أكد خبراء المصارف والتمويل أن استعادة مصر ومؤسساتها المالية لتصنيفها الائتماني مرتبط بستة عناصر أساسية لابد من تنفيذها، أهمها هيكلة هيئة الاستثمار وتزويدها بكفاءات "تكنوقراط"، بجانب إعادة تشكيل فرق طرق الأبواب بالخارج، وتدشين مشروع قومي للتدريب التحويلي. ويقول إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق، إن تخفيض سعر الصرف للعملات الأجنبية أمام الجنيه أو زيادته يتواءم مع الظروف الاقتصادية لكل دولة، فالدول التى لديها فائض بالاحتياطات من العملات الأجنبية يمكنها تخفيض سعر الصرف دون خوف من أى هزات بعملتها كالصين التى تحرص على تخفيض قيمة عملتها "اليوان" أمام العملات الدولية، بهدف زيادة الصادرات وجذب السياح. وأضاف: على عكس الصين تعانى مصر اختلالًا بميزان المدفوعات بسبب فاتورة الاستيراد المرتفعة، مما يجبر البنك المركزى على وضع قيود على تغطية الاعتمادات المستندية بالبنوك لتلبية احتياجات عملائها للاستيراد والحفاظ على حجم الاحتياطى من العملات الأجنبية عند مستوى محدد يمكنه من شراء، وتلبية احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية والخامات الأساسية للصناعة. وأضاف أن الاحتياطى من العملات يستخدم لشراء مستلزمات المواطنين من السلع الغذائية الأساسية والصناعية، إضافة إلى استخدامه كدرع نقدى واقٍ ضد التقلبات والمتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، مشيراً إلى أن حجم الاحتياطى كان قد وصل إلى 36 مليار دولار قبل بداية عام 2011 ثم تدهور تدريجياً على مدى ال16 شهرًا عقب حدوث ثورة 25 يناير إلى أن بدأ ينمى مجددًا لكن بمعدلات منخفضة خلال الشهرين الماضيين مما ينبئ، بتصاعده مرة أخرى مع استقرار الرؤى السياسية، وعودة الأمن ليترتب على ذلك انتعاش السياحة والصادرات وحصيلة المصريين العاملين فى الخارج وعودة الاستثمارات المباشرة لمصر. وأوضح أن التداعيات السلبية لثورة 25 يناير، أنها "طفشت" المستثمرين الأجانب إلى الخارج حيث ألغوا استثماراتهم فى أذون الخزانة والأوراق المالية وقاموا بتحويل ما لديهم من حصيلة البيع إلى الدولار ثم لاذوا بالفرار خارج مصر مما استنفذ الاحتياطات من العملات الأجنبية وأن الجدارة الائتمانية للاقتصاد والمصارف مرتبطة بعودة نشاط السياحة للاستثمارات الصادرات وايرادات العاملين بالخارج وقناة السويس، وكل تلك الموارد مجتمعة تساهم بإعادة تشكيل الاحتياطي لأكثر من 36 مليار دولار مرة أخرى فيتصاعد التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري. وأكد الدكتور سعيد توفيق، أستاذ الاستثمار والتمويل بتجارة عين شمس، أن عودة الجدارة الائتمانية للاقتصاد والمصارف المصرية مرتبط بإعادة هيكلة هيئة الاستثمار وتزويدها بكفاءات "تكنوقراط" قادرة علي إعداد قوائم من المشروعات الاستثمارية الأساسية وترويجها بين المستثمرين بالخارج، ويجب أن تكون تلك المشروعات بالبنية الأساسية والخدمات الرئيسية التي يحتاجها المواطنين بمشاركة الحكومة. وطالب بإعادة تشكيل فرق طرق الأبواب في الخارج علي أسس سليمة لتجوب بلدان العالم بفرص الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتنمية السياحية، أما ثالث العناصر فيتمثل في إعادة الترويج لتنشيط السياحي والمناطق السياحية الجذابة للسائحين بمصر، مضيفًا: رابع تلك العناصر ربط المساندة التصديرية التي تمنح للمصدرين بحجم القيمة المضافة بالسلع الصناعية المصدرة مع الوضع في الاعتبار إعفاء الشركات التي تحقق أرقامًا تصديرية عالية من الضرائب . وأوضح أن العنصر الخامس، فيتعلق بإنشاء وإعداد مشروع قومي للتدريب التحويلي وفقاً لمتطلبات أسواق العمل العربية والأجنبية حتي يمكن الوصول بعائدات المصريين العاملين بالخارج إلي 16 مليار دولار سنويًا كما هو مستهدف للعام الجاري، بجانب إعادة النظر بأسعار الصرف للعملات الأجنبية ويجب أن يتخلي البنك المركزي عن سياسة دعمه للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، ومن خلال تلك العناصر مجتمعة تعود الجدارة الائتمانية للاقتصاد والمؤسسات النقدية المصرية . وترى الدكتورة فائقة الرفاعى، وكيل محافظ البنك المركزى الأسبق، أن تقوية أو إضعاف قيمة العملة المحلية تحددها قوى العرض والطلب بالأسواق، فعندما يحجم البنك المركزى عن تلبية احتياجات البنوك من العملات الأجنبية، ترتفع أسعار تلك العملات بالسوق فتنخفض أسعار الجنيه، وهو أمر إجبارى أمام البنك المركزى ليس لديه خيار إزائه، لأن الاحتياطات من العملات الأولية وصلت الى مستوى غير آمن. وأضافت أن البنك المركزي مجبر على اتخاذ تلك الإجراءات رغم أن تخفيض قيمة الجنيه تحمل مساوئ جانبية أخرى تؤثر على حركة الاستيراد للسلع الاساسية..وهذه السياسة تعرف "بالتقويم المدار" لسعر الصرف، بل أنها ترى أن البنك المركزى ليس لديه حاليًا الخيار فى تخفيض سعر الصرف لأنه مجبر على الحفاظ على حجم الاحتياطى وإيقاف نزيفه وتدنى مستوياته عن ذلك. وأعربت عن تفاؤلها بعد انتخاب الرئيس الجديد متوقعة زيادة الاحتياطى بشكل ملحوظ خلال 3 أشهر بحد أقصى نتيجة زيادة إيرادات العاملين بالخارج ودخل قناة السويس، والصادرات، وقطاع الخدمات وجذب الاستثمارات وايرادات السياحة، ويجب على بعثات طرق الأبواب والمسئولين عن تنشيط السياحة ان تتحرك من الآن فى العالم الخارجى لبث رسالة حب وطمأنة الى السياح والمستثمرين لتجذبهم لمصر.