قضية الثأر من القضايا المهمة، التي لا يزال الصعيد يعاني منها وخاصة في محافظة قنا، وعشرات الخصومات الثأرية تتجدد لتحصد أرواح الكثير من بين قتلي ومصابين، وعند الصلح تعقد الجلسات ويتفنن كل من العائلتين في طريقة تقديم الكفن لعقد جلسة الصلح، ومن المعروف أن الثأر مثل السرطان من الأمراض المزمنة التي تأكل عظام المجتمع القنائي يخلف الكثير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وابتدعت كل عائلة وقبيلة طقوس في تقديم الكفن تختلف عن الأخرى. في البداية يقول العمدة غلاب، رئيس لجنة المصالحات بمركز قوص جنوب محافظة قنا، إن "الجودة" تعني الحياة الجديدة لأهل القاتل والاستمرار في الحياة، ويقوم شخص يرتضى أن يحمل "الجودة" ويسمى الحامل للكفن جودة؛ لأنه جاد بنفسه لردم الدم بين العائلتين أو القبيلتين، وللجودة 4 مدارس بالصعيد، ولكل منها طقوس غريبة. وأضاف رئيس لجنة المصالحات، مدرسة العبابدة تجبر القاتل على أن يحمل "القودة" وهو عارٍ، وأن يكون ملفوفا بالكفن، وحافي القدمين حليق الرأس، وأن يكون مجرورا من رقبته، وتجبره على المشي مسافة 3 كيلومترات سيرًا على الأقدام حتى وصوله إلى ديوان بيت القتيل، والتخلي عن قبيلته والانضمام إلى قبيلة القتيل، نظرا لأنه هو المتسبب في خلو القبيلة من ولدها، لذلك عليه أن يملأ فراغ القتيل، بل يجبرونه على الزواج منهم ويعطونه ما يتعايش منه، ويصبح هذا الشخص ملكهم وإذا مات يدفنونه في مقابرهم، ويقيمون له سرادق العزاء بل إذا قتل يؤخذ بثأره. وأشار "غلاب" إلى أن هناك مدرسة أخرى بإقليم أدفو بأسوان في أقصى جنوب مصر وبعض قرى قناالجنوبية، ومن طقوسها أن تجبر القاتل على أن يرتدى الجلباب الأسود القصير أي فوق الركبة ويكون حافي القدمين حليق الرأس مجرور الرقبة، وهذه المدرسة لا يوجد فيها زواج للقاتل من أهل القتيل نظرا لأنها مدرسة أخذت حيزا مكانيا لقبائل لا تسمح لبناتها للزواج من غريب، ولكن توجد فيها إقامة للقاتل عند أهل القتيل، ولكن دون اختلاط بهم. وتابع: المدرسة الثالثة وهى الدندراوية وتجبر القاتل أن يقدم الجودة وهو مرتدٍ الجلباب الأسود المقلوب ويجر من رقبته حافي القدمين معدول الجلباب الأسود، ويقف أمام أهل القتيل حتى يعفو عنه أهل القتيل. وتابع: المدرسة الرابعة وهي أن يحمل القاتل الكفن ويسير وسط الرجال والقوات الأمنية التي تقوم بتأمين الجلسة، ويقدمه لأهل المقتول، ويبدأ بالمصافحة لكل منهم وتنتهي الخصومة، وهي الأكثر انتشارا في قنا ومحافظات الصعيد.