مضت 7 سنوات منذ أن قررت صفاء عسران -إعلامية حاصلة على تمهيدي ماجستير من إعلام قنا - أن تخوض تجربة المصالحات الثأرية القاصرة على عالم الرجال، حيث حضرت صلحا في مركز دشنا شمال قنا وأنتجت من بنات أفكارها " درع التسامح ". وقبل الخوض في فكرة " درع التسامح "، لا بد من فهم الأسس والقواعد الثأرية لتقديم الكفن في الصعيد، حيث يتم الصلح وفق عدة مدارس. مدارس الصلح قبل " درع التسامح " المدرسة الأولى:- مدرسة "العبابدة"، نسبة إلى قبائل العبابدة، الذين أسسوها، وهى مدرسة تجبر القاتل على حمل "القودة" -هو عار في العرف- ملفوف بالكفن وحافى القدمين وحليق شعر الرأس مجرور من رقبته، وكان لهذه المدرسة شيوعا فى صعيد مصر، منذ الأربعينيات حتى نهاية الستينيات من القرن الماضى، وهى مدرسة "قاسية" لا تراعى الوضع الإنسانى للقاتل، بل تجبره على السير لمسافة 3 كيلو مترات مشيا على الأقدام، حتى يصل لديوان بيت القتيل، كما تجبر القاتل على التخلى عن قبيلته والانضمام لقبيلة القتيل، لتسببه فى إخلاء القبيلة من ولدها، لذلك عليه أن يملأ فراغ القتيل، بل ويجبرونه على الزواج منهم ويعطونه ما يتعايش منه، ويصبح ملكهم، وإذا مات يدفن فى مقابرهم، ويقيمون له سرادق عزاء، بل إذا قٌتل يؤخذ بثأره وقد انتهت هذه المدرسة تماما في الصعيد. المدرسة الثانية:- مدرسة "إقليم إدفو" في أسوان وبعض قرى قنا الجنوبية، وهى مدرسة تجبر القاتل على ارتداء الجلباب الأسود القصير "فوق الركبة"، ويكون حافى القدمين، حليق الرأس، مجرور من الرقبة، وهذه المدرسة لا يوجد فيها زواج للقاتل من أهل القتيل، نظرا لأنها مدرسة طبقت فى أماكن لقبائل لا تسمح لبناتها بالزواج من غريب، ولكن توجد فيها إقامة للقاتل عند أهل القتيل، ولكن دون اختلاط بهم. المدرسة الثالثة:- مدرسة "الأسرة الدندراوية"، وأرساها الأمير العباس الدندراوى فى قرية دندرة ب قنا ، وهى تجبر القاتل على تقديم "القودة" وهو يرتدى الجلباب الأسود المقلوب، مجرور من رقبته، حافى القدمين، وهذه المدرسة تقوم بإعدال الجلباب الأسود للقاتل حين يقف أمام أهل القتيل، وفلسفة هذه المدرسة تقوم على أساس أن إعدال الجلباب للقاتل نوع من إعدال هيئته وحاله من الممات الذى كان ينتظره إلى الحياة والبقاء فى الدنيا. المدرسة الرابعة:- تم تأسيس المدرسة الرابعة، للعمدة غلاب عبيد، عمدة قرية المقربية في مركز قوص، وبدأت في ثمانينيات القرن الماضي حتي الآن، وتتخذ هذه المدرسة أسلوب البساطة، الذى يؤدي لاحترام آدمية الإنسان، بمعنى أن يؤخذ القاتل بجلبابه العادى، وإلغاء لف الكفن، وتبديله بكتابة اسم القاتل وتاريخ الصلح، وإعطائه لأهل القتيل ليكون ذكرى وتخفيفا عن تجرع الحزن على قتيلهم، مع إلغاء جر الرقبة لأنه يجعل الإنسان قريبا من "الدواب". درع التسامح صفاء عسران مؤسسة مبادرة " درع التسامح " قالت ل"بوابة الأهرام": إنه كان عليها أن تخوض التجربة لتنال تجربتها الإشادة من المسئولين ومفتي الجمهورية، الذي قدم لها وردا في إحدى المصالحات الثأرية التي حضرها، مؤكدة أن مبادرتها كانت ضمن 1100 على مستوى الجمهورية، ونالت الإعجاب لتفردها وقبول المواطنين لها. جانب من التكريم وأوضحت أنها كانت تقدم برنامجا خاصا بها ل"تمهيدي الماجيستير" بعنوان "صرخة البسطاء"، وكان عليها في البداية أن تحتك بعالم المصالحات الثأرية وترصده في فيديوهات، وكان البرنامج يغطي المصالحات الثأرية لكي يتعظ المشاهد من الموقف المهيب للدخول بالكفن، حتي أصبحت صفاء عسران وبرنامجها المحلي على موقع الفيديوهات الأشهر "يوتيوب" جزءاً لا يتجزأ من الخصومات الثأرية في الصعيد. وتؤكد صاحبة المبادرة، أنها كانت أول شابة في الصعيد تحضر مراسم المصالحات الثأرية ، وأصبح لها جمهور من محبي عمل الخير، لذلك وجدت نفسها فجأة جزءاً من الذين يساعدون في حل المشكلات الثأرية، مؤكدة أنها ساهمت في حل مشكلة ثأرية عامين من الزمن، حتى نجحت في إنهائها. جانب من التكريم وعن ملابسات إنتاج بنات أفكارها مبادرة " درع التسامح "، أجابت صفاء عسران "بوابة الأهرام" بأنها اكتشفت أن أهالي الضحية يكونون في حالة لا ترحب بقبول الكفن، لأن هناك أطرافا خارجية تحرضه على الأخذ بالثأر والقتل، ولذا فقد قررت انتشال ولي الدم من الحزن الذي يخيم على قلبه أمام آلاف الحضور، وإكرامه ب درع التسامح ، تحت شعار " صعيد بلا ثأر "، ليتمكن -بحسب وصفها- من رفع رأسه ثانية أمام الحاضرين. وأوضحت أن الدرع لا يلغي فكرة تقديم الكفن، أساس المصالحات، إلا أن الدرع يُهدى للتراضي والتسامح، وأصبح للمبادرة مردود وصدى كبير، سواء عند المواطنين أو القيادات الأمنية أو المسئولين. جانب من التكريم وتوضح صفاء عسران، أن درع التسامح يكون أيضا في خصومات لا يصح فيها تقديم الكفن لأسباب معينة في القوانين العرفية، مثل مشاجرة أوقعت عددا من المصابين، لذا كان من المناسب جدا أن تخرج فكرة درع التسامح للوجود، وهي فكرة أول من تبناها اللواء مجدي القاضي مدير أمن قنا السابق، الذي كرمها وحثها على مواصلة المبادرة، مما جعلها تنظر له باعتباره والداها الروحي، الذي ثبت أقدامها في المصالحات الثأرية . رعاية وزارة الشباب وتابعت، أن وزارة الشباب تقوم دائما برعايتها في درع التسامح ، حيث إن الشباب هم أول الضحايا في الثأر الذي شبهته ب"سرطان يأكل الأخضر واليابس"، ويعوق عملية التنمية التي تقوم بها الدولة في الصعيد، لرفع المعاناة عن أهله. جانب من التكريم