هاهي الليالي العشر الأخيرة من الشهر الكريم تبدأ بكل ماتحمله لنا من خيرات ومنح ربانية؛ سواء على هيئة ثواب يتضاعف ويتضاعف, أو رقاب تعتق من النار, أو عفو ومغفرة لنا, فكيف ندرك كل هذا الخير في هذه الأيام؟ ماهي العشر الأواخر العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك هي أيّامٌ عظيمةٌ ولياليها ليالٍ مباركة، وهي أفضل عشر ليال للعبادة والعمل الصالح، تبدأ من ليلة 21 رمضان حتى ليلة 30 رمضان إذا كان الشهر كاملا. وممّا يدلّ على الفضل العظيم لهذه الأيام العشر ما ورد في صحيح مسلمٍ عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يجتهدُ في العشرِ الأواخرِ ما لا يجتهدُ في غيرِه) فعلى الرّغم من أنّه صلى الله عليه وسلم لا ينام قلبه ولا يغفل عن ذكر الله مطلقاً، إلّا أنّه كان يزيد من الطاعة في هذه الليالي لما فيها من بركةٍ، وأجرٍ وفضلٍ كبير, و كان عليه الصلاة والسلام لا يتركُ الاعتكاف في المسجد في تلك الليالي المباركة قط كما ذكر عنه الصحابة الكرام، ومن بعده كانت أمّهات المؤمنين لا يتركن الاعتكاف أيضاً. كما أنّه صلى الله عليه وسلم لم يكن يقوم الليل وحده؛ إذ إنّه كان يحثّ أزواجه أيضاً على قيام تلك الليالي المباركة، فقد قالت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أيضاً: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجَدَّ وشدَّ المئزر)، وهذا كي ينالهم جميعا الأجر والثواب العظيم. ماذا نفعل فيها؟ ولأننا جميعا نطمع في خير وثواب هذه الأيام والليالي العشر, فعلينا الزيادة من العبادة والطاعة وفعل الخير فيها, وهذه بعض الأعمال فيها: إحياء لياليها بصلاة القيام وقراءة القرآن وذكر الله, فالوقوف بين يدي الله بخشوع في هذه الليالي له حلاوة خاصة. أن يوقظ كل منا أهله كما كان يفعل نبينا, ويجلسون معا يتلون القرآن ويذكرون الله, فما أجمل مشاركة الخير في هذه الليالي. محاولة الانشغال بالطاعة والعبادة على قدر المستطاع خلال هذه الأيام حتى ولو بذكر الله, فذلك يتيح للنفس أن تصفو وتقترب من خالقها بحب. إذا أمكن الاعتكاف بالمسجد بقدر المستطاع فهذا له ثواب كبير، وهذا ما ينبغي الحرص عليه كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم , وفيه ستستشعر حلاوة الانقطاع لله والبعد عمن سواه. ما أجمل الأكثار من قراءة القرآن الكريم وتلاوته بتدبر وخشوع خلال هذه الليالي المباركة وتخيل كم الحسنات التي ستنالها مع كل حرف تقرأه في كتاب الله. وما أروع أن ترفع يديك بالدعاء في هذه الليالي الساحرة بكل خيرها وبركتها،وباذن الله لن يرد يديك خائبة. وخلال هذه الأيام فلنكثر من الصدقات ودفع الزكاة ونزيد من صلة الأرحام والطاعات والإحسان إلى الفقراء والمساكين، ونكثر من الندم والتوبة والاستغفار, ولنبتعد عن الغيبة والنميمة وعن كل مايغضب الله. فلندعو الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه العشر الأواخر من رمضان فرصة لمن أحسن في أول الشهر أن يزاد، ولمن أساء أن يستدرك ما فاته؛ ويغتنم هذه الأيام العشر في كل ما يقربه من المولى عز وجل.