أنور عبدربه يكتب: فضفضة على الورق ** بدأ العد التنازلي لانطلاق النسخة ال32 لبطولة كأس الأمم الإفريقية التي تستضيفها أرض الكنانة مصر للمرة الخامسة في تاريخها، بمشاركة 24 منتخبًا للمرة الأولى، وفى توقيت جديد لم يحدث من قبل.. فبعد أن كانت تقام شتاءً خلال شهري يناير وفبراير، ها هي تقام صيفًا خلال شهري يونيو ويوليو. هذا التغيير في الموعد من الشتاء إلى الصيف، وزيادة عدد المنتخبات من 16 إلى 24 منتخبًا، وأيضًا تولي مصر مهمة التنظيم بدلًا من الكاميرون.. كلها مؤشرات قد تتراوح سلبًا وإيجابًا، ولكنني أتمنى أن تؤدي في نهاية المطاف إلى نجاح مصر في التنظيم.. ويقيني أن الضوء الأخضر الذي أعطته الحكومة المصرية بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتوفير كل ما تحتاجه هذه البطولة من منشآت وملاعب وفنادق واتصالات ومواصلات وطرق وغيرها، سيسهم في إخراج هذه النسخة في أبهى صورها، لنقول للعالم كله إن مصر التاريخ والحضارة هي حضن الأمن والأمان لكل أبناء القارة السمراء، هذا من ناحية التنظيم واستقبال الوفود المشاركة وتسكينها وتوفير كل احتياجاتها؛ سواء في أماكن إقامتها أو ملاعب تدريبها أو أثناء المباريات.. ولا يساورني أدنى شك في أن مصر بكوادرها الفنية قادرة على استيعاب هذا العرس الإفريقي، لنثبت مجددًا أننا كنا ومازلنا "نمبر وان" في القارة الإفريقية، وقادرون على إبهار الجميع بما نمتلكه من خبرات في تنظيم البطولات. هذا عن الجانب المتعلق بالتنظيم، فماذا عن الجانب الفني المتعلق بمنتخب مصر واستعداده وتشكيله وقدرته على المنافسة؟ في ظل وجود كل هذا العدد من المنتخبات القوية التي يتطلع كل منها للفوز باللقب، وهي تطلعات مشروعة تمامًا.. فهل يمكن تجاهل قوة المغرب أو الجزائر أو الكاميرون "حامل اللقب" أو السنغال أو كوت ديفوار أو نيجيريا أو غيرها من المنتخبات الطموحة؟! رأيي أن مجموعة مصر التي تضم زيمبابويوأوغنداوالكونغو الديمقراطية، تعتبر في المتناول، ولا أقول سهلة أو صعبة، وإنما لابد أن أستند إلى لقاءات مصر السابقة مع كل منها حتى يمكنني إعطاء مؤشر لما يمكن أن يحدث عند مواجهة هذه المنتخبات، فقد واجه منتخب مصر منتخب الكونغو 11 مرة، وفاز في 7 وتعادل في 3 وخسر مباراة واحدة، كما واجه منتخب أوغندا 20 مرة وفاز 15 مرة وتعادل 3 مرات وخسر مرتين فقط، وأمام منتخب زيمبابوي، لعب منتخبنا 14 مباراة فاز في 8 منها وتعادل في 4 وخسر مرتين. هذا هو الموقف التاريخي لمواجهات مصر مع هذه المنتخبات، وهو ما قد يعني ببساطة إمكان تجاوزنا الدور الأول بسهولة، ولكن متى كان التاريخ حكمًا وحيدًا على المستويات والنتائج؟! وإذا كنا نردد دائمًا مقولة إن الأرض تلعب مع أصحابها، فإن الأمر لم يعد كذلك في السنوات الأخيرة، بدليل أن منتخبنا الوطني نفسه فاز بالبطولة أكثر من مرة خارج أرضه، وكذلك فعلت منتخبات الكاميرون وغانا وكوت ديفوار وغيرها؛ ولهذا علينا ألا نركن إلى هذه المقولة الخادعة؛ بل علينا أن ننساها تمامًا أو على الأقل نتناساها، مع تسليمنا بأن الجماهير الغفيرة كفيلة بأن تحرك الصخر، فهى اللاعب رقم 12 القادر على شحن بطاريات اللاعبين وإلهاب حماسهم لانتزاع الكأس الثامنة في تاريخنا الكروي الإفريقي. وعلى أية حال، فإن الأرقام تؤكد أنه على امتداد تاريخ هذه البطولة، كانت منتخبات الشمال الإفريقي هي صاحبة اليد الطولى في عدد مرات الفوز بالبطولة (عشر مرات)، ويأتي في مقدمتها منتخب مصر برصيد 7 ألقاب، ولقب واحد لكل من المغرب والجزائر وتونس، وأن منتخبات غرب إفريقيا هي المنافس الأول للشمال الإفريقى برصيد 9 ألقاب منها 4 لغانا و3 لنيجيريا ولقبان لكوت ديفوار، بينما لم تفز منتخبات وسط إفريقيا إلا بثمانية ألقاب؛ منها 5 للكاميرون و2 للكونغو الديمقراطية ولقب واحد للكونغو برازافيل، أما منتخبات شرق القارة ففازت مرتين فقط، إحداهما للسودان والأخرى لإثيوبيا، كما فازت منتخبات جنوب القارة ببطولتين فقط أيضًا إحداهما لزامبيا والأخرى لمنتخب جنوب إفريقيا. فنيًا.. أتصور أن هناك أكثر من منتخب في أفضل حالاته، وفي المقدمة السنغال والمغرب والكاميرونونيجيريا، ولا يمكن إغفال قوة الجزائر وكوت ديفوار وغانا.. لهذا أرى بطولة مصر واحدة من أصعب نسخ هذه البطولة الإفريقية على الإطلاق؛ لأنها تأتي في توقيت ارتفعت فيه مستويات الكرة الإفريقية بصورة لافتة.. كل ما أتمناه برغم بعض الملاحظات الفنية التى لا يجدي الخوض فيها في هذا التوقيت أن يوفق الله منتخبنا ليكتمل نجاحنا التنظيمي بالفوز بكأس البطولة بمشيئة الله.. قولوا يارب.