وسط حالة التضارب، التى يشهدها المجتمع المصرى ويراقبها العالم بأسره، حول تدهور صحة الرئيس السابق مبارك، التى تم على إثرها نقله إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادى.. توجهت "بوابة الأهرام" إلى الدكتور تامر فهمى، أستاذ مساعد الحالات الحرجة بكلية الطب بجامعة القاهرة، واستشارى اختلال ضربات القلب والجهاز التنفسى، ليفسر الاحتمالات المختلفة لما قد يكون حدث لمبارك منذ أمس الثلاثاء إلى اليوم. في البداية أكد الدكتور تامر فهمى أنه لا يمكن حسم موت مبارك إكلينيكيا، إلا بعد مرور 48 ساعة من إصابته بتوقف فى عضلة القلب، والأرجح أن يكون مبارك أصيب بجلطة شديدة أثرت على المركز الرئيسى للقلب، أو إنه تم إعطاؤه أدوية سيولة شديدة أثرت على التنفس، وهاتان هما الحالتان اللتان تتوقف خلالهما عضلة القلب، التى تستدعى تعرضه لجهاز الصدمات الكهربائية، وإذا لم يستجب يكون بذلك قد مات إكينيكيًا. وحول ما تردد بشأن تحسن حالة مبارك ورفع أجهزة التنفس الصناعى عنه قال د. فهمى، إنه لا يمكن أن يتم رفع أجهزة التنفس عن مريض فى مثل حالة مبارك، إلا إذا كان قد مات بالفعل، وتوقف قلبه، كما أنه لا يمكن حدوث تحسن لمثل حالته إلا بعد مرور 24 ساعة من وقت حدوث هذا التدهور، وهناك احتمال آخر أن ما تردد من قبل بشأن وضعه على التنفس الصناعي كان من بدايته "تمثيلية". وأضاف فهمى فى تصريح خاص ل"بوابة الأهرام"، أن مبارك يعانى الذبذبة الأذينية، وفى هذه الحالة يكون الأذين متوقفا عن الحركة، لافتًا إلى أن هناك حالات تستطيع العيش مع معاناتها من حالة "رفرفة" الأذين، لكن الخطر يكمن فى عملية توقف القلب عن "تقليب" الدم فى الأذين بشكل جيد، ويكون بذلك الجسم عُرضة لحدوث تجلطات فى الأذين، ولتجنب منع حدوث جلطات، يتم إعطاء المريض حقن "هيبارين" فى الحالات الحادة، أو أقراص "ماريفان" فى حالة وجود ارتفاع فى ضغط الدم. وتوقع استشارى اختلال ضربات القلب والجهاز التنفسى، إصابة مبارك بجلطة، إذا لم يكن يخضع لتحاليل سيولة بشكل دورى، مع احتمالية إصابة مبارك ب"جليطات" صغيرة داخل الأذين، نتيجة للحالة النفسية السيئة التى يمر بها، والتى تؤثر بنسبة كبيرة على تطور حالته، ومع ارتفاع ضغط الدم تذهب هذه الجلطات الى البُطين، ومنه إلى المخ. وأضاف أنه إذا كانت الجلطة التى تعرض لها مبارك صغيرة، فلن يكون لها تأثير سلبى كبير، لكنها ستؤدى فى الغالب الى دخول المريض فى غيبوبة، علمًا بأن90% ممن يدخلون فى غيبوبة بهذا الشكل، لا يتوقف قلبهم عن العمل. وبخبرته فى هذا التخصص يتوقع د. فهمي أن يكون مبارك قد أصيب بذبذة بطينية، تطلبت تعرضه لصدمات كهربائية، وفى الغالب، لم يستجب مخه أو وظائف الوعى لديه، وهذا يرجع للوقت الذى تم استغراقه فى إنعاش القلب والوظائف الأساسية الخاصة بالقلب والتنفس. وأكد الدكتور تامر فهمى، وجود حلقة مفقودة فى حالة مبارك لم يتم الإفصاح عنها حتى الآن، لافتا إلى إنه من الوارد أن يفقد مبارك الوعى، لكن توقف قلبه بعد إصابته بجلطة بالمخ تعد نقطة "مبهمة"، حيث إن ذلك لا يحدث إلا فى حالة دخول المريض فى غيبوبة شديدة، ولكنها لن تؤدى أيضًا إلى توقف عضلة القلب، علما بأن وظائف المخ والأعضاء الأساسية للجسم لا تزال تعمل. وبناء على ذلك يرجح د. فهمى أن يكون مبارك قد أصيب بجلطة شديدة أثرت على المركز الرئيسى للقلب، أو أنه قد تم إعطاؤه أدوية سيولة شديدة أثرت على التنفس، وهاتان هما الحالتان اللتان تتوقف خلالهما عضلة القلب. وعرّف أستاذ الحالات الحرجة بجامعة القاهرة، مصطلح "الموت الإكلينيكى" بأنه توقف الوظائف العليا للمخ والمسئولة عن درجة الوعى والإدراك، مع استمرار عمل الوظائف الأساسية المسئولة عن وظائف التنفس والقلب، لكنها ليست كافية لاستمرار الحياة. وأوضح أن قلب الإنسان لا يمكن أن يعيش بدون ضربات أو نبض، لكنه يستطيع الحياة بدون تنفس ووظائف التنفس تعود للعمل بشكل طبيعى بعد 48 ساعة. وأكد أنه لا يمكن الجزم بموت المريض إكلينيكيا إلا بعد مرور 48 ساعة على تدهور حالة المخ. ولفت الدكتور تامر فهمى، إلى وجود 3 مستويات من تأثر المخ، وتكون درجة وعى وإدراك المريض فى المستوى الأول غائبة تمامًا، لكن مع استمرار الوظائف الأساسية التى تقوم بتشغيل القلب والتنفس، وتكون كافية لاستمرار الحياة ولا تحتاج إلى أية وسائل مساعدة خارجية مثل أجهزة التنفس الصناعى. أما المستوى الثانى فيكون هناك تأثر فى وظائف الوعى والإدراك الكبرى والصغرى "جذع المخ"، ويكون التنفس فى هذه الحالة متأثرا، لكن لايزال القلب ينبض، مضيفًا: "أتوقع أن تكون هذه هى الحالة التى يمر بها مبارك الآن كما يدعى الأطباء المعالجون له". والمستوى الثالث والأخير لتأثر المخ، أن يكون المريض فى حالة إدراك تام، لكن حدث توقف فى نبض القلب والتنفس، ويتم وضعه على أجهزة التنفس، ولكنه يكون إجراء شكلى ولمدة محدودة للغاية، لأن المريض فى هذه الحالة لن يعود للحياة مرة أخرى، ولن يستمر وضعه على الأجهزة تجنبًا لإصابة الجثة بالتعفن، بعد توقف جميع أجهزة الجسم.. ويتوقع د. فهمى أن يكون مبارك على مشارف هذه المرحلة.