تمتلك مصر وجنوب إفريقيا رؤية مشتركة في قضايا مكافحة الإرهاب والعنف والتطرف، والتنمية المتكاملة في إفريقيا وضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي، فهذه الرؤية المُشتركة تؤكد أن السلام والأمن في القارة مرتبطان بصورة لا تنفصل عن تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، وأن أفضل الطرق تأثيراً لضمان الاستقرار الدائم هو تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، ذلك في الوقت الذي يُمثل فيه الأمن والسلم شرطين ضروريين لنمو أسرع وأكثر شمولاً. ويأتي عام 2019 لتتولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي خلال عام 2019، وهو نفس العام الذي تبدأ فيه جنوب إفريقيا شغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي للمرة الثالثة في تاريخها للفترة 2019- 2020. وهو ما يسمح بدور أكثر تأثيراً للدولتين على الساحة الدولية عبر تعميق التعاون والتنسيق بينهما لتحقيق المصالح الإفريقية والسعي لتحقيق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 ورؤيتها حول إفريقيا متكاملة مزدهرة وسلمية. وفي عام 2020، تتولى جنوب إفريقيا رئاسة الاتحاد الإفريقي، وهو ما سيسمح باستمرار العمل والتعاون بين الدولتين لتحقيق مصالح الشعوب الإفريقية. العلاقات السياسية بعد 2011 شهدت العلاقات بين البلدين تطورات كبيرة بعد ثورة يناير 2011 في مصر في العديد من المراحل خلال تلك الفترة الوجيزة، خاصة في الفترة بين ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، ومرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو، وكذلك خلال المرحلة الانتقالية وعقب الانتخابات الرئاسية المصرية في مايو 2014. لقد شهدت مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011 جموداً مؤقتاً في العلاقات بين الدولتين على خلفية موقف جنوب إفريقيا من تطورات الأوضاع الداخلية في مصر، وعلى الرغم من ذلك، جاءت زيارة إبراهيم إبراهيم نائب وزير الخارجية الجنوب إفريقية في مارس 2012، ليتم التعبير عن استعداد جنوب إفريقيا لتبادل خبرتها في عملية وضع الدستور في مصر. وتم عقد أول لقاء رئاسي بين البلدين على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في يوليو 2012، ثم في مايو 2013 في أديس أبابا. كما شاركت مصر في قمة بريكس التي عُقدت في ديربان - جنوب إفريقيا في مارس 2013، وتم خلال الزيارة المُشاركة في اجتماع رؤساء دول مبادرة نيباد للبنية التحتية في إفريقيا، ومنتدى رؤساء دول تجمع بريكس. في المقابل لم ترد جنوب إفريقيا على دعوة مصر في أكتوبر 2012 بعقد الدورة التاسعة للجنة المشتركة بالقاهرة عام 2013، أو على الدعوة الموجهة للرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما لزيارة القاهرة، والتي تم تسليمها للجانب الجنوب إفريقي في ديسمبر 2012. العلاقات السياسية بعد ثورة 30 يونيو عقب ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013، لم تكن طبيعة الأحداث التي شهدتها مصر واضحة لدى الجانب الجنوب إفريقي، في المقابل، اتسم رد الفعل المصري بالهدوء، وأوفدت مصر السفير إبراهيم علي حسن مبعوثاً رئاسياً إلى جنوب إفريقيا لشرح الموقف حيث استقبلته وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية في يوليو 2013. واستأنفت الدولتان تعاونهما المعتاد سريعاً، حيث تعددت الزيارات المُتبادلة بين الدولتين، ومن بينها زيارة الدكتور سيابونجا كويلى، المبعوث الرئاسي الجنوب إفريقي ووزير أمن الدولة على رأس وفد حكومي إلى القاهرة في فبراير 2014 حاملاً رسالة من الرئيس السابق جاكوب زوما إلى الرئيس المصري في الفترة الانتقالية المستشار عدلي منصور، وتضمنت الرسالة الإعراب عن التضامن مع الشعب المصري؛ وهي الفترة التي شهدت طرح وزارة الاتصالات الجنوب إفريقية رؤية إستراتيجية للتعاون في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات تتأسس على مشروع ممر القاهرة- كيب تاون لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الهادف إلى مد شبكة الألياف الضوئية بموازاة الطريق البري القاهرة - كيب تاون. كما تضمنت رسالة رئيس جنوب إفريقيا السابق جاكوب زوما دعم بلاده لخارطة الطريق وإدانة الأعمال الإرهابية التي واجه الشعب المصري، كما أتاحت الزيارة فرصة للمبعوث الجنوب إفريقي للتعرف على حقيقة التطورات في مصر، والتيقن من أن الشعب المصري عازم على إكمال المسار الذي اختاره لمستقبله، وذلك لنقل صورة واضحة إلى القيادات الجنوب إفريقية. كما شارك جيف راديبي وزير شئون الرئاسة في جنوب إفريقيا في حفل تنصيب الرئيس السيسي في يونيو. كما حرص الجانب الجنوب إفريقي على أن يلتقي الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما، على هامش الشق رفيع المستوى للدورة (70) للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر 2014، وهو اللقاء الذي تم فيه توجيه الدعوة لسامح شكري وزير الخارجية لزيارة جنوب إفريقيا رسمياً. وفي أكتوبر 2014، قامت مايتي ماشاباني، وزيرة خارجية جنوب إفريقيا آنذاك، بزيارة مصر ولقاء سامح شكري وزير الخارجية المصري، حيث تم التأكيد على أهمية تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات بما يُحقق مصالح البلدين، كما تناول اللقاء تبادل الآراء حول الأوضاع في القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط، كما سلمت السيدة ماشاباني رسالة من الرئيس السابق جاكوب زوما إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي. قمم رئاسية بين البلدين شهدت العلاقات السياسية بين الدولتين طفرة إيجابية ملحوظة منذ 2014 كان من أبرز ملامح تلك التطورات الإيجابية اللقاءات الثنائية بين ممثلي الدولتين، والتي بدأت بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما في عدة لقاءات، كان أولهما على هامش الشق رفيع المستوى للدورة (70) للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر 2014. ثم جاءت زيارة الرئيس جاكوب زوما إلى القاهرة بناءً على الدعوة الموجهة من الرئيس عبدالفتاح السيسي في إبريل 2015، وكانت الزيارة الأولى للرئيس الجنوب إفريقي منذ عام 2011، علماً بأن آخر زيارة رئاسية جنوب إفريقية إلى القاهرة كانت للرئيس السابق زوما في أكتوبر 2010. كما التقى الرئيسان في موسكو- روسيا في مايو 2015 على هامش احتفالات روسيا بالذكرى السبعين للانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية. كما شارك رئيس مجلس الوزراء الأسبق المهندس إبراهيم محلب في الدورة العادية رقم 25 للقمة الإفريقية في جوهانسبرج- جنوب إفريقيا في يونيو 2015. كما شارك رئيس مجلس الوزراء السابق المهندس شريف إسماعيل بقمة منتدى الصين إفريقيا في جوهانسبرج- جنوب إفريقيا في ديسمبر 2015، كما شاركت وزيرة التعاون الدولي سحر نصر نيابة عن رئيس الوزراء في المنتدى الاقتصادي العالمي لإفريقيا في يونيو 2015. كما التقى سامح شكري وزير الخارجية المصري، بماييتي ماشاباني، وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية السابقة عدة مرات، منها على هامش الدورة (70) للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2014، وكذا في مؤتمر إعادة إعمار غزة في القاهرة في 12 أكتوبر 2015، وخلال زيارة الرئيس السابق جاكوب زوما إلى القاهرة في إبريل 2015، وعلى هامش أعمال قمة الاتحاد الإفريقي في جوهانسبرج- جنوب إفريقيا في يونيو 2015، وكذلك على هامش أعمال قمة منتدى الصين - إفريقيا في جوهانسبرج خلال ديسمبر 2015. كما أعربت بريتوريا خلال عام 2015 عن رغبتها في عقد الدورة التاسعة للجنة المشتركة بين البلدين، حيث كانت الدورة الثامنة للجنة المشتركة قد انعقدت برئاسة وزيري خارجية البلدين في بريتوريا في مارس 2010. شهدت الفترة 2014- 2018 زيارة عدد من الوفود المصرية إلى جنوب إفريقيا كان من بينها زيارة المهندس شريف إسماعيل رئيس وزراء مصر السابق، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات الإستراتيجية، لرئاسة وفد مصر في اجتماعات بريكس في جوهانسبرج في يوليو 2018، إضافة إلى زيارة وزير البحث العلمي السابق إلى بريتوريا في فبراير 2015، وكذلك زيارة وفد حكومي من مركز الانتاج الأنظف، ومن اتحاد الصناعات المصري إلى بريتوريا في ديسمبر 2015، فضلاً عن زيارتي وفد مصر من اللجنة العليا للانتخابات في 2012، 2018، ووفد من وزارة العدل ومجلس الدولة والمجتمع المدني إلى بريتوريا في 2014، إضافة إلى عدد من الزيارات الأخرى لوزراء النقل والكهرباء والاستثمار والتعاون الدولي، إضافة إلى زيارة وفد الهيئة المصرية الوطنية للانتخابات إلى مفوضية الانتخابات الجنوب إفريقية المستقلة في سبتمبر 2018. كما ناقشت لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب المصري خلال اجتماعها في نوفمبر 2018، مع سفير دولة جنوب إفريقيا في القاهرة فوسى مافبيلا، سبل الارتقاء بالعلاقات المصرية مع جنوب إفريقيا، خاصة على صعيد التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والسياحية والزراعية، بالإضافة إلى بحث القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك والتي تعكس تطابق رؤى الدولتين، وقد أعرب السفير مافبيلا عن سعي جنوب إفريقيا لتعزيز العلاقات ما بين البلدين، ومواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين إزاء مختلف القضايا لمواجهة التحديات الراهنة. التبادل التجاري لا يعكس حجم التبادل التجاري بين مصر وجنوب إفريقيا تاريخ وحجم العلاقات بين الدولتين، فهو يدور في الحدود الطبيعية مع بعض التغيرات الطفيفة التي لا تتناسب مع قدرات البلدين الاقتصادية والتجارية، ويصب الميزان التجاري في صالح جنوب إفريقيا بشكل أكبر. ويُمكن بشكل عام الإشارة إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين على مدى الأعوام الخمسة 2013/ 2017، من 132,3 مليون دولار في عام 2013 إلى نحو 151,2 مليون دولار في عام 2014، ثم 188,8 مليون دولار في عام 2015 و266,3 مليون دولار في عام 2016 ، مع زيادة أكبر في عام 2017، حيث وصل التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي 314,7 مليون دولار بنسبة زيادة بلغت نحو 17.5%.