميزة، فهو بترول درجة أولى وتكاليف استخراجه قليلة لأنه يوجد على أعماق بسيطة، خصوصا فى ظل ازدياد النفوذ الروسى فى ليبيا ودعمهم للمشير حفتر ضد حكومة الوفاق سعيا منهم لاستعادة استثماراتهم التى كانت موجودة فى عهد القذافي، وهو ما يقلق أمريكا خصوصًا بعد الوجود المكثف لروسيا فى سوريا، والآن ليبيا لذلك فأمريكا تدفع أردوغان إلى ليبيا لاستخدامه فى تأمين مصالحها هناك.. لذا علينا أن نتعامل مع الموقف بحكمة وهدوء ولا نستدرج لهذا المستنقع. محمد الزبيدى: اتفاقياته مع «الوفاق» جريمة دولية متكاملة الأركان لأنه تدخل فى الشئون الداخلية لدول أخرى ويرى الدكتور محمد الزبيدى، أستاذ القانون الدولى بجامعة طرابلس والمحلل السياسي، أنه يجب أن نعلم أن هناك اتفاقيتين بين أردوغان والسراج وليس اتفاقا واحدا، وأولا الاتفاق البحرى، وهو من الناحية القانونية اتفاق باطل ويعد جريمة دولية متكاملة الأركان، لأنه تدخل فى الشئون الداخلية لدول أخرى وهى مصر وقبرص واليونان ومحاولة الإضرار بمصالحها، وهو ما يتعارض مع ميثاق الأممالمتحدة، وأيضا يخالف الاتفاقية الدولية لقانون البحار لعام 1982، وأيضا يخالف اتفاقية فيينا للمعاهدات الدولية التى تنص على أولا، أنه لا بد من عرض أى اتفاقية تمس سيادة الدولة أو تترتب عليها أعباء مالية على الدولة على السلطة التشريعية للدولة وهو ما لم يحدث، لأن السراج لم يعرض هذه الاتفاقية على مجلس النواب الليبى وبالتالى هى اتفاقية باطلة، وثانيا فإن ليبيا ليست دولة مجاورة لتركيا، فالحدود البحرية الليبية هى امتداد للحدود البرية، بمعنى أن الحدود البحرية الليبية تنتهى عند نقطة السلوم، وهى الفاصل بين الحدود البحرية الليبية والمصرية ولا يجوز لها التحرك شرقا بعد هذه النقطة، لأنها هكذا تتعدى على الحدود المصرية، بينما نجد أن تركيا تفصلها عن ليبيا المياه المصرية والمياه اليونانية والمياه القبرصية، وبالتالى فإن الحدود البحرية الليبية تبتعد عن الحدود البحرية التركية تقريبا 4 آلاف ميل بحري، وهنا السؤال: على أى أساس تمت هذه الاتفاقية؟ وعلى جامعة الدول العربية سحب الاعتراف بحكومة الوفاق، نظرا لأن حكومة الوفاق خالفت ميثاق الجامعة بجلب دولة استعمارية، وهى تركيا وشجعتها على التعدى على المناطق البحرية المصرية، وهى شهادة زور شهدتها حكومة الوفاق لصالح أردوغان، وهذا يعد مساسا بالأمن القومى العربى. ويضيف: المفاجأة كانت فى مقدمة الاتفاقية الثانية "الاتفاق الأمنى العسكري" التى نصت على الالتزام بالاتفاق الذى أبرم عام 2012 بين ليبيا وتركيا، الذى ينص على إنشاء قواعد عسكرية تركية فى منطقة "الجغبوب" المحاذية لواحة سيوة المصرية، وأيضا فى قاعدة أخرى فى منطقة "البردي"وهى المجاورة لمدينة السلوم المصرية وإقامة قاعدة بحرية فى "طبرق" المحاذية للحدود المصرية، مما يساعد على تمركز قوات تركية بالقرب من الحدود المصرية، والغريب أن هذه الاتفاقية تضمنت بندا عجيبا، وهى أن هذه المناطق بما تضمنه من منشآت عسكرية تظل تابعة لتركيا حتى بعد انقضاء فترة الاتفاقية، وهو ما يعنى وجود احتلال دائماً للأراضى الليبية. سعد الزنط: معارضو أردوغان يتزايدون داخل تركيا وخارجها بينما يؤكد الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، أن زيادة عدد المعارضين لأردوغان ليس من خارج تركيا فقط وإنما بداخلها أيضا، وعلى الرغم من أننا لا نمتلك مقياسا صحيحا نعرف من خلاله رد فعل الشعب التركى تجاه تصرفات أردوغان، لكن الشيء الواضح أن المعارضة كل يوم تكسب أرضا جديدة وبشكل علني، وهو ما لم يكن موجودا من قبل، خصوصا بعد أحداث 15 يوليو 2016 التى استغلها أردوغان للسيطرة على كل مفاصل الدولة التركية لحماية نفسه، وهو الأمر الذى تسبب فى زيادة قاعدة معارضيه بشكل كبير، وهو ما ظهر جليا فى انتخابات المحليات، التى سقط فيها أردوغان مرتين، لكن السؤال المهم: أين الإعلام المصرى ودوره فى تحريك الشارع التركى ضد أردوغان؟ وليس مصر فقط، وإنما هذا مطلوب من الدول العربية والإسلامية، لأن كل تصرفات أردوغان تسيء للإسلام بشكل كبير، فالدور العربى والإسلامى غائب من وجهة نظري، سواء بشكل مباشر مع تركيا أم مع القوى الفاعلة فى العالم خلال الفترة السابقة. * نقلًا عن مجلة الأهرام العربي