وكيلة اقتصادية الشيوخ: التسهيلات الضريبية الجديدة تدعم استقرار السياسات المالية    النائب محمد مصطفى: التسهيلات الضريبية الجديدة دفعة قوية للصناعة المصرية    النائب ناصر الضوى: الإصلاحات الضريبية الجديدة تدعم تحول الاقتصاد نحو الإنتاج والتشغيل    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    احفظها عندك.. مجموعات كأس العالم 2026 كاملة (إنفوجراف)    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    أحمد مجاهد ل العاشرة: شعار معرض الكتاب دعوة للقراءة ونجيب محفوظ شخصية العام    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    لارا أبوسريع تحصد الميدالية الذهبية في كأس مصر للجمباز    يورتشيتش يكشف عن قائمة بيراميدز لمواجهة بتروجت في قمة مؤجلة بالدوري الممتاز    تايكوندو - معتز عاصم يتوج بذهبية بطولة العالم تحت 21 عاما    كأس العالم 2026 – ساسي: سنتحد لصناعة التاريخ.. وهذه ميزة للنسخة المقبلة    الخارجية الفلسطينية تُرحب بقرار الأمم المتحدة بتمديد ولاية وكالة الأونروا    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    تطورات غزة تلقي بظلالها على إسرائيل: ضغوط داخلية وتحذيرات أمنية في القطاع    محامي ضحايا مدرسة "سيذر" يكشف تفاصيل إحالة القضية إلى النيابة العسكرية    رئيس لبنان: نعتمد خيار المفاوضات مع إسرائيل لوقف الأعمال العدائية    غرامة على إكس، معركة دبلوماسية بين أمريكا والاتحاد الأوروبي على المحتوى المضر    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    قارئ قرآن فجر نصر أكتوبر: «دولة التلاوة» يحتفي بالشيخ شبيب    المدير التنفيذي لمعرض الكتاب يوضح سبب اختيار شعار «ساعة بلا كتاب.. قرون من التأخر» للدورة المقبلة    لأول مرة.. زوجة مصطفى قمر تظهر معه في كليب "مش هاشوفك" ويطرح قريبا    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    حيلة سائق للتهرب من 22 مخالفة بسيارة الشركة تنتهي به خلف القضبان    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الأسبق: ما حدث بحق قحطان الشعبي حماقة.. وأجندات خارجية وراء الصراعات    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    الصين: نساعد في تحسين الوضع الإنساني في غزة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    مكاتب البريد تتيح إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية    بالأسعار، الإسكان تطرح أراضي استثمارية بالمدن الجديدة والصعيد    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    من بينهم ترامب.. 3 رؤساء حاضرون في قرعة كأس العالم    حافظوا على تاريخ أجدادكم الفراعنة    14ألف دولة تلاوة    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مواعيد مباريات الجمعة 6 ديسمبر 2025.. قرعة كأس العالم 2026 وبطولة العرب وقمة اليد    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد المهدى أستاذ الطب النفسى يكشف ل"الأهرام العربى" تفاصيل شخصية المصرى
نشر في بوابة الأهرام يوم 28 - 06 - 2012

الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، حاول من خلال دراسته الحديثة عن أهم صفات الشخصية المصرية أن يحيط ببعض سماتها لعله يتمكن من الوصول إلى بعض مفاتيحها، كما تقول مجلة "الأهرام العربي" في عددها الصادر اليوم الخميس، تقرير للزميلة شاهيناز العقباوى.
المصريون كما تكشف الدراسة لديهم قدرة هائلة على التكيف مع الظروف وهذه القدرة اكتسبوها من تاريخهم الطويل فى التعامل مع أنماط متعددة من الحكام والحكومات، ولديهم مرونة فى التعامل وقدرة على قبول الواقع وصبر على الظروف الضاغطة وأمل فى رحيل من يظلمهم فهم يراهنون دائماً على الزمن.
ولكن يتمكن المصرى من التكيف وتحمل ثقل الأمر الواقع ليستخدم النكتة والقفشة والسخرية سلاحاً يواجه به من فرض عليه هذه الأوضاع وهذه الوسيلة التى يلجأ إليها ليقوم بتفريغ طاقة الغضب بداخله، لذا نجد الحكام لا يضيقون بما يصدره الشعب من نكات سياسية، لأنهم يعرفون أن فى ذلك تفريغاً لطاقة الغضب لديهم.
المستشرق الفرنسى جاك باركن، أكد أن الفهلوة هى السلوك المميز للمصريين والذى مكن مصر من عدم الضياع، لكنه تسبب فى أن تخسر كثيراً، فالفهلوى فى علم النفس خفيف الظل والحركة يغرى الآخرين بالقدرة على تخليص الأمور الصعبة ولديه الرغبة فى حل الكثير من المشكلات المعقدة من خلال الطرق الخفية الخفية السريعة.
والفهلوى برغبته الدائمة على تأكيد الذات يشعر فى قرارة نفسه بالسخط على الأوضاع، ويتفرع من ذلك عدم الاعتراف بالسلطة أو الرئاسة والتنكر لها فى أعماق الشعور مع أنه فى الظاهر يبدى الخضوع ويستخدم عبارات فيها مبالغة شديدة للتفخيم، مثل «البيه والباشا».
ويرجع معظم المفكرين والباحثين هذا السلوك إلى العلاقة السلبية للمصريين بالسلطة على مر العصور حيث تعرض المصريون على طول تاريخهم لفترات استعمار واستبداد، مما كان يفوق قدرتهم على المقاومة والتغيير فى كثير من الأحيان، لذا تعلم المصرى أساليب التكيف والتحايل على المستعمر.
وبرغم أن المصرى فهلوى، وابن نكتة، فإنه شديد التدين حيث يبرز عنصر الدين فعالاً وأساسياً وشديد الأهمية فى الشخصية المصرية كما تكشف الدراسة وذلك نظراً لتراكم الخبرات الدينية من الأديان المختلف وتلاقيها وتناميها على أرض مصر، فعلاقة المصرى بالدين حساسة وغامضة، لكنها مركزية ومحورية فهم لا يخافون الإله بل يرجونه ولهذا نجد المناسبات والطقوس الدينية تتحول إلى احتفالات مبهجة مثل رؤية هلال رمضان والاحتفال بالمولد النبوى وبالإسراء والمعراج وغيرها.
حب المصريين للدين وتمسكهم به جعل فكرة المجتمع الأبوى تسيطر عليهم، وهى على المستوى السياسى والاجتماعى ترسخ لحكم الفرد لأنها تعطى الحاكم كل حقوق ومميزات الأب، وتضع الشعب فى موضع الأبناء الذين يحتاجون لرعاية الحاكم ووصايته وتوجيهه، وإذا حدث ومات الحاكم فإن الرعية تشعر باليتم الشديد! وتخرج خلفه بالملايين يبكون، كما حدث فى جنازة عبدالناصر مما أذهل العالم الغربى الذى لم يألف هذه العلاقة الأبوية بين الشعب وحاكمه.
المجتمع الأبوى والسلطة والمصريون من كثرة ما تعرضوا للاستعمار والاستبداد تعودوا أن يتعاملوا على أنهم رعايا لا مواطنين، فهم يكتفون ويرضون بلقمة العيش والوظيفة أياً كانت ولا يطمحون لحقوق المواطنة والكرامة والسيادة إلا فى المواقف التى يستقر فيها المستعمر الخارجى الكرامة الوطنية إلى درجة جارحة، هنا ينتفض المصريين لدفع هذا الاستعمار والثورة عليه.
وبرغم كل ما ذكرناه، فإن هناك حيرة فى توصيف الشعب المصرى، فالبعض يراه شعباً حزيناً امتلأ تراثه القديم بالبكائيات وآخرون يؤكدون أنه مرح حاضر النكتة يحب الاحتفال، ويبدو أن الشعب المصرى يتسم عموماً بالطبيعة العاطفية التى تميل إلى المبالغة فى الانفعالات والتعبير عنها، وهم محبون للحياة وعاشقون لها برغم كل الضغوط. النرجسية والثقافة السماعيه ويبدو المصرى برغم حزنه الشديد وفرحه المبالغ فيه نرجسى بطبعه، يغنى كثيراً لنفسه ولمصر ولا يرى فى الدنيا شيئاً آخر يستحق الاهتمام، وهذا التضخيم الذاتى يجعله بعيداً عن الواقع وغير قادر على رؤية أخطائه ومواطن ضعفه وقصوره، لذا فهو غير قادر على التعلم من خبرات الغير، ودائماً ما تتكرر صدماته، ولكنه يصر على نرجسيته فيفقد الكثير.
وثقافة المصرى فى أغلبها سماعية انطباعية انفعالية سطحية برغم تعدد الكتاب والمفكرين والمثقفين فإن عادة القراءة ضعيفة جداً لدى عموم المصريين، فمن النادر أن تجد الناس وهم جالسون فى وسائل المواصلات يقرأون كتباً فهم يستبدلونها بالجرائد، فالناس تفضل أن تسأل فى كل شىء وفى أى شىء ولا تقرأ وربما هذا يفسر ذلك الكم من الأسئلة الغريبة التى توجه لعلماء الدين والمتخصصين عبر الفضائيات، والتى تعكس عدم بذل السائل جهدا فى المعرفة عن طريق القراءة والبحث الشخصى.
ويفتقد المصرى حسب دراسة صفات شخصيته القدرة على العمل كفريق على الرغم من وجود كفاءات فردية متميزة فى كل المجالات، ولهذا نجد بطولات وإنجازات متعددة على المستوى الفردى، ففى مصر دائماً أزمة قيادة وإدارة، ومشكلة دائمة فى أى عمل جماعى يزيد أفراده على شخص واحد، ربما يرجع ذلك كما تؤكد الدراسة الغرام بالتفوق الفردى والبطولات الفردية والنجم الأوحد والزعيم، ذلك الذى يجعل همهم الانفراد بالمكانة والبحث عن الشهرة والمجد الفرديين بصرف النظر عن الإنجاز العام.
إذا تأملت النظام السياسى والإدارى فى كثير من المراحل التاريخية يخيل إليك أن مصر على وشك الضياع أو الانهيار أو الحرب الأهلية وهذا لا يحدث أبداً برغم قسوة الظروف واضطراب الإدارة والتفسير النفسى لذلك يرجع إلى وجود منظومة دينية وأخلاقية ومجتمعية عميقة ترسبت فى نفس المصرى عبر القرون، وشكلت حالة من النظام الداخلى والالتزام الشخصى الذى يتجاوز الظروف الخارجية.
ويحتل التفكير الخرافى مساحة كبيرة فى العقلية المصرية وهذا يرجع إلى العلاقة الملتبسة بالغيب، فنظراً لقدم الأديان على أرض مصر وتنوعها تشبع المصريون بأفكار مختلطة عن الغيب وتأثيره فى حياته، لذلك تتداخل الكثير من القوى غير المرئية فى حساباته.
لكن الشخصية المصرية بطبيعتها الزراعية تميل إلى التسامح، ففى البيئة الزراعية لا توجد حاجة ملحة للانضباط الصارم فالأخطاء تؤدى إلى كوارث لا يمكن تلافى آثارها دائماً يضاف إلى ذلك الطبيعية الدينية لهم، هذا فضلاً عن الارتباطات الأسرية والاجتماعية القوية التى تشجع دائماً على التسامح لا سيما بين الأهل والأصدقاء والجيران.
وربما تكون وفرة الطعام فى مراحل معينة فى تاريخ المصريين خلقت لديهم صفة الكرم فالنهر بما يفيض به من خيرات يعطى حالة من الطمأنينة للناس تشجعهم على الاتفاق دون خوف، وبرغم تغير الأحوال بالنسبة لجموع المصريين وحالة الشح التى يعيشها أغلبهم فإن صفة الكرم مازالت موجودة وقد تتحول عند البعض إلى حالة من البذخ.
وبطبعه لا يميل إلى التسلط أو العناد فهو أقرب للمرونة والمطاوعة وربما يؤكد ذلك انتشار كلمة «ماشى» على ألسنة المصريين وهى تعنى ميلهم للموافقة حتى لو كانت لديهم بعض التحفظات فهم دائماً قادرون على التجاوز والتساهل. فقد فرض النيل وما أرساه من طبيعة زراعية مستقرة على شاطئيه حالة من الاستقرار المعيشى جعلت المصريين يميلون إلى المحافظة عليها والتمسك بها.
وتعد صفة الصبر إحدى السمات الواضحة فى الشخصية المصرية، وهو يعنى احتمال الشىء الصعب على مضض وهو لدى المصريين مرتبط بالمفاهيم الدينية التى تعلى من قيمة الصبر وتعد الصابرون بالجنة. هنا توقفت الدراسة عن إحصاء صفات المصريين، لكنها لم تستطع أن تجمعها فالمصرى ليس متسامحاً صبوراً كريماً مطيعاً متديناً فهلوياً فحسب بل هناك صفات أخرى بعضها حسن أو أقبح لم تكتشف حتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.